ندوة «الوطن» في حمص:   المخاطر التي تجابه سورية، ومهام القوى الوطنية استعادة العلاقة مع الجماهير تتطلب الدفاع عن حقوقها

بعد ندوة الوطن التي عقدت في دمشق عشية ذكرى الجلاء، تحت عنوان «المخاطر التي تواجه سورية، ومهام القوى الوطنية»، فتح النقاش في المحافظات السورية تحت العنوان نفسه، كي يتاح للباحثين والشخصيات الوطنية على امتداد البلاد دخول دائرة الحوار والنقاش حول هذه الموضوعة، للوصول لرؤى مشتركة في تحصين الوطن من المخاطر الداخلية والخارجية. وقد عقدت في مدينة حمص يوم 3/8/2004 ندوة هامة تحت العنوان نفسه، حضرها طيف واسع من الفعاليات السياسية والاجتماعية والعلمية في المدينة.

وقد افتتح الندوة الرفيق منصور الأتاسي عضو اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين وأدار أعمالها الأستاذ د. رضوان قضماني. وتحدث نحو (18) مشاركاً في نقاش مفعم بالجدية والحماسة.

فيما يلي مقتطفات من سير أعمال الندوة:

حوار واسع لمختلف الأطياف

منصور الأتاسي:

ندوتنا هذه جزء من حوار واسع لمختلف الأطياف السياسية الوطنية حوار موضوعي يؤسس للديمقراطية واحترام الرأي الآخر ويسعى إلى إيجاد وتطوير أشكال تعاون ملموسة على أساس:

-1 عدم التنازل عن الأسس الوطنية وتأمين احترام كرامة المواطن.

-2 عدم الاستقواء بالخارج لأنه لايؤدي إلا إلى الخزي.

لعل أكثر ما يعيق الحوار الوطني التمترس في خندقين يمتنع تجاوزهما بسبب:

أولاً: إنكار البعض وجود أي أساس للوحدة الوطنية.

ثانياً: هناك من يعتبر أن صيغة الجبهة الوطنية التقدمية هي سقف الوحدة الوطنية، مما أدى إلى إصابتها بثلاث علل:

النزوع نحو المكاسب والنفعية. استسهال العمل من فوق وإدارة الظهر للجماهير. البطش بالرأي الآخر عموماً وداخل كل حزب خصوصاً. الأمر الذي يقف عقبة أمام أية إمكانية جدية لشد قوى الشعب وتعبئة طاقات المجتمع مما يؤدي إلى تهيئة الظروف اللازمة لمجابهة قوى العدوان الخارجي ومكافحة قوى النهب الداخلي. للخروج من المأزق لابد للحوار الوطني أن يجد مساره الطبيعي ودفعه للوصول إلى نتائج ملموسة واقعياً دونما حاجة للاعتداد بقوة السلطة وقوانين الطوارئ والأحكام العرفية. لأن مايواجهه الوطن من مخاطر يفرض على جميع القوى الوطنية داخل الجبهة وخارجها السعي الجدي لتعزيز الوحدة الوطنية بالاعتماد على قوى الشعب فقط وصولاً إلى ميثاق وطني يفضي إلى عقد مؤتمر وطني.

لايمكن لأجهزة الدولة وحدها حماية السيادة الوطنية وهذه تتطلب الاستناد إلى قوى الشعب وتعبئة قوى المجتمع. واقعياً لابد من الاعتراف بضرورة ردم الهوة بين الجماهير / الشارع والحركة السياسية التي ضعف اتصالها به بما يتناسب مع حجم المهام والضرورات التي تتطلبها المصلحة الوطنية، فلا يجوز أن تصل الجماهير إلى مرحلة الإحباط وليس من المفيد عزل المجتمع عن الممارسة السياسية بأوسع معانيها وهذا لن يتحقق بابتعاد الحركة السياسية عن الجماهير وقضاياها الرئيسية.

