وعي الفرصة التاريخية

وعي الفرصة التاريخية

تتفق الحكمة الصينية الشعبية المتجسدة ضمن اللغة الصينية مع حقيقة أنّ كل أزمة هي في الوقت نفسه كارثة وفرصة، مع الوقائع التاريخية والسياسية وحتى المالية. وتصبح أكثر جوهرية في المراحل الانتقالية الكبرى التي تعيشها البشرية، كما في المرحلة التي نعيشها حالياً.

وعي الفرصة التاريخية ليس بالأمر الهيّن؛ فهو يتطلب فهماً عميقاً للواقع القائم، وقدرةً على استشراف المستقبل واتجاهات تطوره، وفوق هذا وذاك، فهو يتطلب إرادةً قويةً لاغتنام الفرصة، وقدرةً على تحمل عواقب الخروج عن المعتاد، الذي يتحول البقاء تحت قوانينه الخطر الأكبر في مراحل التحولات الكبرى.
ما يجري على الساحة الفلسطينية بشكل خاص، وطريقة تفاعل مختلف الدول والقوى معه، هو مثالٌ حيٌ على كيف يمكن اغتنام الفرصة التاريخية وتسخيرها، وكيف يمكن فقدان الفرصة والوقوع في المحظور والمخاطر المترتبة على الوقوف على أرضٍ تهزها زلازل التغيير الكبرى دون أي احتياطات وأي إجراءات عملية.
القوى التي تقف مع القضية الفلسطينية، تزداد وزناً وتأثيراً وحضوراً. القوى الواقفة ضد فلسطين تشترك في خسائرها مع خسائر الأمريكان والصهاينة، السياسية والشعبية والإعلامية وحتى الاقتصادية والمالية.
القوى التي تقف بين بين، تلحقها الخسائر أحياناً بشكلٍ مضاعف، حتى أكثر من القوى التي اختارت الاصطفاف ضد القضية الفلسطينية؛ فهي لا تخسر فقط على المستوى المحلي الشعبي، بل وتصبح عرضة للابتزاز الغربي المستمر وخاصة اقتصادياً، وفي إطار موقفها المائع، تذهب نحو تقديم تنازلات متلاحقة، لا يجري طلبها غربياً حتى من القوى الخاضعة نهائياً للمعسكر الغربي...
وعي الفرصة التاريخية، رغم آلام لحظة الانتقال، هو السبيل الوحيد لإنهاء درب الآلام من جهة، ولفتح الباب أمام مستقبل مستقل ومختلف نوعياً نحو الأفضل على كل المستويات...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1174