عرّفْ ما يلي: الجيش الوطني
رفض يوسف العظمة قرار الملك فيصل بحل الجيش السوري، ورأى في حينه أن الاحتلال الفرنسي يشكل تهديداً حقيقياً لوحدة البلاد التي كانت تتشكل في تلك المرحلة، وأدرك العظمة أن هناك شعوراً وطنياً ورابطاً يجمع بين السوريين، ولهذا لاقى قرارُه بمقاومة جيش الفرنسيين إقبالاً شديداً في جميع أصقاع سورية، وهبّ الشباب للتطوع ضمن صفوف الجيش الناشئ. أدرك يوسف العظمة أن معركة ميسلون خاسرة بالمعنى العسكري، لكنه كان على يقين بأنّ هذه الخسارة ستتحول مع الوقت إلى نصر سياسي عظيم الأثر على مستقبل البلاد، وهذا ما حصل بالفعل؛ فنشأت في سورية بذرة جيش وطني قام على أساس فكرة وطنية جامعة، وكانت أولى معاركه هي مقاومة محتلٍّ أجنبي.
بعد الاستقلال، كان الجيش السوري، إضافة للقطاع العام، مِن أهم نقاط الالتقاء بين السوريين مِن مختلف مناطق سورية وتنويعاتها، ولعب دوراً أساسياً في بناء روابط قوية بينهم على المستوى الوطني، حتى أن كثيراً من السوريين اعتادوا أن يصفوا الصداقات التي كونوها خلال خدمتهم الإلزامية بأنها أهم صداقات كونوها خلال أعمارهم، وبقيت معهم حتى نهاية حياتهم، ويمكن للجيل الشاب أن يسأل الأجيال الأكبر عمراً ويسمعوا منهم القصص الكثيرة عن هذا الأمر.
من جهة ثانية، فإن الجيش السوري ما بعد الاستقلال، ولمرحلة مهمة من تاريخ سورية، كان مكوناً بشكلٍ أساسي من فقراء الشعب السوري، وأعطاه هذا التركيب طبيعة محددة جعلته أقرب إلى عموم السوريين، وذلك قبل أن يدمر النظام الساقط هذه العلاقة عبر زج الجيش في مواجهة الشعب، ويدمر معها الجيش نفسه...
ما هي الفكرة الجامعة لإعادة بناء جيشنا الوطني؟
يجري الحديث اليوم عن توحيد الفصائل في سورية بوصفه حجر الأساس في بناء جيش وطني، وإنْ كانت هذه المهمة ضرورية وإلزامية، إلاّ أنّها لا تكفي وحدها؛ فنحن بحاجة لأهداف جامعة، لفكرة جامعة، تكون هي الأساس في عملية بناء الجيش الوطني.
يمكن القول إن إعادة توحيد البلاد هي واحدة من أهم تلك الأهداف، فبعد سنوات من فصل مناطق سورية عن بعضها بعضاً، نلمس اليوم رغبة الجميع بإزالة الحواجز المؤقتة، ويمكن أن يكون الجيش جسراً أساسياً في هذه المهمة. من جهة ثانية لا يمكن أن يكون هناك جيش وطني ما لم يقم هذا الجيش على أساس ضرورة استعادة أراضينا المحتلة والدفاع عن حدود البلد على أساس أن يستعد أولاً للمعركة، ويظهر نفسه كحامٍ لاستقلالنا، أما الفكرة الجامعة الأخيرة فهي أن يقوم الجيش على أساس أنه الحامي للشعب لا للنظام، وأن يكون مستقلاً عن العمل السياسي يقف محايداً بالنسبة لجميع الأطراف السياسية، ويكون تعهده الأساسي هو الدفاع عن أبناء البلد وعن خياراتهم السياسية الجامعة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- -