اشتداد الطائفية سيؤدي لنفيها!

اشتداد الطائفية سيؤدي لنفيها!

يتصاعد بشكل ملموس وسريع، خطابٌ وطني جامع يرفض الطائفية ويرفض توظيفها سياسياً، ويرفض الخراب الذي تنتجه. ولا يقتصر الرفض على نخبٍ فكرية أو سياسية أو دينية، بل ويمتد إلى أوساط اجتماعية واسعة من مختلف الأديان والطوائف والقوميات في سورية، بل إنه يشمل شخصيات عديدة استخدمت خلال السنوات الـ14 الماضية الخطاب الطائفي بوصفه واحداً من أدواتها في محاولة احتلال موقعٍ وازن على الخريطة السياسية للبلاد.

تفسير هذه الظاهرة هو أمرٌ مهم للغاية في فهم المشهد السوري الحالي، وما يمكن أن يؤول إليه مع الوقت، خاصة على مستوى الاصطفافات السياسية؛ فالخطاب الطائفي المضمر أو حتى المعلن في سورية خلال عقد ونصف مضى، كان يجري استخدامه كجزء من الصراع السياسي الداخلي بين مشروعين يتنافسان بشكل أو بآخر على السلطة، وهي ليست المرة الأولى في تاريخ البلاد التي يجري فيها استخدام الخطاب الطائفي ضمن هذه الغاية.
مع ذلك، فإن وحدة البلاد وبقاءها لم يكونا مهددين كما هو الأمر اليوم، ولم يصل الخطاب الطائفي إلى ممارسة مباشرة واسعة النطاق، وعارية من التغطية السياسية، كما وصل في أيامنا هذه.
ولما وصل الأمر هذا الحد، لم يعد الخطاب الطائفي أمراً «محدود الأذى»، يمكن لمن يستخدمه أن يفلت بشيء من الوزن السياسي المفترض على أساسه؛ بات الخطر محدقاً وكارثياً ويطال الجميع، ويطال البلاد بأسرها...
في ظرفٍ كالذي نعيشه، يصحو كثيرون من وهم استخدام الطائفية في السياسة، وينضمون إلى جماهير أوسع فأوسع، ترى في الخطاب الطائفي دماراً للذات، وللبلاد وأهلها؛ ما يفتح الباب أمام تحولٍ تاريخي قد نضج تماماً، وهو التحول نحو تبني المواطنة المتساوية بكل ما تحمله من معنى، والتي تساوي بين السوريين في الحقوق والواجبات، وتتعامل معهم كإخوة وكأبناء لبلد واحد.
ولأن لكل أزمة وكارثة جانبها الإيجابي، فإن الجانب الإيجابي في ما نعيشه اليوم من خراب، هو أنه يفتح الباب، ربما للمرة الأولى في التاريخ السوري، لحل جذري ومتكامل لمفهوم الانتماء الوطني الجامع، والذي يجمع تحته التيارات الشعبية الثلاثة الأساسية: اليساري-الماركسي، والقومي، والديني، في إطار واحد، هو الإطار الوطني الجامع، ويُحوّل العداوات المصطنعة عبر عقود بين هذه التيارات، إلى تنافسٍ سياسي على خدمة سورية والسوريين، وعلى أساس برامج حقيقية، اقتصادية-اجتماعية وديمقراطية ووطنية، وليس على أساس عداءات أيديولوجية أو أسوأ من ذلك على أساس عداءات طائفية وقومية ودينية...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1237