«الناتو العربي» ومواويل أخرى
عماد صائب الخالد عماد صائب الخالد

«الناتو العربي» ومواويل أخرى

مع ارتفاع حدة التوتر في منطقة الخليج، وحول مضيق هرمز، واستمرار التصعيد بما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وبالتوازي مع اقتراب موعد عقد مؤتمر البحرين التطبيعي كجزء من صفقة القرن، عاد البعض إلى موال «الناتو العربي»، وغيره من المواويل الرّثة...

موال ناتو عربي

الناتو الأصلي نفسه يعيش مرحلة أزمة عميقة وتضارباً شديداً تحت تأثير الابتزاز الأمريكي المالي والسياسي؛ فإلى جانب مطالبات ترامب المتكررة لدول الحلف برفع مساهماتها في تمويله، (هو أي: ترامب، أو الحلف لا فرق)، فإن الأشد خطورة هو مطالباته السياسية بتوسيع نفوذ الحلف وصواريخه على تخوم روسيا، وفي بولندا مؤخراً، وكذلك الأمر مع انسحابه من معاهدة الصواريخ المتوسطة. هذه الأمور كلها أنتجت حديثاً عن «جيش أوروبي موحد»، هو الآخر وهم ولا أساس واقعياً لقيامه، لكنه إشارة ممن أطلق الفكرة، أنّ درجة التململ قد وصلت إلى حد شديد الخطورة. والخلافات الأمريكية الأوروبية ضمن الناتو، وعلى أهميتها، لكنها ربما لا تصل في خطورتها حد خطورة الخلافات الأمريكية التركية، وهذه الأخيرة قد أعلنت مراراً وتكراراً، وحتى قبل أيام قليلة، أنها لن تخضع للمطالبات الأمريكية بالنكوص عن صفقة S400، هذا دون الإشارة إلى حجم الخلاف في عدد كبير من الملفات الضخمة السياسية والاقتصادية والعسكرية بين البلدين، ليس أكبرها شأناً، الموقف من العقوبات على إيران وعلى من يتعاون معها، وآثار تلك العقوبات على تركيا. في ظل هذا كله، ودون الكلام عن ظروف «الجحافل» التي ستشكل الناتو العربي، فإنّ مجرد الحديث عن هكذا ناتو يبدو ضرباً من الجنون، فكيف إذا كانت ظروف الدول المفترض بها تشكيله هي ما هي عليه من بؤس وتأزم؟! إنّ موال الناتو العربي، كان ولا يزال موالاً أمريكياً وصهيونياً، الغرض منه هو ابتزاز الدول النفطية وتدفيعها عشرات ومئات مليارات الدولارات على التسليح وغيره، بالتوازي مع استخدام المسألة كذريعة لنقل التطبيع خطوة إضافية نحو العلن، تمهيداً وتسهيلاً لطريق «صفقة القرن»، التي باتت هي الأخرى أمام حائط مسدود.

موال السلطة الفلسطينية تُطَلّق العرب

ضمن الظروف ذاتها، وفي ظل الضرورة الموضوعية لتوحيد القرار الوطني الفلسطيني، تظهر بعض الإيحاءات بأنّ سلطة أوسلو في «تصديها» لصفقة القرن، يمكن أن تصل حد مقاطعة الأنظمة العربية. أول ما تنبغي معرفته، أن صفقة القرن إذا طبقت، وهي لن تُطبّق، فلن يبقى من مكان أصلاً لشيء اسمه سلطة أوسلو. الأمر الثاني: هو أنّ سلطة أوسلو هذه هي جزء من النظام الرسمي العربي تعيش أزمته ذاتها ولا مفر أمامها، ضمن منطقها ومنطق مصالحها الضيقة، سوى «التضامن العربي» بين الأنظمة التي تشترك أرجلها في فلقة واحدة. الأمر الثالث والأكثر أهمية، هو: أنّ سلطة أوسلو لن يكون لها مكان ليس إذا طبقت صفقة القرن فقط، بل وإن فشلت الصفقة أيضاً فلن يكون لها مكان؛ لأنّ فشل الصفقة بشكل حاسم يتطلب وحدة حقيقية للصف الفلسطيني، وليس للفصائل الفلسطينية، ما يعني الوصول إلى تمثيل سياسي حقيقي للفلسطينيين يتضمن من يستطيع التكيّف من القديم إضافة إلى الجديد. ولذا فإنّ اتفاق أوسلو ونتائجه تعيش الآن في الوقت بدل الضائع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
918
آخر تعديل على الإثنين, 17 حزيران/يونيو 2019 13:03