إن استعادة العلاقة الجدلية مع الجماهير الشعبية لابد لها من الاعتماد على الدفاع الجدي عن حقوقها الاقتصادية والديمقراطية ومحاربة قوى الفساد والنهب. إن الموقف الوطني لبلدنا يجاهر بمشروعية المقاومة الوطنية ووجوب دعمها في فلسطين والعراق ولبنان، ويطالب بمعالجة الخلل في الحقل الاقتصادي، وتدني نسب النمو وعدم تناسب توزيع الدخل الوطني أي بين الأجور والأرباح، والعمل على إيجاد الحلول لمشكلة البطالة، هذه الأمور التي تؤدي إلى إضعاف الموقف الوطني وتقوي الاتجاهات الداعية إلى خصخصة القطاع العام وصولاً إلى إلحاقنا نهائياً بالسوق الرأسمالية العالمية.

إننا ندعو إلى تجنيد عموم قوى المجتمع ضد اتساع قوى النهب وانتشار الفساد في جميع مظاهرهما وإفساح المجال لقوى المجتمع كي تلعب دورها وتساهم في حل مشكلاتها ومعالجة قضاياها عبر البحث العلمي والموضوعي بين جميع القوى الفاعلة وتعزيز الوحدة الوطنية والتحسب لأي مواجهة خارجية. هناك ترابط بين مجمل القضايا التي تواجه بلدنا، لم يعد جائزاً اليوم الادعاء بأولوية الديمقراطية على الوطني والاجتماعي وبالعكس فأولويات هذه القضايا الثلاث مرتبطة بعضها ببعض وعلى درجة واحدة من الأهمية.

المطلوب ليس جبهة وطنية، بل جبهة وطنية فاعلة

الأستاذ إدوار حشوة:

توقف بداية عند عنوان الندوة حيث اعتبره كبيراً وواسعاً، وبالتالي لابد من معرفة المخاطر التي تهدد سورية. حيث أن هناك مخاطر خارجية تتعلق بالمطلوب من سورية، ومخاطر تتعلق بالموضوع الفلسطيني ومخاطر تتعلق بالموضوع الداخلي.

المطلوب هو فصل كل بلد عربي عن الوحدة العربية، ليهتم كل بلد بشؤونه ككيان منفصل عن محيطه. وهذا الخطر يؤثر على سورية والمنطقة بشكل أوسع لأن سورية تدعو للوحدة العربية، والمطلوب فصل كل بلد عربي عن المسألة الفلسطينية، ليفاوض على هذه المسألة الفلسطينيون والإسرائيليون على انفراد، وفصل الدين عن السياسة وتشجيع الأحزاب العلمانية، لأن فقدان الديمقراطية يؤدي بالناس للتنفيس دينياً، ويريدون بذلك التخفيف من مخاطر صعود التيارات الدينية. وكذلك فصل النفط عن السياسة، فلا يريدون استخدام النفط كسلاح سياسي في المنطقة.

والمطلوب كذلك فصل المنطقة عن السلاح النووي، ويقولون: سلاح نووي بزناد عربي ممنوع، وإيران كبلد إسلامي وصلت لمرحلة متقدمة بسلاحها النووي، وبذلك أرى أن إيران في موقع الخطر. والمطلوب من سورية أن تفك ارتباطها بحزب الله وتجرده من السلاح ومن قربه من الحدود الإسرائيلية، واستخدام سورية للقضاء على المقاومة الوطنية في لبنان، وانسحاب سورية من لبنان وفقاً لاتفاقية الطائف، والانتقال من حكم الحزب الواحد للتعددية التدريجية، وكذلك فك ارتباط سورية بكل التنظيمات الفلسطينية، وترحيل المعارضين من سورية، والموافقة على اتفاق منفرد مع إسرائيل، ومشاركتها في مشروع «الشرق الأوسط الكبير» لإدخال إسرائيل في نسيج المنطقة والسماح للاستثمارات الأمريكية أن تكون صاحبة الأولوية والأفضلية.

أما أبرز المخاطر الداخلية في سورية فهي البطالة.. ومتوسط نصيب المواطن السوري السنوي من الدخل الوطني هو نحو 950 دولاراً سنوياً. بينما نصيب الفرد في لبنان نحو 500 دلاور سنوياً من الناتج القومي... في سورية هُربت المليارات خوفاً من الإجراءات.. أو غسلوا أموالهم ووضعوها في الخارج، ومازالت الأموال في الخارج نتيجة تراجع الفئة الوسطى التي تدير عملية التنمية.

كذلك فإن قضية الإصلاح الاقتصادي والسياسي التي مازالت تطرح منذ قدوم السيد الرئيس، نجد أن هناك من يعيقون هذه العملية، فيطرحون الإصلاح الاقتصادي لإيقاف الإصلاح السياسي، ويطرحون الإصلاح السياسي لإيقاف الإصلاح الاقتصادي.

