المعرقلون... انقسام وعزلة!
لم يعد هنالك مجال للشك عند كل من يمتلك بصراً وبصيرة، بأن الحل السياسي هو الخيار المعبِّر عن مصلحة الأغلبية الساحقة من السوريين معارضة وموالاة، وهو الخيار المعبِّر عن توازن القوى الدولي، أي أنه خيار الضرورة التاريخية، والخيار الوحيد الذي يعبِّر عن اتجاه التطور الموضوعي، ليس سورياً فقط، بل إقليمياً ودولياً أيضاً، واستناداً إلى هذه الحقيقة، فإن الوقوف في وجه الحل يعني الوقوف بوجه الضرورة التاريخية.
اليوم، وبعد أن تخلت القوى المعرقلة كلها عن شعاراتها السابقة، ولو شكلياً، وانخرطت في مسار الحل السياسي، وبعد أن تم التوافق على بحث «السلات الأربع» بالتوازي والتزامن، ومع بدء أعمال الجولة، حاولت هذه القوى مجدداً - وبالدرجة الأساسية البعض في معارضة الرياض- الالتفاف على ذاك التقدم، وابتداع عراقيل جديدة، وصولاً إلى محاولات يائسة لوضع شروط مسبقة جديدة تؤدي إلى تغيير مسار جنيف ووظيفته، وتحوله إلى منبر للدعاية السياسية لمصلحة قوى إقليمية محدَّدة، وإعاقة التقدم الذي كان من المفترض أن يحدث.
أكدنا مراراً، ونؤكد اليوم مرة أخرى، بأن كل عرقلة للمسار السياسي سرعان ما سترتد على أصحابها، ودورهم ووزنهم اللاحق، وكان من الملاحظ في هذا السياق، تفجُّر الانقسام الكامن في وفد الرياض، وظهوره إلى العلن، حول الموقف من المفاوضات، والذي يعتبر بداية فرز جديد جدي وعميق بين تلك القوى التي رهنت نفسها كلياً للنفوذ الإقليمي، وبين القوى الجادة في الحل ضمن منصة الرياض، فسلوك البعض في هذه المنصة يقودها عملياً إلى الخروج من الخارطة السياسية السورية كلياً، ويفرض عليها العزلة الدولية، رغم كل الدعم والرعاية التي كانت تحظى بهما، ورغم المحاولات اليائسة بفرضها ممثلاً «شرعياً ووحيداً» للشعب السوري.
ويشار في هذا المجال أيضاً، إلى مسؤولية رخاوة موقف المبعوث الدولي، وتردده في حسم الموقف، ومحاولته الفاشلة في تدوير الزوايا فيما يخص جدول الأعمال المقرّ في الجولة السابقة، والذي كان ينبغي الإصرار عليه، والتمسك به، كونه يتضمن عناصر التوافق، ويؤمِّن فرصة جدية للتقدم إلى الأمام.
وتندرج ضمن عملية التشويش على الجولة أيضاً، محاولات الوفد الحكومي إغراق عملية التفاوض بالتفاصيل، والتركيز على القضايا الشكلية، وتجاهل جوهر وروح ووظيفة عملية التفاوض، باعتبارها إطاراً توافقياً، ويعبِّر عن حاجة وطنية لا بديل عنها تتمثل في ضرورة الوصول إلى حل سياسي، وعدم إضاعة المزيد من الوقت والفرص.
إن قوى الإعاقة التي خسرت في المعركة الاستراتيجية - معركة «الحسم والاسقاط»- وتراجعت عن خياراتها التي كلفت السوريين دماءً كثيرة ودماراً هائلاً، وامتثلت للقرار الدولي 2254، حاولت خلال الجولة السادسة استخدام أوراقها القليلة المتبقية في عملية الإعاقة بطرق وأساليب جديدة، لجعلها تراوح في مكانها، ولكنها بكل تأكيد لم تعد قادرة على إيقاف المسار.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 811