واشنطن المضطرة: نحو الحل السياسي دُرْ..!
بعد ما يشبه قطيعة دبلوماسية، روسية- أمريكية، بما يتعلق بالشأن السوري، «عادت المياه لمجاريها» الموضوعية!
شهد الصيف الماضي كثافة عالية في الاتصالات الروسية- الأمريكية بما يخص حل الأزمة السورية، سواء على مستوى وزيري الخارجية أم وزيري الدفاع، أم الخبراء. وكان الضاغط في ذلك الحين، ولا يزال، الدخول العسكري الروسي، الذي كان قد حقق إنجاز «تدمر» وإنجازات أخرى مهمة، وبدأ بالاستعداد نحو الرقة وحلب، بالتوازي مع استحقاق الجدول الزمني للقرار الدولي.
مع نهايات الصيف، جرى تصعيد الأمور في حلب، واتضح أنّ السعي الأمريكي كان يهدف لا إلى إطالة أمد الاشتباك فحسب، بل وإلى توسيعه عبر محاولة نسف القرار 2254 بشتى السبل.
جرت الرياح خلال الأشهر الثلاثة الماضية بما لا تشتهي السفن الأمريكية، فمحاولات التصعيد في حلب، سواء عبر النُّصرة وأشباهها، وما مرت به من تحولات كوميدية عبر «فتح الشام» وصولاً إلى «جيش حلب» في محاولات يائسة للخروج من تحت الضرب، أو عبر الأتراك الذين بدأوا «يطبخون من رؤوسهم» منذ ما بعد الانقلاب، أو فلنقل أنهم باتوا يعملون بدرجة استقلالية أعلى عن واشنطن، وتصريحات يلدرم الأخيرة مثال واضح على ذلك (وذلك رغم أن دورهم لا يزال سلبياً ومعادياً للشعب السوري)، هذه المحاولات الأمريكية جميعها باءت بفشل ذريع كمحصلة نهائية، بل وأكدت القاعدة التي قالتها «قاسيون» مراراً: «ما يمكن تحصيله اليوم لن يجري تحصيله غداً». فالولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، وبحكم تراجعهم المستمر، ومع كل صباح يطلع عليهم، سيكونون أضعف مما كانوا عليه في يومهم السابق بالضبط! نعم، إلى هذه الدرجة تراجعهم سريع، وربما أكثر...
خلال الأيام الماضية، وتحديداً منذ لقاء روما بين لافروف وكيري في الثاني من الشهر الجاري، والذي جاء على أساس اقتراح من كيري، بدأت جولة جديدة من الكثافة الدبلوماسية، سيكون تسارعها أعلى من سابقتها، ونتائجها أفضل.. ومن بين مؤشرات هذا التسارع، السرعة الروسية العالية في نقض وإنهاء محاولات الالتفاف الأمريكية، وسرعة الولايات المتحدة في ابتلاع الصدمة والعودة إلى المضمار..
هذا ما جرى مع مشروع القرار (المصري الاسباني النيوزيلندي) الذي أوضحت الخارجية المصرية: أنّ دولاً بعينها أصرت على طرحه، رغم معرفتها المسبقة بعدم وجود توافق عليه، ومن ذلك تغيير اسم النصرة للمرة الثانية، والذي لم يغير شيئاً في واقع الأمور، ولم يلق حتى الحد الأدنى من التجاوب الذي لقيه التغيير الأول. هنالك أيضاً محاولة كيري تقديم «وثيقة جديدة» للروس بعد التوافق الأولي على «وثيقة قديمة»، وهذه اللعبة لم تدم أكثر من 24 ساعة، إذ نفى كيري المسألة بشكل موارب في السادس من الشهر الجاري، على هامش اجتماع وزراء خارجية دول الناتو، قائلاً: «لست على دراية بأي رفض واضح أو بخطة جديدة بشأن حلب تقتضي الانسحاب المفترض للثوار من حلب».
المحصلة، هي: أنّ النقلات الميدانية الكبيرة الجارية في حلب، تمثل انعكاساً مباشراً لميزان القوى الدولي الذي مالت كفته بشكل واضح ضد أعداء الشعب السوري بأشكالهم المختلفة، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني.
هذا الميزان ذاته، هو الذي يفتح الباب الآن، وأوسع من أي وقت سابق، أمام تنفيذ القرار 2254، والذي من شأنه إنهاء معاناة السوريين والسماح لهم بتقرير مصيرهم بأنفسهم، وصولاً إلى تغيير جذري شامل، بات عتبة لا يمكن دونها ضمان عدم استمرار الأزمة، بل وإعادة إنتاجها بشكل أكثر تدميراً وكارثية وخطراً على سورية، موحدة أرضاً وشعباً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 788