بيان من الشيوعيين السوريين انتخاب الأفضل، ضمانة لزيادة فعالية النقابات

تجري الانتخابات النقابية العمالية الحالية في ظروف تتأكد فيها فكرة أن لااستقلال للوطن، ولا أي تقدم ولا إصلاح حقيقي ولا مكاسب عمالية حقيقية، ولا حركة نقابية قوية تدافع عن الوطن وعن لقمة الشعب، بدون مقاومة العولمة المتوحشة وتجلياتها داخلياً، مما سيوفر ظروف دعم الموقف الوطني لبلادنا وتعزيز الاستعداد للتصدي أمام كافة الضغوطات الأمريكية والصهيونية التي تتعرض لها.

إن تطوير عمل النقابات سيساعد على تطوير النشاط الجماهيري الداعم للموقف الوطني والمساند للمقاومة الوطنية الفلسطينية، والرافض للسياسة العدوانية الأمريكية التي تريد اليوم تدمير العراق أرضاً وشعباً، وصولاً إلى الهيمنة على منطقتنا بكاملها، وكل ذلك ماهو إلاّ حلقة في سلسلة المخططات الأمريكية الهادفة الى إخراج الإقتصاد الرأسمالي من أزمته المستعصية على حساب مصالح الشعوب.

من هنا تأتي أهمية التأكيد على إصلاح اقتصادي حقيقي يتناقض تناقضاً كلياً مع ماتطرحه قوى السوق والجهات المتحالفة معها، ويستجيب لضرورات رفع مستوى معيشة الشعب وتطوير الاقتصاد الوطني. إن قوى السوق والسوء تريد، عبر نموذجها للإصلاح الاقتصادي، الرضوخ لوصفات صندوق النقد الدولي وغيرها من المؤسسات المالية الإمبريالية العالمية من أجل تصفية القطاع العام الذي عملت على نهبه وتخسيره خلال سنوات طويلة، مما أدى إلى إضعافه وتراجع دوره ومن ثم إلى الإجهاز على جميع المكتسبات الاجتماعية التي حققتها الطبقة العاملة خلال عشرات السنوات من النضال لشاق المشرف.

لذلك فإن الصيغة التي تقول بأن النقابات والحكومة هما فريق عمل واحد ماهي إلا صيغة قد تجاوزها الزمن وأصبحت عاملاً كابحاً للتطور الذي تتطلع إليه الجماهير الشعبية، إن هذه الصيغة يمكن أن تصبح، في ظروف اليوم، وسيلة لابتلاع الحقوق العمالية، وعدم تنفيذ القوانين المختلفة الضرورية لتحسين واقع الطبقة العاملة. إن تجاوز هذه الصيغة أصبح اليوم ضرورة هامة حتى تلعب النقابات الدور المطلوب منها وطنياً واجتماعياً.

وتحت هذا العنوان يجري عرقلة تنفيذ القوانين التي تتعلق بطبيعة العمل والطبابة الشاملة والألبسة والوجبة الغذائية والوجبة الوقائية وغيرها.. وفضلاً عن ذلك تقوم قوى السوق بتشديد الهجوم على مصالح عمال القطاع الخاص، كما أن الخلل يزداد بين الأجور والأسعار، مما يزيد الأغنياء غنى والفقراء فقراً، إن تراجع القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود يترافق مع ازدياد هائل لأرباح ذوي الدخل اللامحدود، مما يعيق تنفيذ أية عملية إصلاح في أي مجال من المجالات.

إن ممارسة النقابات، إلى جانب القوى السياسية الوطنية، لحريات  ديمقراطية واسعة سيؤمن الظروف لحوار حقيقي حول شكل التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي اللاحق بهدف تأمين مصالح الوطن والجماهير الشعبية الواسعة، وهذا كله سيحد من الضغوطات والتأثيرات السلبية التي تمارسها قوى البرجوازية الطفيلية ـ البيروقراطية التي تدعمها بقوة قوى السوق العالمية، والمستندة إلى قوة اقتصادية ومالية أصبحت تعبر عن نفسها على أرض الواقع بصراحة أكثر فأكثر.

