كلمة د. قدري جميل خلال افتتاح «المؤتمر الوطني لأبناء الجزيرة والفرات»

كلمة د. قدري جميل خلال افتتاح «المؤتمر الوطني لأبناء الجزيرة والفرات»

استضاف «المؤتمر الوطني لأبناء الجزيرة والفرات» الذي انعقد يوم 25 من الجاري في الشمال الشرقي السوري برعاية مجلس سوريا الديمقراطية، وخلال افتتاحه د. قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية ورئيس منصة موسكو للمعارضة السورية.

وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها د. جميل في افتتاح المؤتمر

أولاً: اسمحوا لي أن أحيي المؤتمر ومنظميه والمشاركين فيه، أحييهم باسم الألوف والألوف من أعضاء حزب الإرادة الشعبية وجبهة التغيير والتحرير في كل أنحاء سورية من أقصاها إلى أقصاها.

«حواركم نموذج للحوار السوري الشامل الذي سيجري على أساس 2254»

إن أهمية هذا الاجتماع كبيرة بالنسبة لنا... من أين تأتي أهمية هذا الاجتماع؟ تأتي من أنه يركز على الحوار، وسورية عطشى للحوار منذ 2011، والحوار هو أحد أشكال الصراع، ولكن الصراع الحضاري، الصراع السلمي، ومن يرفض الحوار يعني: أنه يطلب الحوار بلغة أخرى عرفناها ورأيناها خلال الفترة السابقة؛ اللغة الثانية لمن يرفضون لغة الحوار بالكلام هي لغة الحوار بالرصاص، والذين يعملون على الحوار بالرصاص فقط، هم عملياً عبر هذه الطريقة يريدون الدفع ليس إلى الأمام وإنما إلى الوراء، ولدينا أمثلة كثيرة على ذلك: داعش مثالٌ على ذلك، والنظام بحلوله الأمنية مثال آخر على هذه القضية. لذلك الالتزام بمبدأ الحوار السلمي بين كل السوريين، كان دائماً منذ اللحظة الأولى هو المخرج الوحيد، وهذا المخرج يثبت نفسه الآن مع الأسف بتأخر عشر سنوات تقريباً، فهل كنا بحاجة إلى كل هذه الفترة، ولكل هذا الدم لكي نصل إلى هذا الاستنتاج الصحيح البسيط؟ يتحمل مسؤولية ذلك رافضو الحوار.

أهمية حواركم اليوم، الذي دعت له مسد لمكونات الفرات والجزيرة، تأتي من أنه بنجاحه، وأنا متأكد بأنه سينجح، سيكون نموذجاً للحوار الشامل الذي يجب أن يشمل كل السوريين، وهذا هدفٌ سامٍ يجب العمل عليه بشكل دائم، لأنه لا مخرج اليوم للحفاظ على وحدة سورية وتعزيزها إلا عبر الحوار بين كل السوريين الذين يرغبون بالخروج الآمن من الأزمة... هناك أناس لا يريدون الخروج من الأزمة، هناك أناس يريدون أن تستمر الأزمة، لأنها مصدر لمكاسب وامتيازات، وهناك أناس آخرون يريدون للأزمة أن تستمر لأنهم لا يريدون لسورية أن تستمر؛ استمرار الأزمة يعني زوال سورية، خاصة بعد عشر سنوات من انطلاق هذه الأزمة، لذلك نحن نبني آمالاً على اجتماعات من هذا النوع، ويسجل لمسد/ قسد السبق في عملية من هذا النوع، لأنها تؤسس لنموذج يجب أن يشمل كل السوريين وكل الأراضي السورية، هذا النموذج أعتقد أنه يجب أن يكون نقطة جذب وإشعاع لإثبات أن هذه التجربة هي تجربة صحيحة وتستحق التوقف عندها والاستفادة منها، أي: إن هذا الحوار الذي يمكن اليوم اعتباره جزئياً على المستوى السوري يجب تعميمه وتحويله إلى حوار شامل، يجب أن ينطلق فعلاً بين جميع السوريين، ولكي يكون فعالاً ويعطي نتائج يجب أن ينطلق فور بدء العملية الانتقالية التي ينص عليها قرار مجلس الأمن 2254.

أنا أعلم أن هناك قوى كثيرة تطلب الحوار، ولكنها لا تقصد الحوار، تقصد إجهاض الحوار، المهم متى يُطلق الحوار الشامل بين كل السوريين؟ إطلاقه يجب أن يكون مدروساً ومرتبطاً بعملية الحل السياسي الشامل، هذه النقطة الأولى حول أهمية هذا الاجتماع.

«سلطة الشعب في المناطق وفي المركز أيضاً»

النقطة الثانية، أعتقد أنها هامة جداً، أنتم تقومون بعمل فريد من نوعه، ذكرناه في مذكره التفاهم، بين مسد وحزب الإرادة الشعبية، تجربة الإدارة الذاتية، نحن في حزب الإرادة الشعبية ننظر إلى تجربة الإدارة الذاتية من زاوية أنها تجربة مهمة من أجل ممارسة سلطة الشعب الحقيقية في المناطق، مشكلتنا في سورية أنه منذ عام 1958 تحديداً لم يُسأل الشعب عن رأيه في أية قضية، كل من يحكم يتكلم باسم الشعب، ولكن لم يُسأل الشعب عن رأيه في أية قضية منذ ذلك الحين، الشعب بعيد عملياً عن ممارسة حقوقه في تقرير مصيره، اليوم تظهر عندنا إمكانية حقيقية لذلك، لماذا؟ لأن السلطة الحقيقية للشعب تبدأ في المناطق، لا تقولوا لنا بأن «مركزاً منتخباً ديمقراطياً يكفي لممارسة سلطة الشعب»، هذا كلام فارغ، هذا كلام هام وضروري لكنه غير كاف، وبالتالي يصبح فارغاً، ممارسة سلطة الشعب تتطلب فعلاً مركزاً منتخباً ديمقراطياً،

