افتتاحية قاسيون 978: 2254... من أجل لبنان أيضاً!

افتتاحية قاسيون 978: 2254... من أجل لبنان أيضاً!

سواء أكانت مأساة بيروت انفجاراً عرضياً أم تفجيراً مخططاً، فإنّ الثابت والواضح هو الأمور التالية:

أولاً: المنظومة السياسية القائمة في لبنان، والمرتكزة إلى النشاط الاقتصادي غير الإنتاجي وإلى التحاصص والفساد والتبعية للغرب، والتي ولّدها توازن دولي سابق تمثل في حينه باتفاق الطائف، لم تعد صالحة، ولم تعد قادرة على تأمين استمرارية الدولة اللبنانية.

ثانياً: يتمحور التوظيف السياسي الداخلي للمأساة، والذي تحاول تصدّره قوى من المنظومة نفسها، حول دفع الأمور نحو أحد احتمالين؛ فإما إعادة تركيب للمنظومة نفسها على أساس توازنات جديدة تصب في صالح القوى الأشد ارتباطاً وتبعية للغرب، أو دفعها نحو الانفجار على أمل الوصول إلى إعادة التركيب هذه.

ثالثاً: التطور الموضوعي للحركة الشعبية في لبنان لن يتوقف، بل سيتعاظم ويزداد انتظاماً، ولكن هذا الأمر سيأخذ وقته؛ وفي الأثناء، ينبغي إيجاد أطر وأشكال وطروحات عاقلة وموضوعية تسمح للحركة بالتطور وبالانتظام، وتمنع تحولها إلى أداة للامتطاء من قوى التخريب.

رابعاً: محاولات التوظيف السياسي الخارجي للمسألة، والمتمثل بالدخول الأمريكي المحموم، (والفرنسي ليس أكثر بكثير من واجهة له)، يتمحور حول مجموعة أهداف واضحة: (1- تحويل الانفجار إلى أداة إضافية في عقوبات قيصر. 2- تحويل لبنان ككل، إلى أداة للتأثير في الوضع السوري، بعد أن اضمحلت قدرات التخريب الأمريكي في سورية بشكل تدريجي ابتداء من الدخول الروسي المباشر في أيلول 2015، ومن ثم إصدار القرار 2254، ومن ثم مسار أستانا. 3- تحويل الانفجار إلى أداة في «صفقة القرن» المطلوب منها تأمين الكيان الصهيوني في المرحلة القادمة التي سيكون الأمريكي مضطراً فيها إلى الانسحاب الكامل من المنطقة).

 ما ينبغي أن يكون واضحاً، وما لا يجوز إسقاطه من القراءة العامة للمشهد هو الحقائق التالية:

أولاً: انفجار/تفجير 2020، لن يستطيع تكرار تجربة 14 شباط 2005 وما تلاها من «ثورة» أرز، فنحن أمام توازن دولي جديد لن يسمح بتكرار المهازل الغربية.

ثانياً: رغم أنّ الصورة تبدو سوداوية بالنسبة للكثيرين، ورغم أنّ احتمالات الفوضى المقبلة تبدو كبيرة، إلا أنّ المؤكد أنّ الجزء المضيء من اللوحة العامة، أكبر بكثير من الجزء المظلم؛ فالتحركات التخريبية لقوى العالم القديم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تندرج في إطار السباق مع الزمن في وجه الحلول السياسية وفي وجه الاستقرار في المنطقة، ولذا فإنّ تأثيرات التخريب الأمريكي ستبقى مطوقة بحدود القوة الفعلية للأمريكي، وهي قوة متداعية بشكل متسارع.

ثالثاً: إرساء الاستقرار في سورية عبر التطبيق الفوري والكامل للقرار 2254، لم يعد مطلباً وحاجة سورية فحسب، بل وبات حاجة لشعوب المنطقة كلّها، لأنّ إرساء الاستقرار في سورية بات المدخل الأساسي لإرساء الاستقرار في المنطقة بأسرها. ولذا فإنّ من المهمات الوطنية والإنسانية الكبرى الملقاة على عاتق الوطنيين السوريين، ليس اتجاه سورية والسوريين فحسب، بل واتجاه الأشقاء اللبنانيين وشعوب المنطقة عامة، هي أن يكثفوا جهودهم للوصول إلى الحل في سورية، وبأسرع وقت ممكن!

لتحميل العدد 978 بصيغة pdf

معلومات إضافية

العدد رقم:
978
آخر تعديل على الأحد, 09 آب/أغسطس 2020 22:09