لا حلّ في منطقة الخليج إلا بطرد الأمريكي
مجدداً تفشل مساعي التوتير وافتعال الأزمات التي تدفع بها واشنطن في مختلف بقاع الأرض ومنها منطقة الخليج، ليتلو التعصيد الأخير، كما كل ما سبقه، موقفٌ أضعف وأكثر هشاشةً للولايات المتحدة وحلفائها.
فبصرف النظر عن مُلابسات هجوم «أرامكو» الأخير وخلفياته، إلا أنه محسوبٌ عسكرياً وسياسياً على الحوثيين، وشكّل ضربةً كبيرة للسعودية بوزنها، ويُظهر حجم الضعف التي تعاني منه في هذه الظروف وبمواجة «ميليشيا» في المعنى العسكري على حدودها على الأقل، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار احتمال وجود دور لواشنطن في هذا الهجوم وتسييره، يكون الأمر أصعب على السعوديين أنفسهم. فضلاً عن محاولات الأمريكيين اليائسة بتحليل وتفسير سبب فشل منظومة «باتريوت» بصدّ الهجوم.
بعد تنفيذ الحوثيين للعملية، واستثماراً لموقعهم الأعلى على إثره، أعلنوا مبادرتهم لوقف العمليات العسكرية، ومن ثم إعلانهم عن أسر عددٍ من الجنود التابعين لقوات التحالف في الخليج، ومن بينهم سعوديين خلال العمليات العسكرية سابقاً، مما وضع السعوديين بموقعٍ محرج أكثر منه في الداخل عن الخارج.
مبادرة إيرانية
مقابل كل هذه التطورات، وبالاستفادة منها، كان موقف الإيرانيون نقطة لصالحهم، حيث قال رئيسها حسن روحاني إن بلاده «تمد يد الصداقة» إلى دول الجوار لتحقيق السلام في المنطقة، كما أعلن وزير خارجيتها بمقر الأمم المتحدة في نيويورك عن مبادرة إيرانية للسلام في مضيق هرمز ومنطقة الخليج تستند على خروج القوات الأجنبية منها، والعمل على التعاون المشترك بين دول المنطقة للحفاظ على أمنها وحريتها.
طهران تصنع لنفسها نقطة تاريخية
إنّ هذه المبادرة كموقف- سواء أوجدت لنفسها صدى أم لا- وضعت علامة تاريخية لصالح طهران، خاصةً في فترة انتصاراتهم الحالية على واشنطن، وهي تأتي بانسجام مع توجه الميزان الدولي الجديد بسياساته المختلفة كلياً عن سابقه عبر التعامل مع مختلف الأزمات والمشاكل بمنطق التعاون والتكامل والحلول السياسية التي كان ولا يزال دافعها والمُحرك الأساس نحوها هما روسيا والصين، ثم بقية الدول الصاعدة التي بدأت بتبني هذا النهج الجديد.
الأمريكيون محكومون بالتصعيد والفشل
بطبيعة الحال، لن يهدأ الغربيون والأمريكيون عن محاولاتهم بتأجيج التوتر في منطقة الخليج، إلا أنّ وقائع الأحداث جميعها وبتتاليها من «أرامكو» إلى «حرب الناقلات» قبلها فـ«الاتفاق النووي الإيراني» وغيره، تُثبت أن واشنطن بأضعف حالاتها، وتتجه نحو المزيد من الضعف بعد كُل تصعيد، ورغم معرفتهم بهذا الأمر، إلا أنهم محكومون بهذا السلوك، ولا يستطيعون تغييره بسبب ظروف أزمتهم الموضوعية أساساً، فحتى وإن تغيّر ترامب وطاقم الإدارة كله، وإن تسلّمت «حمامة سلام» دفّة القيادة الأمريكية ستبقى ظروفهم المحيطة مع أزمتهم والنخبة الأمريكية بمصالحها، تفرض على واشنطن نهجاً محدداً يفضي إلى النتائج ذاتها.
فلن يحلّ معضلة التصعيد المستدامة في الخليج إلا دول الخليج نفسها، وعلى رأسها السعودية، بوصفها المتضرر الأول والأكبر جراءها، عبر بتر يد أمريكا عن المنطقة بأسرها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 933