افتتاحية قاسيون 898: ما الذي يعنيه الحديث عن اتفاق أضنة؟
ظهرت خلال الأسبوع الأخير تصريحات مكثفة روسية وتركية وسورية حول اتفاق أضنة الموقع بين سورية وتركيا عام 1998، والخاص بطريقة التعامل المشترك مع حزب العمال الكردستاني... وأبدت تصريحات الأطراف الثلاثة التزامها وموافقتها على الاتفاقية كمنصة انطلاق لمعالجة الوضع في شمال شرق سورية على الأقل، إنْ لم يكن لمعالجة وضع كامل الحدود السورية التركية، كما ينص الاتفاق نفسه.
بغض النظر عن الموقف من الاتفاق نفسه، فإنّ مجرد دفعه إلى السطح، يعني أن البحث جارٍ عن نقطة انطلاق تتفق مع القانون الدولي تكون أساساً للبناء عليه نحو حل جملة من الأزمات المتعلقة بعموم الشمال السوري.
إنّ تركيز الأطراف الثلاثة، والروسي خاصة، على نقطة انطلاق تستند إلى القانون الدولي تعني- في ما تعنيه- قضيتين أساسيتين:
أولاً: إنّ التعامل بين الجانب السوري والجانب التركي ينبغي أن يتم بوصفه تعاملاً بين دولتين سيدتين تحترم كل منهما سيادة وحدود الدولة الأخرى.
ثانياً: احترام السيادة السورية يعني ضمناً أنّ الجانب السوري من الحدود، بكامله، ينبغي أن يوجد فيه، في نهاية الترتيبات الجارية، الجيش السوري.
ماذا عن الأمريكي؟ وماذا عن الكرد؟
إنّ الدفع الروسي نحو اتفاق رسمي سوري- تركي يعني ضمناً الانتهاء التدريجي من التعامل بين البلدين بوصفهما «بلدين عدوين». أهم من ذلك، أنه يعني اتفاقاً معلناً أنّ الوجود الأجنبي عموماً، والأمريكي خصوصاً، ضمن سورية، هو وجود مرفوض وينبغي إنهاؤه بأسرع وقت ممكن.
هذا الدفع يعني أيضاً، أنّ القسم من القضية الكردية في الإطار السوري ينبغي أن يجد حله العادل في الإطار السوري، وبما يحفظ حقوق الكرد بوصفهم مكوناً أساسياً من مكونات الشعب السوري، بحيث يتمتعون بكامل حقوقهم كمواطنين سوريين، وضمناً حقوقهم الثقافية الخاصة.
وفي ما يتعلق بمسائل المركزية واللامركزية، فإنّ الصيغة التي سيتم الاتفاق عليها، ستكون صيغة يتفق عليها السوريون فيما بينهم، عبر أساس دستوري جديد تشترك في وضعه كل المكونات السورية، وفي المقدمة المكونات السياسية، وذلك في إطار الوصول نحو تنفيذ كامل للقرار 2254.
إنّ الطريق نحو استعادة السيادة السورية، ونحو حل الأزمة السورية، وإذ يمر حكماً عبر التنفيذ الكامل للقرار 2254 الذي يقول بحق السوريين وحدهم بتقرير مصيرهم، فإن جوهر ذلك يعني ضمناً: أن إعادة صياغة عقد اجتماعي بين السوريين ككل يجب أن يتم على أساس احترام الجميع للجميع، ودون استقواء بالخارج، ودون استقواء (أمني) أو (عسكري) من أية جهة في الداخل على أية جهة أخرى في الداخل، بل انطلاقاً من مبدأين:
1- السلاح الوحيد الشرعي في البلاد هو سلاح الجيش السوري.
2- ينبغي البدء بعملية تحييد مؤسسات الدولة المختلفة، والأمنية خاصة، عن التدخل في الشأن السياسي، تمهيداً لانطلاق عملية تغيير جذري شامل يصب في مصلحة الشعب السوري ويقوده الشعب السوري.