الافتتاحية.. خيارهم الحرب.. خيارنا الشعب!

يصعِّد قادة الامبريالية الأمريكية، سواء الظاهرون منهم في البيت الأبيض والبنتاغون والخارجية أم المستترون في أروقة الكونغرس، وما يُسمى بمراكز الأبحاث وأجهزة الإعلام، هجمتهم الشاملة على المنطقة. ويعلنونها صراحة أنه «إذا كان المعيار في الحرب الباردة هو إسقاط الإتحاد السوفييتي، فإن المعيار اليوم هو إسقاط مجموعة أنظمة بعد أفغانستان والعراق والأنظمة المعنية في المرحلة الثالثة من الحرب العالمية الرابعة هي إيران وسورية ولبنان...»!!..

 فأمام هذا الوضوح في أهداف المشروع الامبراطوري الأمريكي، لابد من فهم الجوهر الطبقي للإمبريالية العالمية، والأمريكية خصوصاً، والتي تحاول أن تدير العالم بمنطق الشركة الاحتكارية، لأن أي تجاهل للبعد الطبقي فيما تفعله وتخطط له الامبريالية للخروج من أزمتها البنيوية سيؤدي إلى نقل المفاهيم من أبعادها الطبقية إلى المستوى الجغرافي والإقليمي لحالة الصراع، وهذا ماسيضعف إمكانية قيام جبهة مواجهة شاملة تجهض المخطط الأمريكي الرامي إلى استفراد كل دولة على حدة، كما لايمكن فهم الموقف الفرنسي المبادر للقرار 1559 ـ الذي قيّمناه بأنه عدوان جديد ـ إلاّ انعكاس للمصالح الطبقية للامبريالية الفرنسية، التي استشعرت بأن هناك خطة أمريكية ـ صهيونية متسارعة نحو اجتياح «منطقة سايكس ـ بيكو»، ومن هنا التحقت فرنسا بالقطار الأمريكي وتبنت «مبادرة» دفع ملف العلاقات السورية ـ اللبنانية، (وهي شأن داخلي لكلا البلدين بغض النظر عن ملابساتها وتعقيداتها وتداعياتها)، إلى مجلس الأمن الذي تغيرت الاصطفافات داخله، بعكس ماكان عليه الأمر عشية غزو العراق.. (الموقف الروسي والصيني نموذجاً). 

 إذاً نحن أمام بوادر هجمة استعمارية جديدة مغلّفة بمزاعم «تحقيق الديمقراطية والحرية وتداول السلطة وحقوق الإنسان»، والتي تحقق عكسها تماماً في العراق على أيدي قوات الغزو الأمريكي وحلفائه المستعمرين الآخرين. ومن هنا فإن القرار 1559 هو قاطرة الحرب التي ستنتقل لاحقاً من بلاد الرافدين نحو جبهة عربية وإقليمية جديدة، خصوصاً أن فكرة ومخطط العدوان على سورية ولبنان هي من ضمن أجندة متطرفي البيت الأبيض منذ إقرار ماسُمي بـ «قانون محاسبة سورية واستمرار الحديث عن تحريرها...»!.

 لاشك في أن الهجمة الامبريالية ـ الصهيونية الشاملة لايمكن مواجهتها إلاّ بمقاومة شاملة، وهي من وجهة نظرنا مفهوم طبقي بامتياز من حيث أن قوامها الأساسي هو الشعب بقواه الحية القادرة على مجابهة العدوان عبر تحشيد طاقات المجتمع وتعبئتها على الأرض وعدم الاستهتار بما هو قادم.

 

 وعندما نؤكد أن المقاومة مفهوم طبقي، ننطلق من التجارب المُرّة التي عانت منها شعوبنا وبلداننا، والتي تؤكد بأن أية مقاومة تعتمد على جهاز الدولة فقط، وتفتقد إلى عمقها الشعبي، تتحول إلى عملية تكيّف أو لاتستطيع الصمود أمام تفوق العدو عدة وعدداً. ولئلا تقع الفأس على الراس، ومن أجل تجنب مخاطر مخطط «الحل المركّب» الذي تعده الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل الصهيونية ضد سورية، لابد من البدء الفوري بتعبئة جماهير الشعب والتحضير للمواجهة الكبرى المرتقبة، دفاعاً عن كرامة الوطن والمواطن، وهذا يتطلب توطيد الوحدة الوطنية، وتلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية للمجتمع، والوقوف بحزم ضد ناهبي قوت الشعب، ووقف مسلسل الخصخصة الزاحف، والذي إذا مااستمر سيهدد السيادة الوطنية، وسينال من حقوق ومكاسب الجماهير الشعبية الفقيرة والتي سيقع على عاتقها عبء المواجهة مع الغزاة الجدد وإنزال الهزيمة التاريخية بهم. هذا هو السبيل الحقيقي ولا سبيل غيره.

معلومات إضافية

العدد رقم:
231