عصام حوج
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
خرجت حقيقة وجود طرفين «متراجع - متقدم» في الصراع الدولي، من دائرة التحليل السياسي، والتنبؤ، وأصبحت واقعاً عيانياُ ملموساً، حيث باتت هذه الحقيقة تظهرعلى جميع الجبهات الساخنة في عالم اليوم، وتنعكس في عدم إمكانية الطرف المتراجع« الأمريكي» على الإجابة على الأسئلة التي يطرحها الواقع الموضوعي على جدول الأعمال، مع الانخفاض المستمر في قدراته على التحكم بمسار الأحداث من جهة، ومحاولة الطرف المتقدم« الروسي» ملء الفراغ الناشى من جهة أخرى، وتقدمه المستمر.
طال الاستقطاب السياسي الحاد في الأزمة السورية، والتشويش الإعلامي المكمل له، كل جوانب الوضع السوري، بما فيه تقييم الدور الروسي في هذه الأزمة، منذ آذار 2011، وحتى أولى تحليقات «سوخوي»..
بات الفضاء الجغرافي السياسي الممتد، من قزوين إلى شمال افريقيا، في ظل الفوضى السائدة، ساحة مفتوحة على احتمالات شتى، حيث باتت أغلب الكيانات والدول والشعوب ومختلف البنى أمام تحديات تاريخية ذات طابع وجودي.
أعطى لزوجته السم لقتل أطفاله الستة، فأعطت زوجته السم لأبنائها وفارقوا الحياة بعد ربع ساعة، وبعد وفاة أبنائه، أقدم هو وزوجته على الانتحار خارج المبنى العسكري الذي كان يقيم فيه، وفارقوا الحياة؟!
تلك كانت النهاية التراجيدية، لوزير الدعاية النازية «بول جوزيف غوبلز» بعد أن أصبح الجيش الأحمر على أبواب برلين، وهو صاحب مقولة «كلما سمعت كلمة ثقافة، تحسست مسدسي».. و «اكذب، اكذب، اكذب، حتى يصدقك الناس»
هذا الرجل بآرائه و سلوكه، يكثف موقف النازية من عملية المعرفة والثقافة عموماً، ودور وسائل الإعلام ووظيفتها وأدواتها، وتعكس في الوقت ذاته بؤس الحالة النفسية للمهزوم ورد فعله المحتمل..
لعب ويلعب قانون «الفعل ورد الفعل» دوراً رئيسياً في استفحال ظاهرة التطرف عالمياً، حيث يتحول أي حدث ذات نزعة متطرفة إلى مادة دعائية إعلامية، ليفعل فعل «الدومينو»، في الانتقال من رقعة جغرافية إلى أخرى، ومن هدف إلى آخر.
كما في السياسة، وكما في الاقتصاد، يظهر الاستعلاء الرسمي الغربي أيضاً في التعاطي مع ثقافات شعوب العالم، حيث يرى المتابع أن المؤسسات الغربية بادرت وتبادر إلى استدراج التطرف الآخر واستيلاده ليتجلى في بعده الروحي ذي التأثير المركب، بعد أن همّشت بلدان الأطراف اقتصادياً، وحاولت مصادرة قرارها السياسي، ناهيك عن دور شكل التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في هذه البلدان وما تمخض عنه من بؤس وفقر وحرمان وكبت.
تعتبر السياسة في إحدى جوانبها فن ثنائية «الضرورة والإمكانية»، الضرورة بمعنى، ما يجب أن يكون، والممكن في هذا السياق هو ما يمكن تحقيقه في الظرف الملموس للوصول إلى ما هو ضروري.
أكثر ما يمكن أن ينال من أهمية ذكرى تاريخية لها مكانة متميّزة في الوعي البشري، هو تحويلها إلى مجرد طقس احتفالي، أو أغنية، أو قصيدة، أو خطاب، أو مقال.. دون أن يترافق ذلك مع الارتقاء إلى مستوى الحدث المعني، ودون تمثله، قولاً وفعلاً، والأهم دون العمل على استكمال رسالته في الظرف الراهن، ناهيك عن العمل بما يؤدي إلى عكس تلك الرسالة ودلالاتها ومعانيها واستحقاقاتها التاريخية الجديدة.
تطرح مشكلة تفشي ظاهرة القتل، والتوحش والسادية، على امتداد خريطة العالم، السؤال عن ماهية البنية النفسية، والمنظومة القيمية التي تستمد منها مثل هذه الممارسات، ليفتح الباب عريضاً أمام جملة تساؤلات عن أسباب غياب ما هو انساني في العلاقة بين البشر، لصالح ما هو غير إنساني، عن استفحال ظواهر الاغتراب، والقلق الوجودي، والعدمية، عن تفشي النزعات المحلية، والانتماءات الضيقة، وغيرها من الظواهر التي تخالف اتجاه التطور الحضاري الموضوعي الذي من المفترض أن يتجه نحو الأمان والاستقرار والاندماج الطوعي، والعقلنة، والتكامل، والانتماء إلى الجماعة تعبيراً عن تمايز الانسان عن الكائنات الأخرى باعتباره كائناً اجتماعياً، و بما يكسر البنى التقليدية باعتبارها تنتمي بمقاييس التطور الزمنية إلى مراحل سابقة.
مشهد 1 / اللعب على الحبال، ظاهرة من ظواهر مرضية عديدة في المشهد السياسي السوري، البعض يقول الشيء، ويعمل بعكسه، حيث تسمع من يرطن بخطاب في أقصى درجات الحدة، يتجاور فيه الاستفزاز، والاتهام، والتخوين، والتعميم.. لمصلحة طرف، وبشيء من التدقيق، نجد أن موقفه العملي وسلوكه يتطابقان مع مصالح الطرف الآخر الخصم، ونتيجة الموقفين كليهما واحدة، تقودنا إلى المأزق ذاته، لافرق هنا إن كان يدرك ذلك أو لا يدرك، فالأمور في حقل علم الاجتماع السياسي كما في غيره من العلوم تقاس بمآلاتها، وليس بالنوايا.
تعتبر طريقة قراءة التاريخ إحدى جوانب الحرب الإعلامية في إطار الحرب الشاملة الدائرة في عالم اليوم، بين الجديد والقديم، بين ما هو كائن وما يجب أن يكون، بين إبراز الجوانب النيّرة في التاريخ، أو التذكير بالصفحات القاتمة المصبوغة بالدم، بالتركيز على المشتركات بين الجنس البشري، أو التركيز على الأحداث الدامية التي شهدتها بعض مراحل التاريخ في إطار الصراع على الثروة والسلطة، التي قدمها لنا مزورو التاريخ على أنه صراع «حضاري» بين قوميات ومذاهب وأديان،