شو «طائفة الأغلبية»؟؟!
يكثر في هذه الأثناء الحديث عن الأكثرية والأقلية، وهناك إقبال شديد على الإحصاء! ولا يمر يوم إلا ويسمع الواحد منا فكرةً من هذا النوع. لكن إذا نزلنا إلى الشوارع في سورية من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، نرى أن هناك درجة عالية من التشابه في ملامح الناس، وإذا أمعنا النظر أكثر في الوجوه، وتحديداً في أماكن الازدحام ومواقف الباصات، نكاد نشعر أننا ننظر إلى وجوهنا نفسها في المرآة... فما هو هذا الرابط العجيب بين هؤلاء كلّهم؟ إنّه سوء التغذية! فالفقر يتحوّل إلى قناع يغطي وجوه الناس، ويوحد ملامحهم وثيابهم، ففي سورية نجح بشار الأسد ونظامه في توحيد السوريين جميعاً تحت خط الفقر، ليتحوّل أكثر من 90% منهم إلى «طائفة» واحدة وهي «طائفة سوء التغذية».
هناك أشكال مختلفة لتقسيم الناس وتصنيفهم؛ الشكل البسيط هو فصلهم على أساس دياناتهم وطوائفهم وقومياتهم، لكن ظروف حياة الناس ومعاناتهم وطموحاتهم تؤكّد أن في سورية «طائفتين» الأولى: هي الفقراء والساعين وراء لقمة عيشهم. أما الثانية: فتضم أولئك الذين ينهبون الفئة الأولى ويعتاشون على دمائها وتعبها.
إدراك الأغلبية المفقرة لذلك يفرض عليهم توحيد صفوفهم والدفاع المشترك عن حياة كريمة، لكن المشكلة أنه بدلاً عن ذلك يجري إقناعهم بأنّهم أعداء، وأن ما يجمع بينهم لا يتعدى بقعة من الأرض حشروا فيها حشراً، وهذا تحديداً ما حاول بشار الأسد الهارب زرعه في عقول الناس لعقود، فلو أدرك السوريون أن لصوص النظام كانوا ينهبونهم جميعاً دون تمييز فيما بينهم لأداروا بنادقهم إلى صدور اللصوص، بدلاً من صدور الفقراء أشباههم في الخنادق المقابلة. وإن فكرنا بالموضوع أكثر قليلاً، لتبين لنا أن ترسيخ الطائفية كان مسألة ضرورية لبشار الأسد ليغطي على فساده وفساد من حوله، وسلوكٌ كهذا لم يكن يوماً حكراً على بشار الأسد دون غيره، بل كان أداة استخدمت كثيراً في التاريخ، وبأشكال متعددة، لتحقيق أعلى معدّل من النهب وتعطيل قدرة الناس على المقاومة واسترداد حقوقها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1213