إعلام الكيان يُقيّم وقف إطلاق النار في غزة بأنه: هزيمة...
بعد أقل من شهرين على دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الكيان وحزب الله حيّز التنفيذ، يفترض أن يبدأ صباح اليوم الأحد، 19 كانون الثاني، سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي يصادف يوماً واحداً قبل استلام الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب. وهنا يمكن التنويه إلى أن وجهات النظر تتفاوت حول ما إذا كانت إدارة بايدن الخارجة من البيت الأبيض، أو إدارة ترامب القادمة إليه هي المسؤولة عن الاتفاق، في حين يبدو من الواضح أن المسؤول الفعلي هو إدارة ترامب بطبيعة الحال.
بدأت ردود الأفعال تجاه الاتفاق بالتدفق منذ إعلان الوصول إلى اتفاق قبل أيام، وكما نظرنا في مادة سابقة في ردود الأفعال تجاه الاتفاق مع حزب الله، سننظر هنا في أمثلة عن ردود الأفعال في إعلام الكيان تجاه هذا الاتفاق الأخير مع حماس.
نشر موقع «هآرتس» مقالاً في 14 كانون الثاني، قال فيه: «ستضطر إسرائيل إلى قبول الاتفاق الجارية بلورته على مضض. وكما شككنا منذ البداية، لا يضمن الاتفاق القضاء على حُكم «حماس»، على الرغم من وعود نتنياهو ووزرائه. إن الحاجة إلى إنقاذ 50 مخطوفاً حياً قبل أن يموتوا في الأنفاق، معناه التخلي عن الهدف المعلن للحرب، التدمير الكامل لحكم «حماس». ولا شك في أن «حماس» ستستغل إطلاق سراح هذا العدد الكبير من الأسرى من أجل تحصين موقعها وسط الجمهور الفلسطيني، وفي الضفة الغربية. فالانسحاب من نتساريم، ثم في المرحلة الأولى، الانسحاب بصورة جزئية من محور فيلادلفيا، سيُقيّدان سيطرة الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة. ولا يضمن الاتفاق رقابة حقيقية على حركة السكان الفلسطينيين العائدين إلى شمال القطاع. هذه التنازلات كلها فرضها ترامب، وهي مطلوبة أيضاً من أجل البدء بإعادة المخطوفين إلى منازلهم، الأحياء منهم والأموات. إنه ثمن باهظ، لكن يبدو أن لا مفرّ منه... في الواقع، وعلى الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبّدتها «حماس»، فإنه من الواضح أن العملية لم تؤدّ إلى نتيجة حاسمة. المعارك في جباليا تراجعت، ويُفترض أنه بقيَت هناك عشرات عدة من «المخربين» الناشطين، وعدد مشابه لا يزال ناشطاً في بيت حانون، لكن على الرغم من ذلك، فإنهم نجحوا في تكبيد الجيش خسائر جسيمة نسبياً، وعلى ما يبدو، يستخدم «المخربون» أنفاقاً لم يُكشف عنها بعد، ويعتمدون على كميات من الغذاء والسلع التي خزّنتها «حماس» في الأنفاق شهوراً طويلة».
يقول مقال نشره موقع «معهد دراسات الأمن القومي» في 16 كانون الثاني، «هذا الاتفاق لتحرير الرهائن يجب أن يُقَر، كما يجب الالتزام به بأثمانه كلها، على الرغم من العذاب النفسي وصرير الأسنان اللذَين سيرافقان تنفيذه؛ ذلك لأن تحرير الرهائن هو واجب من الدرجة الأولى، ومن الأمور المهمة بالنسبة إلى إسرائيل ومواطنيها الذين جرى التخلي عنهم مرة تلو الأُخرى، وانتهاء المفاوضات هو فقط دليل على ذلك. إن مغزى الاتفاق واضح: إسرائيل لم «تقضِ» على «حماس»، لأنها لم تكن قادرة على فعل ذلك أبداً. كما أن رفْضها استخدام الطريقة الوحيدة التي تحتوي على فرصة لإيجاد بديل للتنظيم «الإرهابي» في غزة، وإصرارها على استخدام القوة والمزيد من القوة لأسباب سياسية، والبقاء الشخصي، وقِصَر النظر الشديد، كلها أمور تؤكد هذه الحقيقة البسيطة... لقد جرى إنهاك الجيش الإسرائيلي بمهمات لم يكن لها أي تأثير في شروط إنهاء الحرب، كما ضعفت مكانة إسرائيل الدولية بصورة كبيرة. هذا كله لم يُغير الحقيقة الأساسية، وزاد من تأثير تعافي التنظيم «الإرهابي» الذي ستخرج قيادته المستقبلية من السجن، حتى لو طُردوا إلى شتى أنحاء الشرق الأوسط. ولا جدوى من التلويح بالإنجازات الحقيقية والمهمة للمنظومة في الشمال؛ العمليات الحاسمة، وعملية البيجر، وضرب المنظومة النارية لحزب الله، واغتيال نصر الله. وقد كان في الإمكان التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة في أيار الماضي».