 لذلك فإن الانتخابات النقابية الحالية ليست مسألة إجرائية شكلية ودورية لتوزيع المواقع القيادية عبر صيغة (الكوتا) على ممثلي هذا الحزب أو ذاك، بل يجب أن تكون انتخابات حقيقية تستطيع القاعدة العمالية فيها انتخاب ممثليها الجديرين بها، والقادرين على الدفاع عن مصالحها وحقوقها، دون ممارسة أي ضغوطات عليها، وهذا سيخلق الانسجام بين رأس الحركة النقابية وقاعدتها الواسعة وبالتالي سيعزز وحدتها أمام مختلف المؤامرات والألاعيب التي تستهدف تقسيم الحركة النقابية التي نشأت واحدة موحدة.

ذلك من الضروري الابتعاد عن الممارسات المرتبطة بالقائمة المغلقة وبالضغوط التي تمارس على بعض المرشحين لسحب ترشيحاتهم في آخر لحظة، كما أن الانتماء السياسي لأي مرشح لا يجب أن يكون شرطاً كافياً لاختياره بغض النظر عن مواصفاته الشخصية وثقة العمال به.

إن استقلالية الحركة النقابية تعني أول ما تعني مواقف مستقلة وجريئة في مواجهة قوى السوق المنفلتة من عقالها، والتي تريد الإجهاز على استقلال بلادنا السياسي، عبر تكريس التبعية الاقتصادية لقوى العولمة المتوحشة المرتبطة بالمشروع الشرق أوسطي الصهيوني، لذلك فإن تثبيت وتأكيد الإطار العام للإصلاح الاقتصادي الذي تطالب به الطبقة العاملة ممثلة بنقاباتها هو مسألة أساسية، والذي يجب أن يشمل:

رفض أي مساس بالسيادة على القرار الاقتصادي ـ الاجتماعي عبر رفض جميع الوصفات المشبوهة التي تدعو اليها المؤسسات الدولية المرتبطة بالرأسمال المالي العالمي.

التأكيد على أهمية رفع مستوى معيشة الشعب على أساس إعادة النظر بالسياسة الأجرية المتبعة من أجل الربط باستمرار بين الأجور والأسعار، وتمويل الزيادات اللاحقة من مصادر حقيقية فقط على حساب الأرباح المتراكمة لدى أصحاب الدخل اللامحدود.

متابعة وتنشيط حملة مكافحة الفساد الناتج عن النهب البرجوازي الطفيلي ـ البيروقراطي للاقتصاد الوطني، والذي يعيق موضوعياً، ويقاوم أية محاولة جدية للإصلاح.

الحفاظ على القطاع العام والمكتسبات التي تحققت للطبقة العاملة على أساسه. والطريق الوحيدة اليوم لذلك، ليست في خصخصةً علنية أو مستترة، جزئية أو غير كاملة، بل تخليصه من مفاسده وثغراته التي يسببها النهب المستمر له، وبخاصة النهب الكبير الذي مارسته ومازالت تمارسه قوى البرجوازية الطفيلية ـ البيروقراطية.

تنفيذ القوانين التي يعرقل البعض في السلطة التنفيذية تحقيقها وبخاصة تعويض طبيعة العمل والطبابة والألبسة والوجبة الغذائية وغيرها من المطالب المحقة.

إن الشيوعيين السوريين سيناضلون جنباً إلى جنب، وفي كل مراحل الانتخابات النقابية وبالتعاون مع جميع من تعز عليهم مصالح العمال وحقوقهم المشروعة من أجل خلق حركة نقابية قوية تدافع بقوة وثبات عن الوطن وعن المصالح الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة ولجميع العاملين بأجر، مستخدمة في سبيل ذلك جميع حقوقها بما فيه حق الإضراب إذا لزم الأمر.

دمشق 10/8/2002                                               

جنة متابعة تنفيذ ميثاق شرف

 

الشيوعيين السوريين

معلومات إضافية

العدد رقم:
180