عرض العناصر حسب علامة : التهميش في سورية

الحراك، والبنية الطبقية للمجتمع السوري

يتغنى البعض بالحراك الشعبي في سورية الذي رصدت فضائيات المال حتى عشراته المنتفضين في أقاصي الريف السوري، ويعدون هذا دليلاً على اتساعه بطريقة صورية، تقوم على اعتبار أن الحراك قد شمل جميع المحافظات السورية وحتى قراها التي لم يرصدها الإعلام الرسمي المتخلف سابقاً في أي من مناسباته الرسمية..
لم يحاكم هؤلاء الحراك العفوي في سورية بموضوعية، فاتساعه من اتساع موطن ولادته وهو الريف السوري الواسع، حيث يولد من رحم الريف ويحمل من سمات البنية الفلاحية الكثير، وهو ما يجعل التوسع الجغرافي متناقضاً مع التوسع النوعي، فعلى الرغم أن مستوى التأزم للنموذج السوري السابق والحالي المتمثل بالنظام السوري، وبنيته قد أصبحت متناقضة ومعيقة لتطور كافة الفئات والشرائح الاجتماعية في سورية، إلا أن هذا لا يبعدنا عن استنتاج الطابع الرئيسي للحركة الشعبية، لا بل يجعله ضرورة لتحديد سماتها والنظر بعين موضوعية نقدية لاستعصاءاتها وآفاق تطورها.

من دمّر منظومة القيم الاخلاقية؟

جرائم القتل، الاغتصاب، السرقات، الدعارة، وتعاطي المخدرات، وغيرها من الانحرافات القيميّة ومظاهر الشذوذ الاجتماعي، باتت قضايا شبه يومية في مدينة القامشلي، وهذا التهتك الأخلاقي، وبهذا المستوى كمّاً ونوعاً في أية بلدة أو قرية، ذو دلالات خطيرة بلا شك، ولكن هذه الدلالات في مدينة كالقامشلي تحديداً تنطوي على معنى خاص، وهذه الخصوصية تنبع من مكونات البنية الأخلاقية، التي يغلب عليها الطابع الريفي حيث تلعب قوة الردع الاجتماعية  دورا كبيرا في تكون نسق القيم الأخلاقية، يضاف إلى ذلك أن هذه المدينة معروف عنها أنها إحدى المراكز البارزة للنشاط السياسي والثقافي على مستوى البلاد، ومن هنا كان القول إن الانحدار الملفت للنظر في سلم القيم الاجتماعية، مؤشر على تكوّن بنية أخلاقية جديدة تزيح شيئا فشيئا العناصر الإيجابية في المنظومة الأخلاقية المتوارثة تعكسها حوادث وسلوكيات باتت شبه يومية..

المراهنون الجدد... والهاوية!

يراهن الذين ما انفكوا يسومون المجتمعات والدول استغلالاً وتجويعاً وحرماناً وتهميشاً، على صمت الناس وخوفهم وقبولهم صاغرين بالأمر الواقع، ولا يعبأ هؤلاء المتمادون في غيِّهم بما يضمر الخائفون اللائذون بالصمت، طالما أن معظمهم يقبّلون الأيدي التي تصفعهم حقيقة أو مجازاً، حتى وإن كانوا في سرهم يدعون عليها بالكسر!!