ولكن هذا المركز المنتخب ديمقراطياً لا قيمة له نهائياً إذا لم تكن هناك سلطة شعب حقيقية ممنهجة وقانونية في المناطق، وهذا ما يجب أن ينص عليه الدستور السوري القادم، وأعتقد أن تجربة الإدارة الذاتية في الجزيرة والفرات هي تجربة هامة تستحق الدراسة والاستفادة، كما قلنا في مذكرة التفاهم، بإيجابياتها وسلبياتها، إيجابياتها من أجل تعزيزها وتطويرها، وسلبياتها من أجل إزاحتها وإلغائها، كي يصبح ممكناً تعميم هذه التجربة على كل الأرض السورية، بالله عليكم درعا ليست بحاجة إلى إدارة ذاتية؟ السويداء ليست بحاجة إلى إدارة ذاتية؟ إدلب ليست بحاجة إلى إدارة ذاتية؟ الإدارة الذاتية الحقيقية، أي أقصد المرادف بالنسبة لي لسلطة الشعب في المناطق، هكذا إدارة، هكذا سلطة، هي الضمانة الوحيدة لاجتثاث الفساد، الفساد المعشش في سورية لا يمكن إزالته بقراراتٍ من دمشق، الفساد المعشش في سورية تلزمه سلطة حقيقية للشعب في المناطق على كل أجهزة الدولة، لا أتكلم عن المراقبة فقط على أجهزة الدولة من قبل الشعب، من قبل سلطاته الحقيقية التي يجب أن يقنونها الدستور، وإنما أتكلم عن سلطة حقيقية، أي: إن سلطة الشعب في المناطق التي يجب أن تأخذ شكلاً دستورياً، ويجب أن تكون فوق سلطة أجهزة الدولة في المناطق، أجهزة الدولة يجب أن تكون خاضعة لهذه السلطة في المناطق، وهذا أمر يجب أن يتم الحديث التفصيلي عنه وصياغته وقنونته في الدستور القادم.

«مذكرة التفاهم مع مسد نموذج أولي للتفاهم اللاحق والمستقل للسوريين فيما بينهم»

الآن كلمتي تأتي في سياق هام تعونه وتفهمونه كلكم؛ تأتي بعد توقيع مذكرة التفاهم بين مسد وحزب الإرادة الشعبية، وهذه القضية قضية مفصلية وانعطافية في تاريخ الأزمة السورية، وفي تاريخ الحركة السياسية في سورية، لأن هكذا نموذج من تفاهمات بين قوى سياسية سورية وطنية حقيقية لم تكن موجودة، هذا أول نموذج، يسعدنا أن يكون أول نموذج، ولكن لن يسعدنا أن يكون هذا آخر نموذج، نريد تعميم هذا النموذج، نريد أن تقوم كل القوى السياسية بتفاهمات من هذا النوع دون أي تدخل خارجي. ضمانة نجاح التفاهم الذي وقعناه، هو أنه كان من رأسنا، نحن الذين قررناه، لم تتدخل أية قوة خارجية رغم زعيق وصراخ وسائل الإعلام المختلفة منذ أول لحظة لتوقيع الوثيقة، بأنهم يريدونها لفلان وفلان، لم يكن أحد يعلم بها غير نحن ومسد، ونحن الذين قررناها ونحن الذي صنعناها، وهي التي فرضت وقائع جديدة على الأرض، هذه الوقائع يجب تعميقها واستثمارها وتطويرها والذهاب بها إلى نهايتها، ما هي نهايتها؟ نهايتها حسب رأينا في حزب الإرادة الشعبية، وكما أكدت المذكرة، نهايتها هي التطبيق الكامل والشامل للقرار 2254 بحذافيره، والذي ينص في جوهره على حق تقرير المصير للشعب السوري بيده.

قد يقول أحدهم بأن هذا يعني أن قوى خارجية ستفرض القرار، لا، القوى الخارجية مطلوب منها أمر واحد فقط لا غير، إيقاف التدخل الخارجي، والباقي علينا، إذا توقف التدخل الخارجي فالسوريون قادرون على حل مشاكلهم بأيديهم وبأنفسهم وعبر الحوار، ومن لا يريد الحوار نعرف لغة التعامل معه، وجربناها، ونجحنا فيها، وقسد كانت في الجزيرة والفرات مثالاً على ذلك، نحن نمد أيدينا للجميع من أجل الحوار، والذهاب إلى كلمة سواء لحل الأزمة السورية سياسياً عبر الحوار، ولكن من لا يريد ذلك «ذنبه على جبنه»، من هذه الزاوية نحن نرى أن 2254 يعني حل المشكلة الإنسانية، حل المشكلة الاقتصادية، حل المشكلة الاجتماعية، حل للمشكلة السياسية، يعني تأمين سلطة الشعب في المركز والمناطق.

أحييكم في النهاية، وأرجو لمؤتمركم النجاح، وأن يكون فاتحة لعمل من هذا النوع سنقوم به جميعاً، سنقوم بتنظيمه نحن جميعاً على كل الأراضي السورية قريباً، وشكراً لكم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
994