افتتاحية قاسيون 935: نحو الخروج الأمريكي والتركي!
تواصل تركيا عدوانها على الشمال السوري بتواطؤ أمريكي واضح، وتتقاطع مواقف دول عديدة شكلياً في «إدانة» العدوان، في حين تتمايز بحدة في غاياتها من الإدانة، والتي تتضح في الآليات العملية التي تدعو إليها لردّ العدوان وإنهائه.
ففي الوقت الذي اكتفت به دول معادية لمسار أستانا، بالإدانة اللفظية دون طرح خريطة واضحة للحل، ظهر موقفان واضحان ومتناقضان في كيفية التعامل مع المسألة؛ الموقف الأمريكي يصر على عزل الشمال الشرقي عن سورية عبر دعوته إلى «حوار بين تركيا والكرد»، وبغض النظر عن الدولة السورية، وفي المقابل، تدعو روسيا إلى حوار متوازٍ بين الحكومة السورية والكرد، وبينها وبين الحكومة التركية. وهذا ما عبَّر عنه وزير الخارجية الروسي بتصريحين: «روسيا تشجع الحوار بين دمشق والحكومة التركية»، «يجب تأسيس حوار بين دمشق والأكراد».
إنّ الغاية الأمريكية من توريط الأتراك، عبر سحب القوات من المنطقة الحدودية وبعمق قد يصل إلى 30 كم، شديدة الوضوح؛ فمن جهة تسعى واشنطن إلى إحداث انقسام وبلبلة ضمن العلاقات البينية لثلاثي أستانا، كرد على الدور القيادي لهذا الثلاثي في تولي حلّ المسألة السورية، بما في ذلك تشكيل اللجنة الدستورية رغم محاولات التعطيل الغربية. إضافة إلى أنّ الاتجاه العام لانسحاب أمريكي كامل من سورية، بات أكثر وضوحاً، وتجري الآن محاولة تأسيسه، بحيث يترك وراءه فوضى عارمة تغطي الوظيفة نفسها التي يغطيها وجوده؛ فوظيفة الأمريكي في منطقتنا كانت ولا تزال: الفوضى.
في المقابل، فإنّ المصلحة الوطنية السورية تتطلب خروجاً أمريكياً كاملاً من الأرض السورية. وبما يتعلق بالشمال الشرقي، والشمال على العموم، فإنّه يتطلب عملاً باتجاهين، الأول هو المضي نحو حوار حقيقي بين الحكومة السورية وقوى الشمال الشرقي وعلى رأسها القوى الكردية، يقوم على أساس متوازن دون مبالغات من جهة الكرد، ودون «شماتة» وإصرار من جهة الحكومة، على أنّ الأمور ينبغي أن تعود إلى ما كانت عليه قبل الأزمة بلا أي تغيير حقيقي هو استحقاق متراكم تاريخياً.
الاتجاه الثاني، هو الدفع باتجاه اتفاق بين الحكومتين السورية والتركية مؤدّاه هو انسحاب فوري للقوات التركية، بالتزامن مع انتشار لجيشي الدولتين على الحدود، وهو الطريق الوحيد لحماية مصالح كل منهما ووحدة أراضيه وسيادته.
إنّ استكمال إخراج الأمريكي من سورية، هو البوصلة الأساسية للعمل الوطني السوري، وذلك بالتوازي مع الوقوف في وجه أي عدوان وتأريضه بالطرق المناسبة كافة، وصولاً إلى وقفه وإنهاء آثاره، كخطوة أساسية في إطار استعادة السيادة السورية على كامل الأرض السورية، بالتوازي مع تعميق الحوار الجاد بين السوريين لحل كل المشكلات والأزمات المتراكمة على أساس حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه، وعلى أساس القرار 2254، وتنفيذه الكامل.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 935