لقاءً الدكتور قدري جميل مع قناة فرانس24

لقاءً الدكتور قدري جميل مع قناة فرانس24

أجرت قناة «فرانس 24»، في 28/1/2021، لقاءً مع الدكتور قدري جميل، أمين حزب الإرادة الشعبية، رئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، عضو قيادة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير. وفيما يلي تنشر قاسيون النص الكامل للمقابلة.

الانتخابات في سورية على الأبواب والمفاوضون في جنيف لم يتوصلوا بعد لصيغة نهائية للدستور، كيف يمكن أن تتم تلك الانتخابات وعلى أي أساس برأيك؟

اللجنة الدستورية ليست على مقاس الانتخابات الدورية المبنية على الدستور الحالي 2012 في سورية، اللجنة الدستورية تمّت على مقاس القرار الأممي 2254، لذلك لا أرى رابطاً مباشراً بين هذه الانتخابات وبين اللجنة الدستورية. بمعنى إذا اللجنة الدستورية أكملت عملها، وأدى عملها إلى نتائج، فإنها تكون قد سهَّلَتْ عملية الانتقال التي تحدث عنها عملياً القرار 2254، وإذا لم تعمل ذلك فهذه الانتخابات التي ستجري في سورية ليس لها علاقة بـ 2254، مثلها كمثل الانتخابات التي سبقتها. الذي يهمنا هو تنفيذ القرار 2254 لأنه القرار لحل كل المشاكل السورية، الكارثة الإنسانية-الاقتصادية- الاجتماعية... إلخ. لذلك لا أعتقد أنَّ في هذين الموضوعَين أنه ليس هناك ربط مباشر بينهما، ووضع الأمر بهذا الشكل يخلق وهماً، عند المستمع، أنّ الدستور واللجنة الدستورية هي على قياس الانتخابات التي يجب أن تجري في موعدها الدوري في حزيران 2021.

لماذا برأيك استُبعِدَتْ منصة موسكو عن اللجنة الدستورية؟

بعد الجولة الأولى اتَّخذَت هيئة التفاوض قراراً بإبعادِ ممثلنا مهند دليقان عن اللجنة الدستورية، وأَسقَطت عضويتَه بهيئة التفاوض، لماذا؟ لأنه اقترحَ، باسم المنصة، نقلَ المفاوضات حول الدستور إلى دمشق. والحقيقة التي أريد أن أقولها: إن هذا الموضوع كان بالون اختبار لنوايا النظام بجدّيته بالعمل مع اللجنة الدستورية، والمفاجئ أن النظام، حتى هذه اللحظة التي أتكلم فيها معكم، لم يعطِ ردَّ فعل على هذا الاقتراح، ولكن مع الأسف الشديد بعض ضيِّقي الأفق في المعارضة ظنّوا أنَّ هذا الاقتراح موجَّهٌ ضِدَّهم، فأخذوا إجراءات قمعية غير ديمقراطية ضد منصة موسكو وممثلها في اللجنة الدستورية.

لنفترض أنَّ هذه الانتخابات حصلت في الموعد الذي حدَّده النظام، هل تعتقد أنها يمكن أن تحظى برد فعل دُولي إيجابي مثلاً؟

لا أعلم، لا أريد أن أستبق الأمور وأتنبأ، ولكن الذي يهمني أنْ تنتهي الكارثة الإنسانية في سورية، وحتى تنتهي الكارثة الإنسانية يجب الوصول إلى حل السياسي عبر قرار 2254 بحَرفه وشكله ومضمونه، وإذا لم نصل إلى حل للكارثة الإنسانية فأيُّ معنى لأيِّة انتخابات؟ لا معنى لأية انتخابات بهذه الحالة. إذا أردنا أن نتكلم عن الانتخابات بعد إنجاز الدستور، فإنّ الهدف منها عملياً هو إنهاء الكارثة وإنهاء الأزمة السورية. فإذا كانت هذه الانتخابات لن تحل الأزمة السورية، ولن تتقدم خطوة باتجاه حل الكارثة الإنسانية وإبعاد شبحها الذي يتزايد على سورية، فليس لها معنى بالنسبة لنا نحن في حزب الإرادة الشعبية وجبهة التغيير والتحرير ومنصة موسكو.

