حلب ..بطاقة حمراء للاعب الامريكي!
اعتبرت الأوضاع في مدينة حلب، عقدة القضية السورية، منذ ما يقارب العام، حيث كانت هذه المدينة عنواناً للتجاذب الدولي، والإقليمي، والداخلي، لدرجة نزعت ورقة التوت عن القوى الفاعلة كلها في الأزمة السورية، وأضعفت نفوذ العديد من اللاعبين في المشهد السوري، وكشفت بالملموس، عن مدى جديتهم من عدمه، في حل الأزمة السورية، وتنفيذ الاتفاقات الدولية..
تنشر قاسيون فيما يلي، قسماً من الحوار الذي أجرته صحيفة المبادرة الشيوعية الفرنسية، مع الرفيق سلام الشريف، عضو المجلس المركزي لحزب الإرادة الشعبية، في نهاية شهر تشرين الأول الماضي يتعلق بتطور المواقف الدولية، من تطبيع الأوضاع في حلب، و تنفيذ الاتفاقات الدولية، والحوار منشور بنصه الكامل على موقع قاسيون الالكتروني..
«بداية، يجب التذكير بأن حلب هي المدينة الثانية في سورية وعاصمتها الاقتصادية، بالتالي، انتصار الإرهاب الفاشي فيها يعادل تقسيم سورية، الأمر الذي يفسر مواقف الساعين لتقسيم سورية ورفضهم خروج المجموعات الفاشية الجديدة، وسعيهم لحمايتهم بالوسائل المتاحة كلها.
استثنى اتفاق شباط ٢٠١٦ لوقف إطلاق النار، المجموعات المصنفة «إرهابية» من قبل مجلس الأمن، أي داعش والنصرة. بالواقع، المجموعات المصنفة «معتدلة» من قبل أمريكا، تقاتل جنباً إلى جنب مع النصرة، على الجبهات نفسها، وبالخنادق نفسها، تحت قيادة عامة مشتركة. الولايات المتحدة اعترفت بذلك ووعدت بالعمل على فصل «المعتدلين» عن الإرهابيين منذ آذار ٢٠١٦، إلا أن ذلك لم يحدث أبداً. لا بل كلما استهدفت القوات الروسية والسورية النصرة وحلفاءها، تم اتهام البلدين بتخريب الهدنة من قبل الغرب.
وقعت روسيا والولايات المتحدة اتفاقاً مهماً جداً في الـ9من أيلول بعد مفاوضات ماراثونية، حيث جرى الاتفاق على هدنة لمدة أسبوع في حلب، ابتداءً من ١٢ أيلول، على أن يجري أثناء هذا الأسبوع الفصل بين «المعتدلين ،الإرهابيين»، وعلى أن تبدأ بعده عمليات عسكرية منسقة بين روسيا وأمريكا، ضد الإرهاب الفاشي في حلب (بما فيها القوى «المعتدلة» إذا رفضت الانفصال)، على أن تكون سماء حلب حصرية للطيران الروسي والأميركي.
رغم احترام الجيش السوري وحلفائه، لبنود الاتفاق، وتنفيذ التزاماتهم، فإن المسلحين «المعتدلين» رفضوا الاتفاق، ولم يطبقوا الشق الخاص بهم، تحديداً فيما يخص الانفصال عن جبهة النصرة بل كان رد البعض منهم، هو: البدء بمباحثات اندماج مع النصرة.
في اليوم الخامس للهدنة، قامت أمريكا بالاعتداء على الجيش السوري، في موقع استراتيجي، نواحي مدينة دير الزور المحاصرة من قبل داعش، مع سكانها البالغ تعدادهم ٢٠٠ ألف، مما أدى لسقوط أكثر من ١٠٠ جندي سوري، بالإضافة لتقدم داعش. في اليوم السادس، تم استهداف قافلة مساعدات إنسانية، كانت في طريقها إلى شرق حلب، تبعها إتهام أمريكي لروسيا بالمسؤولية عنه، واشتراط أن تصبح سماء حلب حصرية للطيران الأمريكي فقط من أجل استمرار العمل باتفاق الـ 9من أيلول. هذا الشرط صيغ ليرفض، وهو ما حدث، وانسحبت أمريكا من الاتفاق وأعلنت إيقاف المحادثات الثنائية كلها مع روسيا، وبدء البحث عن حل «بديل» عن الحل السياسي.
في السادس من تشرين الأول، يعلن المبعوث الدولي دي مستورا عن مبادرة تتضمن، خروج مقاتلي النصرة إلى مدينة إدلب بهدف تجنب دمار حلب. وافقت روسيا على المبادرة، أما المعارضة المرتبطة بالغرب فقد طالبت باستقالة دي مستورا. في الثامن من الشهر نفسه، تواجه مشروعان أمميان في مجلس الأمن، الأول فرنسي: يطالب بوقف إطلاق النار من قبل النظام لكنه لا يتناول عقدة المسألة والتي هي فصل «المعتدلين» عن الإرهابيين. المشروع الثاني الروسي: طالب بوقف إطلاق النار، وبتطبيق الاتفاق الروسي الأمريكي بخصوص فصل «المعتدلين»، كما طالب بتطبيق مبادرة دي مستورا. لم يتم تمرير أياً من المشروعين.
في الـ ١٨ من تشرين الأول، أعلنت روسيا ومعها الجيش السوري عن هدنة من جانب واحد، لمدة خمسة أيام، مع دعوة المسلحين للخروج، إلا أن القوى المسلحة لم تخرج، ومنعت خروج المدنيين. ولم تستأنف الضربات الجوية الروسية على حلب حتى الآن.
بالمحصلة، إن ما يحدث في حلب يوضح بأن أمريكا تدعم الإرهابيين وتعمل على حمايتهم من كل مواجهة جدية لهم. إن ما أعلنه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في ٢٠١٢ بأن «النصرة تقوم بعمل جيد»، يتم التأكيد عليه يومياً من قبل المعارضة السورية المعترف بها من قبل الغرب كـ «الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري». إن «الائتلاف الوطني السوري» يدافع بشكل علني عن النصرة، ويرفض تصنيفها كمنظمة إرهابية.
نحن في حزب الإرادة الشعبية، نعتبر داعش والنصرة والمجموعات المتعاونة معها، كقوى فاشية جديدة تم تصميمها، واستخدامها وتوظيفها من قبل الأوساط الأكثر رجعية، من قبل رأس المال المالي الدولي، تماماً كما فعلوا مع النازية في ثلاثينيات القرن المنصرم، في حين ترفض فيه هذه الأوساط التسليم بالتهاوي المتسارع للهيمنة الأمريكية، كمركز امبراطوري لهم، تهاوٍ على صعيد العالم، وفي منطقتنا.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 789