السلم الأهلي و«الموجة الثالثة»
برز خلال الأسبوع الماضي عددٌ من حالات التوتر الأمني في مناطق متفرقة من البلاد، ضمن ما يمكن أن نسميه «الموجة الثالثة» من محاولات تفجير السلم الأهلي منذ فرار بشار الأسد.
الموجة الأولى تم ربطها باعتداءٍ على أحد المقامات الدينية، والثانية ترافقت مع شائعات كثيفة حول العودة المزعومة لماهر الأسد.
الموجتان الأولى والثانية كانتا محدودتين مكانياً وزمانياً؛ بحيث بدأت كل منهما ووصلت ذروتها ثم انتهت خلال أقل من 48 ساعة.
الموجة الثالثة، التي بدأت قبل أسبوع تقريباً، تختلف بشكلٍ جدي عن الموجتين السابقتين، وتمتاز بالتالي:
أولاً: أحداثٌ متعددةٌ مختلفة الأحجام، متزامنة ومتلاحقة، وفي عدة أماكن من البلاد.
ثانياً: تجري بشكلٍ يومي، ودون انقطاع، بحيث يبقى الوضع متوتراً بشكلٍ دائم، وتزداد حماوته يوماً وراء يوم.
ثالثاً: يجري استثمارٌ سياسي كثيفٌ ومباشر في الأحداث، وخاصة من قبل الصهيوني الذي يتاجر بالمسائل الطائفية بشكلٍ يومي.
رابعاً: تظهر بشكلٍ أكبر بداءات تنظيم أعلى لعمليات الفوضى.
ما العمل؟
أولاً: التفكير بالتعامل مع الفوضى ومحاولات التخريب باستخدام «عقلية أمنية» بحتة، لا يمكن أن يقدم أي حلول حقيقية، وعلى العكس يمكنه أن يفاقم المخاطر والتهديدات.
ثانياً: ينبغي «سد الذرائع» في وجه من يدفعون الأمور باتجاه الفوضى، عبر تحقيق مشاركة سياسية حقيقية لكل أطياف وقوى الشعب السوري السياسية والاجتماعية، بما يعالج المخاوف والهواجس، سواء المحقة منها، أو تلك التي يجري تضخيمها.
ثالثاً: ينبغي إغلاق الثغرات التي يتسرب منها أعداء الخارج، وعلى رأسها الوضع الاقتصادي الاجتماعي الكارثي. وهذا لا يمكن السير به جدياً دون الانتهاء من أي تعويلٍ على رفع العقوبات الغربية في أي وقت قريب. وعوضاً عن ذلك، الاستناد إلى الموارد المحلية وإلى تسريع التفاهمات السياسية اللازمة لاستكمال توحيد البلاد، بالتوازي مع العمل مع الدول التي لها مصلحة حقيقية في استقرار البلاد.
رابعاً: ينبغي أيضاً التراجع عن السياسات الخاطئة وغير المفهومة في الفصل الجماعي للموظفين من مختلف القطاعات، والتي تخلق جواً شديد السلبية في البلاد، وتزيد من معاناة عدد كبير من السوريين، وتفتح ثغرات كبرى لتسلل كل من لا يريد خيراً بالبلاد وأهلها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- -