محاولات فرض قيادة على الحراك... تحولت إلى نكتة!

محاولات فرض قيادة على الحراك... تحولت إلى نكتة!

يتابع السوريون في كل مناطق البلاد وخارجها، ما يجري من تطورات ضمن بدايات الموجة الجديدة من الحركة الشعبية، ليس في السويداء فقط، بل وأيضاً في درعا والجزيرة وغيرهما من الأماكن.

ورغم المتابعة الحثيثة، إلا أنّ قدراً غير قليل من تفاصيل ما يجري تغيب عن الشبكات الإخبارية، إما لأنّ وزن تلك التفاصيل أقل من أن يجذب الانتباه من وجهة نظر تلك الشبكات، أو لأنها ببساطة لا تريد إظهار تلك التفاصيل، لسبب أو لآخر.
بين التفاصيل التي لم تحظ بتغطية واسعة خلال الأسبوع الماضي في السويداء - ولعل من الجيد، ومن المحق أنها لم تحظ بتغطية واسعة- صدور حزمة من البيانات يدّعي مصدروها تمثيلهم للحراك، تارة تحت مسمى «هيئة سياسية»، وأخرى تحت مسمى «مجلس سياسي أعلى»، وثالثة ورابعة وخامسة وتحت أسماء متعددة.
الطريف في المسألة، هو أنّه ومع إصدار كل جهةٍ لبيانها «رقم 1» بوصفها «مجلس قيادة الثورة»، كانت تظهر في اليوم التالي مباشرة، وأحياناً في اليوم نفسه، لافتات ضمن الحراك تعلن عدم تمثيل هذه الجهات للشارع، وتصر على أن الحراك يمثل نفسه ولا أحد يمثله، وليس لافتات فقط.. بل وفي بعض الأحيان هتافات، ودائماً نقاشات وآراء واضحة برفض عمليات النزول بالبراباشوت فوق رأس الحركة.
في 2011، وحين جرى تركيب ما سمي «المجلس الوطني» فوق ظهور الناس وفوق رأس الحركة الشعبية التي كانت في بداياتها، تمكن الإعلام ومعه قلة الخبرة السياسية للناس المنقطعين فعلياً عن العمل السياسي عقوداً متتالية، من تركيب «جمعة المجلس الوطني يمثلني»، وكانت تلك الخطوة الأولى في سرقة حراك الناس، وفي سوقهم نحو الذبح ونحو الخراب...
هذا الدرس المرير لم يمرّ عبثاً، فقد تعلمته الناس جيداً، وتعلّمت أنّ أولئك الذين يحاولون فرض أنفسهم كقيادات للحركة هم غير مؤتمنين عليها، وغير مؤتمنين على مصالح الناس وأرواحهم بحالٍ من الأحوال. تشكيل قيادات وتمثيل للحراك هو عملية تتم باتجاه واحد فقط: من تحت إلى فوق، ولا تفرض من فوق بأي حالٍ من الأحوال.
يضاف إلى ذلك أنّ عملية الوصول إلى تمثيل حقيقي وصادق للحراك هي عملية يجب أن تأخذها وقتها الموضوعي، ولا يجوز حرقها حرقاً؛ فعملية الفرز والنقاش جارية على الأرض ساعة بساعة، ومن خلالها تختبر الناس بعضها البعض، وتختبر من يبرز دورهم القيادي؛ تختبر شجاعتهم، وكذلك تختبر رجاحة عقولهم وعمق فهمهم، لأنّ قيادة حركة الناس إلى بر الأمان تحتاج الشجاعة والحكمة سواءً بسواء، وتحتاج فوق هذا وذاك، رؤية واضحة وبرنامجاً واضحاً لعملية التغيير وأهدافاً واضحة. وهذا الأمر يتبلور مع الوقت، ويتم فرز الشعارات والاتجاهات التي لا تعدو حدود التنفيس عن الغضب، من الشعارات التي يمكن أن تدفع الناس والبلاد إلى الأمام نحو التغيير الجذري الشامل.
بالمجمل، فإنّ محاولات تركيب قيادة للحراك عبر إصدار «البيانات رقم 1» المتتالية قد تحولت اليوم إلى إحدى النكات والطرائف في ساحة التظاهر، وهو ما يعبر عن مستوىً جديد من الوعي العام أعلى بمراحل مما كانت عليه الأمور في 2011.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1141
آخر تعديل على الجمعة, 20 تشرين1/أكتوير 2023 23:55