افتتاحية قاسيون 916: الساحر الأمريكي و«صفقة القرن»!
تواجه ما تسمى «صفقة القرن» حائطاً مسدوداً، وذلك في الوقت نفسه الذي تعلو فيه طبولها، وتتسارع قفزات الساحر الأمريكي الاستعراضية وهو يخفي في قبعته الطويلة أرانب الدول صاحبة الثروات، أرنباً وراءَ أرنبٍ!
إنّ «الصفقة» في جوهرها، ليست إلّا تعبيراً مكثفاً عن محاولات الأمريكي ضمان مستقبل اللقيط الصهيوني، وضمان نفوذٍ ما، للأمريكي نفسه، عبر هذا اللقيط؛ ذلك أنّ قناعة نهائية باتت راسخة لدى الأمريكي، بأنّ أزمته الاقتصادية- السياسية العميقة، وما نتج عنها من انقسام داخلي وتراجع، لن تكفّ عن التّعمّق، وبأنه مضطر كنتيجة للأزمة، وفي إطار تنظيم التراجع، إلى الانسحاب من المنطقة بأسرها.
ولكن اللقيط نفسه مأزوم بشكل بارز تعبر عنه أزمات مؤسسات الكيان المتعددة، ولأنه كذلك فهو بحاجة لـ«حلٍ» يتناسب مع عمق أزمته وانقساماته. و«حلٌ» من هذا النوع، لا يمر إلا عبر نهبٍ واسعٍ واعتداءٍ ضخمٍ على الحقوق الفلسطينية، اعتداء ليس بمقدور حتى أولئك «الأكثر اعتلالاً» القبول به، فما بالك بالمقاومين الحقيقيين الذين أذلوا المحتل قبل بضعة أسابيع انطلاقاً من غزة... ما يُعمق من أزمة الكيان أنّ النفوذ الذي تحاول أمريكا توريثه إياه في المنطقة فضفاض جداً على مقاسات وقدرات «الإسرائيلي»، فضفاض إلى حد ابتلاعه وتهديده وجودياً، وهو الأمر الذي باتت تعبر عنه مراكز أبحاث العدو نفسه.
ورغم ذلك فإنّ عرض «الصفقة» التهريجي، ما يزال مستمراً، ومرّ منذ أيام بمحطة القمم الثلاث، التي لم «تنجح» في تحقيق المطلوب منها، إذ «تبرأت» من مسؤولياتها، وتفلتت من الحرج أمام الأمريكي، عبر ربط قبول الصفقة أو رفضها بالإرادة الفلسطينية؛ وحسناً فعلت بذلك فتلك إرادة لا تلين ولا تتنازل ولا تساوم.
ولكن القمم إياها ركزت على الجانب الثاني من الصفقة نفسها، فساهمت بحصتها من التهريج عبر إثارة الغبار باستعراض «الأسلحة الإيرانية»، لتبرير أثمان الأسلحة والضرائب من فئة مئات مليارات الدولارات التي ضختها وستضخها في الشرايين المتصلبة للاقتصادي الأمريكي، وكان أحرى بها أن توفر 137 مليار دولار (على الأقل) وهي ثمن الأسلحة التي ضختها في سورية باعتراف رئيس وزراء قطر السابق.
الجانب الثالث من «الصفقة»، والذي يأتي ضمن السياق السابق نفسه، والذي يُعبر عنه مؤتمر البحرين هذا الشهر، في حال عُقد، هو تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية عقارية كبرى، الهدف منها هو إخفاء مزيد من الأرانب في القبعة الأمريكية.
الجانب الرابع، ذو الطابع الإستراتيجي، والذي يأخذ بعين الاعتبار الاحتمال الكبير لفشل الصفقة، هو أنّ حجم الاستنزاف والنهب المكثف الذي ستخضع له الدول النفطية خلال الأشهر القادمة، والذي «تتكرم به» الأنظمة، تحت الابتزاز للحفاظ على مواقعها، إنّ هذا النهب من شأنه عند حدٍ معينٍ أن يفتح الباب أمام التفجير الداخلي لهذه الدول، التفجير الذي إنْ حصل فإنه سيعني تمديد عمر الفوضى الخلاقة، لتكون هي البديل الذي تتركه الولايات المتحدة وراءها، بعد انسحابها النهائي من المنطقة، والذي سيحصل في كل الأحوال، وفي آجال قريبة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 916