عبدي يوسف عابد عبدي يوسف عابد

الإصلاح المرجو..

تطلعنا الصحف بين حين وآخر، عن اختلاسات بمئات ملايين الليرات السورية وملياراتها، جرت في هذا المصرف أو تلك المؤسسة.. وتتحدث عن ضرورة اقتلاع شأفة الفساد المستشري على اختلاف أنواعه من مؤسسات القطاع العام التي عششت فيها.

إن هذه الظاهرة السلبية، هي من أبرز نتائج ضعف مستوى الديمقراطية وغياب المراقبة والمحاسبة، الأمر الذي أدى بالضرورة إلى نشوء طبقة برجوازية بيروقراطية، أخذت تتضخم وتنتفخ أكثر فأكثر.
دخلت ميادين الاستثمار، ونظراً لجهلها فيه، تلاحمت واندغمت مصالحها مع مصالح البرجوازية الطفيلية التي قدمت بالإضافة إلى جزء من الرأسمال، خبرتها الاستثمارية، وعلاقاتها الواسعة بالسوق الداخلية والرأسمال الخارجي، لقاء الحماية القانونية، وتأمين رخص الاستيراد والتصدير والتعهدات.. إلخ من قبل البرجوازية البيروقراطية.
إن كل خطوة تمت في البلاد، مرت عبر صراع طبقي، حاد نشب في الخفاء والعلن، بين تلاحم  البرجوازيتين المتحالفتين من جهة، وبين القوى التقدمية بأحزابها، والمنظمات الشعبية من جهة أخرى.
ورغم أن مكاسب تقدمية هامة تحققت في الميدان الاقتصادي والاجتماعي، خلال العقود الماضية، إلا أن ما حققته البرجوازية البيروقراطية والطفيلية، هو أضعاف ما تحقق للجماهير، بدليل زيادة تمركز الثروات بين أيدي قلة من البرجوازية، وزيادة التفاوت الطبقي والاجتماعي، من ناحية برزت حيتان مالية مغرقة في البذخ والترف والبطر،ومن ناحية ثانية تدنت مستويات المعيشة للأكثرية الساحقة من الجماهير الشعبية.

إن القطاع العام، هو شريان الاقتصاد السوري. وخسارته ـ مهما كان شكلها ـ تعطي الحجة لحيتان المال، لرفع عقيرتهم على ضرورة التخلص منه وخصخصته، لاسيما أنها، تحت ستار التكيف مع العولمة والنظام العالمي الجديد، تسعى بكل قوتها إلى خصخصة كل القطاع العام، بما فيه القطاع المصرفي وتسعى إلى إعفاءات ضريبية أكبر للرساميل الخارجية بحجة جذبها، والالتحاق بمنظمة التجارة العالمية، والتمهيد حتى للسوق الشرق أوسطية، وغير ذلك، التي من شانها أن تضرب المكتسبات الاقتصادية  والاجتماعية التي تحققت وتحويل البلاد إلى جيب للاحتكارات الرأسمالية العالمية، مما يسمح بنسف السيادة الوطنية، وخلق الظروف الملائمة للغزو الاقتصادي الإسرائيلي الصهيوني الأمريكي للمنطقة بكاملها.
في تصريح لجريدة تشرين، قال وزير الصناعة عصام الزعيم: « إن سورية حسمت أمرها بشأن الحفاظ على القطاع العام الصناعي. بدليل أن الدولة تقوم  حالياً بإعادة تأهيل القطاع العام، وتحويله إلى قطاع قابل للربح، وإذا ما تم إصلاحه فلا مبرر لبيعه، إذا أصبحت مؤسساته مؤهلة للإنتاج والربحية؟!».
كلام يثلج الصدور ويبعث الطمأنينة في النفس، وحبذا لو صدرت مثل هذه التطمينات بشأن سائر مؤسسات القطاع العام واقترن القول بالعمل.

إن سورية بحاجة ماسة للتطور والتحديث باتجاه مصالح الجماهير الشعبية، لا من حيث صيانة القطاع العام بالدرجة الأولى، وضرب الفساد المستشري ومحاسبة المسيئين فيه، وتقوية دوره في قيادة اقتصاد البلاد فحسب، بل بتأمين الحريات الديمقراطية ورفع مستوى معيشة الجماهير الشعبية، أيضاُ التي هي هدف كل إصلاح.

معلومات إضافية

العدد رقم:
176