أنظار السوريين معلّقة على الشمال الشرقي!
يكاد لا يمر أي حديث سياسي دون أن يتطرق لما يجري في الشمال الشرقي السوري والسيناريوهات المحتملة لتطور الأمور هناك. وفي الحقيقة، يعكس هذا الاهتمام إحساس السوريين بحرصهم على إعادة توحيد بلادهم، بعد أن استمرت تقسيمات الأمر الواقع لسنوات، والأهم: أن هذا الاهتمام ينطلق من فكرة جوهرية هي الرغبة بحقن الدماء والبحث عن توافقات.
إذا نظرنا بشكلٍ واقعي لما يجري مؤخراً في ملف المفاوضات المستمرة بين الإدارة المؤقتة الجديدة في دمشق والإدارة الذاتية في الشمال الشرقي، نرى أن معالجة هذا الملف يمكن فقط من خلال أحد احتمالين؛ الأول: يكون باستخدام القوة، وهو خيار يعرف السوريون مرارته وكوارثه، ويعلمون أنه سيجلب بالضرورة مزيداً من الدمار والتدخلات الخارجية. الثاني: فهو عبر توافق متين يتبلور بالجلوس حول طاولة حوار بين الأطراف السورية كلها، لبحث شكل مستقبل سورية الجديدة، ولتكون للسوريين كلهم.
قد يظن البعض أن التوافق يعني نهاية تجربة الإدارة الذاتية، لكن إذا وقفنا قليلاً أمام هذه الفكرة تبين لنا أن هذه التجربة هي في الحقيقة ملكٌ للسوريين كلهم، بحسناتها وسيئاتها، وأن الوصول إلى توافق يعني فعلياً «تأميم التجربة» لصالح السوريين كلهم؛ ففي سورية، وأثناء السنوات العجاف التي مرّت، أنتج السوريون العديد من التجارب في إدارة شؤون مناطقهم، ولم تكن الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي هي الوحيدة، بل كانت هناك تجربة في الشمال الغربي، وتجربة أخرى في السويداء، وتجارب مختلفة في درعا، وعلى هذا الأساس يمكننا اليوم أن نصهر هذه التجارب كلّها ونفصلها عن الأخطاء التي تخللتها، لتكون بمجموعها درساً لنا جميعاً، نستفيد منه عبر الحوار، لإعادة بناء سورية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1210