كمنصة موسكو معارِضة، التقيتم الأسبوع الماضي بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بحضور ممثلين عن منصة القاهرة، ماذا لمستم لدى الروس؟

لمسنا لديهم، كما في السابق، رغبة جدّية في التقدم لإيجاد حلول للأزمة السورية، ولكن المشكلة التي يجب أن نَعِيها هي أنّه، وخلافاً لزملائهم الغربيين، لا يريدون التدخل المباشر بالتفاصيل السورية انطلاقاً من حق الشعب السوري في تقرير مصيره. نحن نقلنا له قلقنا من أنَّ عمل اللجنة الدستورية يسير بشكل بطيء جداً لا يتناسب نهائياً مع سرعة تطور الكارثة الإنسانية والاقتصادية في سورية.

ولكن تتحدث أنَّ الروس لم يتدخلوا في سورية بشكل مباشر، ولكن فعلياً تدخّلوا وهُم السندُ الحقيقي لبقاء النظام قائماً، أليس كذلك؟

ليس كذلك، هم تدخَّلوا حين كان هناك خطر سقوط الدولة السورية بأيدي داعش، أما القضايا الأخرى التي تَعلَّمَ الغربُ الاستعماريّ أنْ يتدخَّلَ فيها، وأنْ يعطينا وصَفاتِه لحلّ هذه الأمور، فهم لا يقومون بذلك نهائياً. يجوز أن نرغب نحن أن يقوموا، ولو بتدخل بسيط لحلحلة المشاكل، هم يضغطون بالنصائح فقط على جميع الأطراف بالمعنى السياسي، أما بالمعنى العسكري فأنجزوا إنجازات كبيرة، ولكن الذي قلناه ونقوله اليوم: إن هذه الإنجازات العسكرية الكبيرة ضد الإرهاب اليوم مهددة إذا لم تثمَّر سياسياً بألّا تعطي النتائج المطلوبة منها.

كيف لها أن تثمَّر سياسياً؟

تنفيذ القرار 2254 المقرّ بالإجماع من مجلس الأمن بحذافيره بمعنى: جسم انتقالي– دستور- انتخابات.

هل ما زال بشار الأسد باعتباره رئيساً لسورية هو الخيار الوحيد لدى الروس؟

أعتقد أنَّ الروس ليس لديهم أيُّ خَيار بهذا الموضوع، لأنَّ هذا الموضوع هو مِن شأنِ الشعب السوري. وإذا كان الآخرون من شركاء الروس الغربيين لديهم خيارات فهذا من عاداتهم وتقاليدهم السابقة في التدخل بالشؤون الداخلية للأمور التي تخصُّ الشؤون الداخلية للشعوب.

لنفترض جدلاً أن الانتخابات حصلت في سورية بشكلها الحالي، ألا تتوقَّع أنَّ الإسلاميين سيركبون موجة الانتخابات، طالما هم المنافس الوحيد؟

أعتقد أن نتائجها إنْ لم يحصل توافُقٌ على أساس 2254 ستبقى الأمور في مكانها، ويمكن أن يجري تراجع على مختلف الصعد، والقوى التي ستركب هذه الموجة التي سيتسبب فيها سلوك النظام إذا كان قد أصرَّ على العناد والاستمرار في موضوع الانتخابات سيعطي الحجَّة لقوى عديدة أنْ تُصَعِّد وأنْ تتعقَّد الأزمة السورية أكثر.