يقول مقال نشره موقع «يديعوت أحرونوت» في 16 كانون الثاني، «ما أخرجنا من لبنان متأخرين 18 عاماً هو الثمن، نحو 700 قتيل، ونحو ألف جريح، وعدد غير معروف من المقاتلين، ومليارات أنفقت في الدفاع طارت في السماء، وتحولت إلى رذاذ من الحجارة والغبار مع الانسحاب. وهذا ما أدى أيضاً إلى اتفاقات وقف إطلاق النار في حرب الاستنزاف، ثلاث سنوات، و367 قتيلاً، وألف جريح، وعدد غير معروف من المقاتلين. مليارات أنفقت في الدفاع، بما في ذلك خط بارليف الذي انهار بعد ذلك بقليل. ثلاث سنوات انتهت بوقف إطلاق النار، وفي أحسن الأحوال بالتعادل، وفي أسوأ الأحوال، من مسافة زمنية ــ ليس حتى ذلك. في نقطة زمنية معينة، والتي ليس من الممكن تحديدها بدقة دائماً، يصبح الثمن باهظاً. مباراة تلو الأخرى. هذه ليست أربع مجموعات متشرذمة، هذه ليست هزيمة يسارية، ولا هروب أطفال مدللين من تل أبيب. إنها ببساطة لا تطاق، وتصبح لا تطاق أكثر مع تعمق الفهم المحزن بأن النصر الكامل، أو القضاء على حماس، كما يقول الدمية الجديدة في وزارة الدفاع، ليس أكثر من حلم بعيد المنال. بما في ذلك توجيه وزير الدفاع للجيش الإسرائيلي بإعداد خطط لاحتلال غزة. احتلال غزة؟ ألم تكن هنا منذ عام ونصف؟ احتلال غزة، والقضاء على حماس؟ دون أن يدرك أنه سيكون هناك دائماً عمود آخر، ونفق آخر، وجبل آخر من الأسلحة هناك، ليرسل أفضل أبنائنا لتسلقه، ويترك 98 رهينة يدفعون الثمن، على الأقل حتى الليلة الماضية... ومن المحزن أن نفكر أنه في نهاية المطاف فإن ما سيعيد المختطفين إلى ديارهم والجنود إلى عائلاتهم، كما آمل، ليس القرارات التي اتخذت بأي حال من الأحوال في القدس، بل الضغوط القادمة من واشنطن».
نشرت صحيفة «هآرتس» في 16 كانون الثاني، مقالاً ورد فيه: «على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها إدارة بايدن، فقد تم تسجيل الاتفاق باسم ترامب. وبذلك، فإن الإرث الذي سيبقى من هذا الاتفاق والمسار المتعب، هو أنه من دون تهديد وضغط من جانب الرئيس المنتخَب، لم يكن هذا الاتفاق ليصل أصلاً إلى نقطة النهاية... يبدو أن التعبير الفارغ الذي أطلقه ترامب «أبواب الجحيم ستُفتح» ... هو ما حرك المفتاح السحري، وأرغم نتنياهو على أن يوافق على الصفقة. وهي الصفقة نفسها التي طرحها الرئيس بايدن على طاولته قبل أشهر طويلة... على الرغم من أنه لن تقوم في الولايات المتحدة لجنة تحقيق لفحص كيف تم التعامل مع حرب غزة، فإنه يبدو أن الإدارتين تفهمان الآن خلاصة واحدة حادة وواضحة: «إسرائيل لا تفهم إلاّ القوة» ... ترامب يرث الآن خريطة مركّبة وخطِرة للشرق الأوسط. صحيح أنه نجح في تطبيق جزء مهم من «صفقة القرن» عندما وقّع «الاتفاقيات الإبراهيمية»، لكنه يعود إلى نقطة الصفر في ما يخص الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي كله، وبعكس بايدن وبلينكن، فإن ترامب لم يطرح حتى الآن خطة عمل واقعية على صعيد القضايا التكتيكية الفورية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى رؤيته والاستراتيجية التي ينوي تطبيقها من أجل ترتيب إدارة غزة، والدفع بمسار سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين، أو بالنسبة إلى التطبيع بين السعودية وإسرائيل. ومن المثير للاهتمام رؤية كيف يُريد أن يتغلب على مطالب الرياض، التي تريد خطة لحل القضية الفلسطينية، تتضمن أفقاً سياسياً على أساس حل الدولتين في مقابل هذا التطبيع. والآن يجب الانتظار، ورؤية إذا كانت مقولة «فتح أبواب الجحيم» ستتحول عنده إلى استراتيجية ثابتة، حتى في أكثر القضايا حساسية، أم إذا كانت استعمالاً لمرة واحدة».
