حُلُم الإنسانية... والحُلم السوري
تواصل الأزمة العالمية الراهنة تعمقها وتصاعدها واتساعها بأبعادها المختلفة؛ الإنسانية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية. أزمة من نوع شديد الخصوصية والفرادة، من ذلك النوع الذي يمكن له أن يُغيّر سير التاريخ بشكل نوعيٍ، جذريٍ، وثوري.
توقُعُ الأزمة ببعدها الاقتصادي، وبتاريخ انفجارها التقريبي، واستناداً إلى العلم الماركسي- اللينيني، لم يكن عملاً مستحيلاً حتى قبل عشرين عاماً؛ يمكن العودة في هذا السياق إلى وثائق (اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين التي تحولت لاحقاً إلى حزب الإرادة الشعبية). كذلك الأمر إلى حدّ ما مع توقع الأزمة ببعدها البيئي والاجتماعي.
الأمر الذي كان من غير الممكن توقعه، هو العقاب القاسي الذي تمارسه الطبيعة على الإنسانية عموماً، عبر كورونا وغيرها من الكوارث، جزاءً على مساوئ المنظومة العالمية القائمة على الربح والجشع والتوحش ضد البيئة ومواردها.
هذا العقاب جاء في توقيت قاتل بتزامنه مع الأزمة الاقتصادية الشاملة للمنظومة الرأسمالية. التزامن ولّد حالة طنين أعظمي كشفت عورة المنظومة، ووحشيتها، وتخلّفها، وعيوبها غير القابلة للإصلاح. وبات من غير الممكن تجاوز الأزمة دون تغييرات جذرية تنسف هذه المنظومة من أسسها.
ولأنّ أية أزمة هي في الوقت ذاته كارثة وفرصة، فبقدر عُمق الأزمة يتحدد هَوْل الكارثة ويتحدد حجم الفرصة. ولأن الأزمة التي تعيشها البشرية حالياً هي من مستوى أزمة حضارية شاملة تتراكب فيها الكوارث المختلفة، فإنّ الفرصة التي تقدمها هي أيضاً فرصة حضارية شاملة تفتح الباب لتحقيق حلم البشرية القديم بحياة كريمة ومسالمة وخالية من الحروب، تتآخى فيها الشعوب، لا تتعاطف مع بعضها فحسب، بل وتتضامن وتوحّد جهودها وتطورها العلمي والتقني لتحقيق رفاه الإنسان المادي والروحي.
الحلم السوري هو الآخر جزء من الحلم البشري الشامل؛ لا يزال السوري يحلم بالقدرة على تأمين مسكن لائق، ومعيشة كريمة، وعمل لائق، وحياة آمنة مسالمة وحرة، ولا يزال الحلم غير محقق، لكنه في هذه الكارثة-الفرصة لم يعد بعيد المنال...
الكارثة المتراكمة التي تفعل فعلها في بيوت السوريين وملاجئهم ومغترباتهم، هي أيضاً جزء من الكارثة العامة التي تتسبب بها البنى المأزومة ومنتهية الصلاحية التاريخية، في الداخل والخارج، والتي أثبتت أن «مناعتها» أمام شتى أنواع الأمراض، الصحية منها والاقتصادية والبيئية والإنسانية والاجتماعية، هي مناعة شديدة الانخفاض إلى حدود العجز التام عن تقديم حلول لأية مشكلات مستجدة، ناهيك عن المشكلات المتراكمة جبالاً فوق جبال، دون أية حلول.
إنّ الطريق الملموس باتجاه الحلم السوري، هو ببعده الدولي ما يجري أمام أعيننا من نسف للأحادية القطبية الأمريكية- الغربية، وببعده الداخلي هو تطبيق القرار 2254 كاملاً.
متابعة النضال لرفع العقوبات الغربية ولاستعادة سيادة السوريين على كامل أراضيهم، وكذلك متابعة النضال لتحقيق الحل السياسي الشامل الذي يفتح الباب للتغيير الجذري الشامل والعميق والوطني، هي القسط الذي علينا كسوريين الإسهام به بلا هوادة، نحو تحقيق أحلامنا وأحلام الإنسانية التي باتت الآن ممكنة التحقيق!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 960