أيها «الثوري» يلي برا: قلْ خيراً أو اصمت!

أيها «الثوري» يلي برا: قلْ خيراً أو اصمت!

تمتلئ صفحات التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة وتضييع الوقت بأطنان من المحادثات والنقاشات حول الدور الذي يمكن للسوريين في الخارج لعبه في دعم الموجة الجديدة من الحركة الشعبية.

رغم أنّ هنالك بلا شك قدراً لا يُستهان به من النوايا الحسنة، إلا أنّ محصلة «الجهود» المبذولة من الخارج، هي محصلة سلبية ومضرة بالحركة، للأسباب الأساسية التالية،

أولاً: تحاول جهات ضمن المعارضة، من ذلك النوع الذي دعم العنف ودعم التسليح ودعم التوجهات الطائفية، واستجداء التدخل العسكري الأجنبي، تحاول أن تظهر تعاطفها ودعمها لبدايات الموجة الجديدة من الحركة الشعبية. لهؤلاء ينبغي أن يُقال إنّ مجرد «تعاطفكم» وتعبيركم عنه، هو تهمة لهذا الحراك، وشتيمة وإضعاف له. وهو في الجوهر حراك معادٍ لكم بقدر ما هو معادٍ للمتشددين ضمن النظام وللفاسدين الكبار من كل الأطراف. ولذا فخير لكم وللسوريين، إذا كان في نيتكم التكفير عن بعض من أخطائكم، أن تصمتوا نهائياً.

ثانياً: بالنسبة للأفراد، فإنّ المشكلة تتمظهر بشكل مختلف؛ فبين المهجّرين من ينتشي بمجرد تكرار الشعارات والأشكال نفسها التي كانت عام 2011، ويرى في ذلك نصراً شخصياً، ولا يأخذ بالاعتبار أنّ الحركة كي تسير فعلاً إلى الأمام، فإنّ عليها أن تتجاوز الأخطاء السابقة، وأنْ تختار الأشكال الجديدة المناسبة للظرف العام الجديد... بل إنّ بعض هؤلاء يسمح لنفسه بأن يسخر من رفع الناس لشعار تطبيق القرار 2254، ومن مطالبتهم بالحل السياسي! لهذا النوع ينبغي القول: قولوا خيراً أو اصمتوا!

ثالثاً: بالتجربة الملموسة، وعبر الوجود على الأرض، يظهر بشكل واضح أنّ أسوأ الشعارات والأشكال التي يجري الدفع نحوها، تأتي دائماً عبر اقتراحات من «ثوريين» في الخارج. لن ندخل في تعداد الأمثلة، لكن المنخرطين في الحركة يعرفون ذلك بشكل جيد.

رابعاً: ربما الفئة الأكثر سوءاً، هي تلك التي تطلق النداءات لما تسميه «المجتمع الدولي»، والمقصود هو أوروبا وأمريكا. إذا كنتم مستفيدين بشكل ما من أوروبا وأمريكا ومن الإن جي أوز، فذلك شأنكم، ولكن السوريين مقتنعون تماماً بأنّ أوروبا وأمريكا لن يجلبا خيراً للسوريين ولم يجلبا لهم خيراً في يومٍ من الأيام، ولذا لا يمكن فهم نداءاتكم إلا بوصفها استثماراً شخصياً في نضالات الناس. لهذه الفئة أيضاً ينبغي القول: صمتكم هو أفضل ما يمكن أن تخدموا به الحركة الشعبية!

الخدمة الأساسية التي يمكن أن يقدّمها السوريون في الخارج هي أن يتركوا المجال للحركة كي تتطور انطلاقاً من ظروفها هي، وليس من رغبات أحد. وربما الخدمة الأهم، والتي يصعب أن تطلب إلا ممن يتحلّون بقدرٍ كبير من الموضوعية والصدق، هي أن ينتقدوا أخطاء التجربة السابقة بشكل مسؤول، بحيث يكون هذا الانتقاد دليلاً للموجة الجديدة ليس لتكرار الأخطاء، بل لتجنبها!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1138
آخر تعديل على الجمعة, 05 كانون2/يناير 2024 22:06