حوار داخلي.. أم 2254

حوار داخلي.. أم 2254

لم يتوقف التشكيك بقرار مجلس الأمن 2254، كإطار تنفيذي لحل  الأزمة السورية، ولم يأت هذا التشكيك من طرف واحد، بل اشترك المتشددون في النظام والمعارضة، في محاولة تجاهل أهمية القرار بالنسبة للشعب السوري.





الأزمة دولية، إذاً الحل دولي.. فلا حل داخلياً لأزمة دولية، وفي الوقت نفسه، لا يوجد حل دولي لأزمة لها أسبابها الداخلية.. فمن السذاجة اليوم تجاهل دور ومستوى التدخل الخارجي في تعقيد الأزمة، ولكن ينبغي ألا يصبح ستاراً لتجاهل البعد الداخلي.. ومن جانب آخر، من السذاجة أيضاً تجاهل دور الأسباب الداخلية للأزمة، ولكن، بشرط ألا يكون تجاهلاً لدور العامل الخارجي، وتبرئة له، فتحميل المسؤولية للخارج وحده، وبهدف تبرئة النظام وسياساته هو ذر للرماد في العيون، كما أن تحميل المسؤولية للنظام،  من أجل تبرئة الخارج هو دفن للرأس في الرمال..
العلاقة بين الداخلي والخارجي في الأزمة السورية، علاقة تشابك، وتخادم، فكلما ازداد تعقيد الوضع الداخلي، ازداد معه طرداً دور العامل الخارجي، وكلما ارتفع منسوب التدخل الخارجي، ازداد تعقيد الوضع الداخلي، وإذا كان بالإمكان التشكيك بهذا التخادم في المرحلة الأولى من الأزمة، لكنه، ومنذ عسكرة الحراك وتدويل الأزمة السورية، بات تجاهل أيٍ من الجانبين هو تجاهل للجانب الآخر أيضاً، وعدم حل أحدهما سيؤدي موضوعياً إلى عدم حل الآخر.. ومن هنا تماماً تأتي أهمية القرار الدولي 2254، فتنفيذ هذا القرار يضع الجميع أمام مسؤولياته: الخارج بمواقفه المتعددة، وكذلك النظام والمعارضة.. فهو قرار متكامل، من جهة يثبت حق السوريين بالحفاظ على وحدة بلادهم، وسيادته واستقلاله، ويلجم القوى الدولية التي تسعى إلى النيل منه، كما أنه يوفر فرصة التغيير الذي يطلبه السوريون.. أما الاقتصار على حوار داخلي   في ظل أزمة مدوّلةٍ، فهو يعني تجاهل خطر التدخل الخارجي، وهو على أغلب الظن تهرب من استحقاق التغيير الداخلي.. لاسيما وأن العامل الخارجي لم يعد يعني الدور الأمريكي والرجعي العربي فقط، بل إن القوى الفاعلة فيه، هي تلك القوى الدولية الصاعدة، التي كانت أصلاً خلف إصدار القرار وتمريره، وخاضت معارك دبلوماسية وسياسية وعسكرية، لتوفير الأطر والأدوات الضرورية لتنفيذه، فالتخادم بين العوامل الخارجية والداخلية في ظروف التوازن الدولي الجديد، يمكن أن يتحول إلى تخادم إيجابي، يصب في مصلحة السوريين، والدور المتنامي للحليف الروسي، كـ«عامل خارجي» في إلحاق الهزيمة بالإرهاب، ولجم بعض القوى والدول، وتحييد بعضها الآخر، لم يتكامل حتى الآن بحاملٍ داخلي، مما يقلل من فاعليته، وتسارع تأثيره، ومن هنا كما نعتقد يأتي توافق خصوم الحل السياسي في النظام والمعارضة، على التشكيك بالقرار 2254، أو محاولة إفراغه من محتواه، عبر الاجتهادات البائسة التي تظهر بين فترة وأخرى، أو عبر المسارات الموازية ومنها: الحوار الداخلي، ووضعه كبديل عن القرار الدولي، وذلك لمنع تبلور هذا الحامل الداخلي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
833