إنهاء الاحتلال الأمريكي بات قريباً
قتلت قوات الاحتلال الأمريكي يوم الأربعاء الفائت الشاب فيصل خالد المحمد من قرية خربة عمو في ريف الحسكة خلال مرور مصفحاتها ضمنها، واعتراضها من قبل أبناء القرية بالحجارة وبالمطالبة بخروج المحتل نهائياً.
استشهاد فيصل ليس حدثاً عابراً كما يمكن للبعض أن يظن. إلى جانب رفض السوريين العميق للأمريكي، ومعرفتهم العيانية بإجرامه بحقهم وبحق شعوب المنطقة، فإنّ الظرف السياسي اليوم بات أنضج من أي وقت سابق لطرد الأمريكي بشكل فعلي وكامل من الأرض السورية؛ إنهاء النصرة عبر تنفيذ سوتشي، والذي يتحقق خلال هذه الأيام والأسابيع، سيجعل من مهمة إخراج الأمريكي المهمة الأولى على جدول الأعمال الميداني- السياسي، بالتوازي مع تنفيذ 2254 بالمعنى السياسي الشامل.
إنّ الشعور الطبيعي لأهالي الشمال الشرقي السوري المعادي للأمريكي، ورغم أنه لبنة أساسية في عملية طرد الاحتلال، إلّا أنّه ربما لن يكون كافياً وحده دون توفر ظروف دولية وداخلية مواتية... نزعم أنّ الظرف الدولي بات مواتياً بحكم التراجع الأمريكي المتواتر، وبحكم الاختلال العميق في ميزان القوى.
الظرف الداخلي هو ما ينبغي التركيز عليه، وما لا يجوز التهاون فيه. ينبغي الوصول إلى حالة كافية من وحدة الإرادة والعمل بين السوريين بغض النظر عن التقسيمات المؤقتة بين قوى سياسية متباينة، وبين نظام أو معارضة، أو غيرها من التصنيفات التي لا تتجاوز كونها تصنيفات مؤقتة لن يطول بها المطاف حتى تتغير وتتبدل.
وحدة إرادةٍ وعملٍ بالحد الأدنى الكافي، تتطلب عملاً حقيقياً وصادقاً باتجاه الحل الشامل المبني على الحوار الفعلي بين السوريين أنفسهم، وعلى أساس القرار 2254 ولتنفيذه، ويتطلب ضمناً تمثيل كل القوى السورية ضمن أطر الحل، بما في ذلك قوى الشمال الشرقي. وبما أنّ الحديث عن الشمال الشرقي، فلا بدَّ من الإشارة إلى أنّ كل الدعوات التي ظهرت حتى اللحظة، والمتعلقة بحوار بين قوى في الشمال الشرقي وبين دمشق لا تزال غير ملموسة النتائج... أخطر من ذلك، أنّ متشددين من الطرفين لا يرغبون في دفع هذا الحوار قدماً، بل يرغبون وضوحاً باستخدامه واستثماره في إطار معارك أخرى... من ذلك مثلاً التأرجح في نوعية المطالب المتبادلة على أساس الظرف الملموس وتغيراته، لا على أساس الحاجة الموضوعية للسوريين، ودائماً وأبداً على قاعدة الدفع نحو صيغ يصعب الاتفاق عليها، وكأنَّ النية المبيتة لدى المتشددين هي بعدم إنجاح الحوار، وإبقائه قائماً بين أخذ وشد.
بالتوازي، يعمل الأمريكي على اختراع «عجقة» حوارات لا يريد لها أن تصل إلى مكان، ولكن يريد لها أن تعيق الحوار الأهم بين السوريين أنفسهم؛ فتارة يدفع لحوار بين قوى في الشمال الشرقي وإقليم كردستان، وأخرى بين تلك القوى وأنقرة، وثالثة بينها وبين دول خليجية، وهكذا... كل ذلك في إطار تنمية الأوهام وتغذية عوامل الافتراق.
إنّ الحوار الحقيقي بين الأطراف السورية المختلفة، سيجري عاجلاً أم آجلاً، ضمن الصيغ الحالية المهيمنة على المشهد أو بغيرها، ولذا فإنّ من يدفعون إلى تأخير تعاون بين السوريين على إخراج الأمريكي، سرعان ما سيفتضح موقفهم...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 953