بين الإنساني والسياسي!
عامر الحسن عامر الحسن

بين الإنساني والسياسي!

كثر الحديث عن الجانب الإنساني، وإنقاذ المدنيين، أثناء المواكبة الإعلامية لمعارك حلب، وتصاعد مع مشروع القرار الثلاثي، «المصري، النيوزيلندي، الاسباني» الذي قدم إلى مجلس الأمن، والداعي إلى هدنة، ووقف العمليات العسكرية في مدينة حلب لمدة أسبوع.

 

لاشك إن إيقاف الكارثة الإنسانية، يجب أن يكون على رأس جدول أعمال أي نشاط عسكري أو سياسي يتعلق بالأزمة السورية، لكن مأزق أصحاب «النزعة الإنسانية» هذه، يكمن في الفصل بينها وبين السياسي، وكأن الكارثة السياسية معلقة في الفراغ، مع العلم أن الأصل في انتهاك حياة الناس، وتدمير ممتلكاتهم، وتهجيرهم، وخطفهم، واعتقالهم، وتجويعهم، وإفقارهم، وحصارهم، هو الموقف السياسي في الأزمة السورية.

والمشكلة الثانية لدى أصحاب هذه النزعة، أنها طارئة وموسمية، تأتي للتشويش على جهود الجانب الروسي في دحر الإرهاب، وتصاعد بروباغندا الحديث عنها،  حصراً مع  كل تراجع للجماعات الإرهابية، في أحد الميادين.

إن أية محاولة لفصل الإنساني عن السياسي، هي حديث في النتائج دون المقدمات، وهي فصل قسري لا يؤدي إلا إلى استفحال الكارثة الإنسانية أكثر فأكثر، ويقصد بها منع التقدم على طريق الحل السياسي، ومنع تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، أي أن الذي يتحمل مسؤولية استمرار الكارثة الإنسانية، هو الذي يعرقل عملية الحل السياسي، فالجانب الإنساني يستخدم من طرف واشنطن، وأتباعها للتهرب من حل جذري للظاهرة، والتغطية على التهرب من جملة التوافقات الدولية حول الأزمة السورية، وعدم تحمل مسؤولياتها بهذا الخصوص.

اعترف المندوب المصري في مجلس الأمن، بأن طرح مشروع القرار الثلاثي كان متسرعاً، وأنه تم فرض طرحه قبل استكمال التوافقات المطلوبة والمفترضة حوله، واللافت أنه جاء بعد الإعلان الروسي عن صيغة أمريكية لانسحاب المسلحين، تسلمها الجانب الروسي من وزير الخارجية الأمريكي، تتفق مع رؤية موسكو، كما أعلنت الخارجية الروسية، أي أن ما تضطر واشنطن على تقديمه باليد اليمنى، تحاول سحبه من التداول باليد اليسرى، لتتأكد مرة أخرى، حالة الارتباك والتردد في طرف مطبخ القرار الأمريكي الذي يدفع السوريون ثمنه دماً ودماراً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
788