قال مقال نشره موقع «معاريف» الإخباري في 16 كانون الثاني: «فرح اليمين في إسرائيل عندما فاز دونالد ترامب في انتخابات 2024 لرئاسة الولايات المتحدة، وقال: إن العلاقات مع إسرائيل ستكون أكثر قرباً، وأفضل مما كانت عليه في فترة إدارة جو بايدن. ولمّح موظفو نتنياهو إلى أن ترامب يمكن أن يأمر بعملية عسكرية مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة ضد المنشآت النووية في إيران، أو على الأقل لن يعارض، كبايدن، هجوماً إسرائيلياً... وتأثير ترامب في اتفاق تحرير المخطوفين، ووقف الحرب في غزة، هو مؤشر إلى ما سيأتي، ويمكن أن يخيب أمل مَن ينتظر إطلاق حرّية اليد الإسرائيلية في المنطقة... يظهر ترامب وكأنه رجل سلام؛ فهو يريد إنهاء الحروب، ولا يريد حروباً جديدة، كما يريد التركيز على المسائل الداخلية، والقيام بإصلاحات مهمة في الإدارة في مجالات كالهجرة، والأمن، والحدود، والرقابة، والصناعة، والضرائب، والصحة، والتعليم، والبيئة. وفي المسائل الخارجية، فهو، كاللذَين سبقاه، أوباما وبايدن، يريد التركيز على الصراع مع الصين. هذه هي الأسباب الأساسية التي من أجلها يتطلع إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا وفي منطقتنا، ولا يريد أن يعرقل الشرق الأوسط مخططات أكثر أهمية بالنسبة إليه، سواء داخل الولايات المتحدة، أو في العالم. ولذلك، فقد طلب من نتنياهو إنهاء الحرب في غزة، والمحافظة على وقف إطلاق النار في لبنان... إن حكومة نتنياهو الحالية غير قادرة على التعاون مع ترامب في المسائل الإقليمية، ويمكن أن يجد نتنياهو نفسه بين مطرقة ترامب وسندان اليمين الإسرائيلي، فالحسابات الائتلافية لا تهم ترامب، وسيضطر نتنياهو إلى مواجهتها، وإلاّ فسيجد نفسه على مسار تصادُمي مع ترامب».
وقال مقال آخر نشره موقع «معاريف» الإخباري في 17 كانون الثاني: «يجب أن نتساءل: ما الذي كان يمكن أن يحدث لولا التأييد السياسي للولايات المتحدة لإسرائيل؟ ... إسرائيل هي دولة متطرفة، إمّا أن تكون معنا وإمّا ضدنا. ألا يوجد حل وسط؟ بالتأكيد يوجد، وإذا أردتم دليلاً، فإنه دونالد ترامب، العائد إلى واشنطن، والرئيس الـ 45 والـ 47. منذ وقت، وضعوا في إسرائيل التاج على رأسه؛ عالم كامل من التوقعات والآمال، وإيران، والضم، و«حماس» وحزب الله، وقالوا: إنه هو الذي سيكبح أعداءنا، ويسمح لنا بأن نفعل ما نشاء. لكن هذا لن يحدث، فقد أدلى، وهو في طريقه إلى البيت الأبيض، بتصريحات، وقام بخطوات أخرجت الهواء الساخن من هذا البالون، ويجب أن نعتاد على هذا الأمر».
نشر موقع «يديعوت أحرونوت» مقالاً يوم 18 كانون الثاني، قال كاتبه: «لقد بدأت الحرب على أبواب غزة، وستنتهي على أبواب غزة (نعم، في وقت كتابة هذه السطور، تكافح الصهيونية الدينية ومنظمة أوتزما يهوديت لاستئناف القتال بعد المرحلة الأولى من صفقة الرهائن. وفي النهاية، هناك شخص واحد سيقرر، وهذا الشخص لا يجلس في القدس، بل في البيت الأبيض). وفي النهاية، السؤال البسيط هو: من انتصر؟ هل انتصرنا؟ ... سؤال أولي– من انتصر في حرب يوم الغفران؟ من وجهة نظر عسكرية بحتة، انتصرت إسرائيل– في نهاية الحرب كنا أقرب إلى القاهرة ودمشق مما كنا عليه عشية الحرب، لقد قتلنا من أعدائنا أكثر مما قتلوا منا. ظاهرياً انتصرنا... في الحرب، الفائز ليس من يقتل أكثر، بل من يغزو المزيد من الأراضي. الفائز هو من يحقق أهدافه. وقد حققت مصر هدفها الأولي، وهو إثبات أنها قادرة على عبور القناة وضرب إسرائيل، وبعد بضع سنوات حققت هدفها الرئيسي– استعادة شبه جزيرة سيناء... والآن؟ لقد هُزمت إسرائيل في السابع من تشرين الأول... عندما يتذكر الجهاديون، كارهو إسرائيل، السابع من تشرين الأول، فسوف يحتفلون، وسوف تحزن إسرائيل. وهذا، بالمناسبة، مؤشر آخر على من انتصر».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1210