رأي في منهجية كتابة البرنامج
يحيلنا الإرث التاريخي النظري للشيوعيين السوريين في تعاملهم مع وثائق المؤتمرات إلى وجود وثيقتين أساسيتين في كل مؤتمر؛ التقرير السياسي والبرنامج.
أما التقرير السياسي فوظيفته الأساسية هي استعراض فهم الحزب للاتجاهات العامة للأوضاع الدولية والإقليمية والمحلية في الفترة بين مؤتمرين، مع استقراءٍ لما يمكن أن تؤول إليه هذه الأوضاع. وأما البرنامج فهو بالجوهر المهام التي يرى الحزب أنها واجبة التنفيذ ليس بيده فقط، بل وبيد الناس والقوى الوطنية عموماً، والتي يرى أنها ضرورية من وجهة النظر الوطنية والاقتصادية الاجتماعية، وبما يخدم مصلحة السوريين، وفي المقدمة منهم: أصحاب الأجور، وهو في الوقت نفسه تعهدٌ أمام الجماهير بالمهمات التي يضع الحزب على عاتقه النضال من أجل تحقيقها.
الميزة النوعية لمشروع برنامج حزب الإرادة الشعبية الذي جرى نشره بصيغته الأولى عام 2013، هي أنّه أضاف فصلاً بعنوان «الرؤية»، مترجماً بذلك ما نادت به اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين طوال أكثر من عشرة أعوام، وبالذات القول: إنّ هنالك حاجة لوصلة بين النظرية العامة والجانب السياسي الجاري. وتم تضمين الرؤية في وثيقة مشروع البرنامج.
مع التقدير الكامل للجهد المبذول سواء في مشروع البرنامج بصيغته الأولى، أو بعد الإضافات والتعديلات، فإنّ لدي بضع ملاحظات واقتراحاً.
الملاحظات هي: أنّ الرفاق الذين عملوا على تطوير الوثيقة لتأخذ بالاعتبار التطورات الكبرى التي جرت بين 2013 و2023، قد وقعوا برأيي في خطأ، هو أنه قد تسربت إلى «الرؤية» فقرات كان ينبغي أن تكون ضمن التقرير السياسي، وعلى الخصوص الفقرة الخاصة بأوكرانيا، والتي أرى أنّ ما تقدمه لا يشكل إضافة جدية من وجهة نظر «الرؤية».
كذلك، فإنّ هنالك غياباً لعنصر جديد في رؤية الحزب، هو فهمه لتطور الحركة الشعبية العالمية بين 2011 واليوم... ما أعنيه بشكل ملموس هو: أنّ النضال ضد مشعلي الحروب، والذي ما يزال في مراحل تطوره الجديد الأولى، سيتحول مع الوقت إلى جزء أساسي من تعبيرات الحركة الشعبية العالمية الجديدة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ المقصود هو قطعاً ليس أولئك الذين يتلطون وراء الدعاوى السلمية، وباسم «اليسار» ليس للنضال ضد الإمبريالية وإشعالها للحروب، بل نصرة لها عبر التسويغ النظري الأخرق لمقولات «روسيا الإمبريالية» و«الصين الإمبريالية».
أيضاً، وضمن المسألة نفسها، أي ضمن الفهم الجديد للحركة الشعبية العالمية وتعبيراتها المختلفة، لا بد من التفكير بشكل عميق بدور جهاز الدولة، وخاصة في بلدان «العالم الثالث» بوصفه أحد الأدوات المحتملة في التصدي للنيوليبرالية ولعمليات التفتيت والتذرير الكبرى.
أما الاقتراح، فهو أن يتم إفراد وثيقة خاصة بعنوان الرؤية، بحيث تكون بين يدي الشيوعيين وأصدقائهم والسوريين عموماً، ثلاثة وثائق أساسية، لكل منها وظيفته الواضحة المتمايزة: تقرير سياسي، رؤية، برنامج.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1124