افتتاحية قاسيون 953: سوتشي... من معه ومن ضده؟
يحتل العمل من أجل تنفيذ اتفاق سوتشي- وليس الحديث عنه فحسب- المساحة الأهم ضمن الحدث السوري اليوم.
بالإضافة إلى التفاصيل المختلفة ضمن الاتفاق، والتي توضحها الخرائط والبنود المكتوبة، فإنّ الأكثر جوهرية في هذا الاتفاق، لا بالمعنى المباشر بما يخص إدلب فقط، بل بالمعاني الأوسع المتعلقة بسورية وبالمنطقة، يمكن تلخيصه بالنقاط التالية:
أولاً، شكّل اتفاق سوتشي منذ توقيعه يوم 17 أيلول 2018، أحد أكبر الامتحانات أمام مسار أستانا، إضافة إلى امتحان تشكيل اللجنة الدستورية الذي بدأ مع مؤتمر الحوار الوطني السوري- في سوتشي أيضاً- نهاية الشهر الأول 2018، بالإضافة إلى جملة امتحانات جزئية بالمعنى الميداني والسياسي، جرى تجاوزها بنجاح رغم الصعوبات. امتحان اللجنة الدستورية نجح من حيث المبدأ، وبقي أن يصل إلى نتائجه النهائية. النجاح في امتحان اتفاق سوتشي بما يخص إدلب، سيعني خسارة مدوّية للمجموعة المصغرة الغربية ورأسها الأمريكي، وفقداناً لواحدة من أهم وأخطر وآخر أدوات تعطيل تنفيذ القرار 2254؛ النصرة.
ثانياً، إذا كانت الحرب المنافقة التي شنتها واشنطن على داعش، لم تتحول إلى حرب فعلية إلا بعد دخول الروس على خط محاربتها مباشرة، (رغم أنّ حقيقة حرب الأمريكي على داعش حتى اللحظة لا تزال موضع شك كبير)، فإنّ حجم الألم الأمريكي من إنهاء النصرة قد وصل حدّ حماقة التلويح الرسمي بسحبها من قائمة الإرهاب، واعتبارها «معارضة وطنية»، كما أشار المبعوث الأمريكي للأزمة السورية. إنّ إدلب التي كان الأمريكي يريد لها أن تكون تورا بورا سورية، لن تكون كذلك مع تنفيذ سوتشي. وإنّ أهالي إدلب والمهجرين إليها الذين كانوا بضاعة رابحة عبر سنوات من تجارة الآلام، لن يعودوا كذلك. ولن يتم لا إبقاؤهم تحت أيدي المتشددين، ولا رميهم بين أيدي متشددين آخرين، بل ستتم تهيئة الظروف لتخليصهم وتخليص السوريين ككل من شتى أنواع المتشددين.
ثالثاً، تنفيذ سوتشي وإنهاء النصرة، سيمهَّد أرضية صلبة لانتصار نهائي لمسار أستانا كمنظومة إقليمية تنتمي إلى التوازن الدولي الجديد، وهو ما يعني ضمناً تغييرات كبرى بالمعنى الإقليمي تحبط الخطط الأمريكية لتشكيل المنطقة بما يناسب واشنطن ومصالحها.
إنّ أولئك الذين يقفون اليوم ضد تنفيذ سوتشي، ومن أيِّ طرف كانوا، بأشكال مباشرة أو غير مباشرة، بشكل صريح أو ضمني، إنما يقفون في معسكر واحد في نهاية المطاف مع الأمريكي ومع النصرة... وهذا أمر لا يصعب تفسيره؛ تنفيذ سوتشي سيعني خطوة حاسمة ولا رجعة عنها باتجاه التطبيق الكامل والشامل والقريب للقرار 2254، والمتضررون من ذلك واضحون ومعروفون.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 953