يرى البعض أنَّ تشتُّتَ المعارضة وعدم التوافق على شخصية معينة هو ما أوصلَ البلاد إلى ما هي عليه اليوم. ألم يكن أَولَى بالمعارضة السورية إيجادُ شخصية تمثلهم دولياً ليسهل التفاوض معهم؟

المعارضة من تيارات مختلفة، المعارضة تعددية، ويجب أن تكون كذلك على شاكلة سورية القادمة، وطبيعي ألّا يكون هنالك اتفاق من حيث المبدأ على كل التفاصيل في المعارضة، ولكن أعتقد أنَّ هناك اتفاقاً صار بِشقّ الأنفس، على أنَّنا نريد تنفيذ 2254، لأنه كان هناك أناس في المعارضة لا يريدون 2254، بل يريدون التطرف عبر الشعارات المتطرفة؛ النظام يريد الحسم، وهؤلاء من طرفٍ آخر يريدون الإسقاط، أيْ: الشعارات المتشددة التي أودت بسورية إلى الكارثة. لذلك برأيي يجب العمل على الحل السياسي عبر 2254 كي لا تتعقد الأمور.

هذا تصوُّركَ للحل في سورية انطلاقاً فقط من قرار مجلس الأمن، لكن هناك نداءات من الداخل ومن الساحل السوري لإنشاء مجلس عسكري يأخذ على عاتقه المرحلة الانتقالية كلها، وكون الأجواء الحالية غير مناسبة لإجراء انتخابات في البلاد، كيف تقيِّم ذلك؟

كيف يمكنك أنْ تُعربِي لي ذلك؟ أين يمكن إنزال «المجلس العسكري» بفكرة الجسم الانتقالي الذي تحدَّث عنه بيان جنيف1 وقرار مجلس الأمن 2254؛ لم يتكلمْ عن «جسم عسكري». كل شخص يفصِّل على كَيفِه موضوعَ الجسم الانتقالي ويعطيه التعريف الذي يُعجِبُه، أمّا برأيي فهذا الموضوع مكلَّفٌ بأنْ يُعرِّفَهُ السوريّون من الطرفين؛ من حيث ما هو الجسم الانتقالي (جسم عسكري؟ جسم غير عسكري؟ جسم مدني؟ هيئة مستقلة؟ هيئة جديدة فوق الهيئات نخترعها من جديد؟ أو مجلس وزراء هو جسم انتقالي؟) هذا الأمر يحتاج اتفاقاً ولا يقرِّره طرفٌ واحد إذا أردنا حلّاً للأزمة السورية.

ماذا فعلتْ المعارضة إلى اليوم، وأنتَ كـ قدري جميل– كمعارض– ماذا قدَّمتَ للشعب السوري طيلة هذه السنوات التي أمضيتَها في موسكو كمعارض؟

قبل أن آتي إلى موسكو– واضطررت أنْ آتي لموسكو- نحن مصرُّون على الحل السياسي، وقلنا: إنّ الوصفة للخروج من الأزمة هي «لا غالب ولا مغلوب»، والحل العسكري لن يكون حلاً للأزمة، وهذا من الأساس كنّا مصرِّين عليه، وما زلنا مستمرِّين بذلك حتى هذه اللحظة. وعَمِلْنا ضمن صفوف المعارضة من أجل تخفيف دور المتشدِّدين في المعارضة، ونجحنا نسبياً نجاحات غير كبيرة في هذا المجال، ولكن أعتقد أن المستقبل يجب أن يبرِّر سلوكنا أكثر حينما نستطيع أن نُقصي نهائياً المتشددين من الطرفين عن طاولة المفاوضات، وعن الساحة السياسية، لأنهم هم من يعرقلون الحل السياسي، وليس في بالهم ولا خاطرهم لا الشعب السوري، ولا عذابات الشعب السوري، ولا آلام الشعب السوري، ولا أيّ شيء من هذه القضايا.

قدري جميل المعارض السوري أنت تحملُ الجنسية الروسية وتعيش على الأراضي الروسية. كثيرٌ من الناس يشكِّك في معارضتك ويقول إنك تمثل ما يسمى بالمعارضة الموالية أو المُقنَّعة التي يمكن للنظام أن يستخدمها متى يشاء، ما تعليقكَ على ذلك؟

أنا ليس لديَّ جنسية روسية- جنسيَّتي سوريّة فقط لا غير– وهذا القول غير صحيح وهو تزوير. جواز سفري سوريّ، وحتّى ليس لدي إقامة في روسيا، لديّ «فيزا»، تأشيرة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1003
آخر تعديل على الإثنين, 01 شباط/فبراير 2021 13:19