وباعتقادي فإن الإصلاحين مرتبطان ببعضهما البعض، ونحن بحاجة لمشروع شامل للوقوف بوجه المخاطر. كيف يمكن استنفار كل القوى السياسية للدفاع عن البلد وثوابته بعد أن أصبحت القوى الخارجية على مقربة منا؟ من هنا دعوتنا إلى مؤتمر عام تحضره أطراف علمية وسياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، لأن البلد للجميع. الوطن ليس الوزارات والمنافع، بل الأرض والكرامة، وهذه ليست مهمة الحزب الحاكم وحده، بل مهمة جميع أبنائه.

إن وجود أحزاب الجبهة في بلاد مهددة هو ضرورة، ولكن خلافنا هو على فعالية الجبهة وليس على ضرورتها، ولأنها ليست فاعلة تحولت إلى ديكور، المطلوب ليس جبهة وطنية، بل جبهة وطنية فاعلة..

إعادة تأهيل الحزب السياسي

والعقل السياسي

د. نايف سلوم:

المخاطر الخارجية، صحيح، والكلام عن أن الاحتلال والعدوان شيء قائم، وهو وضع خطير عموما ًعلى العرب وعلى السوريين. ولكن المخاطر الداخلية أكثر حساسية، ويجب التركيز عليها أكثر، أحياناً هناك مطالب خارجية تتلاقى مع الداخلية، وكأن الديمقراطية الداخلية مطلب أمريكي، وهذا يجب معالجته.

المهمة الأساسية في سورية هي طرح مبادئ عامة للنقاش العلني، وهذه المبادئ تتيح للفرقاء ممارسة السياسة تحت سقف موحد، دون هذا الإنعاش سنكون بمزيد من الإنهاك. فالمخاطر الداخلية ستتزامن مع الخارجية وتعطي نتائج انفجارية، ومن هنا فإن ضيق المرونة هو خطر يؤدي لانفجارات لاحقة.

وهو نداء للداخل السوري بالمرونة من الجميع، والتخلي عن الثأرية وردود الفعل. أي تأهيل العقل السياسي. والحكومة مدعوة لذلك بما فيها حزب البعث، فالعمل من الأعلى عطب وهو غير مجدٍ وأدى لتعفن الأحزاب السياسية، من هنا ضرورة العمل من الأسفل وإعادة تأهيل الحزب السياسي والعقل السياسي.

المساومة تفريط بالسيادة الوطنية

حمزة منذر:

هناك حديث كبير يدور عن المخاطر. ولاأعتقد أن أي باحث إلا ويأتي على هذه المعضلة، وكلما اشتدت المخاطر، لايمكن للحل إلا أن يكون داخلياً.

من هنا، عندما نقول أن الحل داخلي والمخاطر خارجية، يخطر ببالنا أن النظام العربي الرسمي استنفد نفسه، وأين هي النخب من شعار (التضامن العربي)؟! نطرح الحد الأدنى، ولا إمكانية لذلك فما العمل؟! في الحديث عن النخب أخشى أن يكون هناك تقدير بأن الجماهير لم تعد تقوم لها قائمة. وهذه رؤية سياسية غير دقيقة، وأعتقد أن الحركة العفوية للجماهير ترتقي عن الأحزاب السياسية.

نحن أمام عدوان متسارع في زمن متناقص، وسبب هذه المخاطر هو الوهم الذي ساد لدى العديد حول أمريكا، وأدى لسلوك المساومة وليس المقاومة. واتضح أن طريق المساومة لايعني إلا التفريط بالسيادة الوطنية.

والحديث فقط بالسياسة فيه (قلة أمانة) تجاه الجماهير. الآن كرامة المواطن لاتتجزأ عن كرامة الوطن، المسألة في السياسات الاقتصادية. فهناك من يطرح التخلي النهائي للدولة عن دورها وخصخصة القطاع العام.

تجليات النهب هو الفساد، وهناك من يقدره بـ 40 % من الدخل الوطني. وعملية النزف الداخلي تنتقل إلى الخارج، ولايمكن حل كل هذه المعضلات بقدرة حزب واحد، لذلك فإن الحديث عن الإصلاح دون قرار سياسي قبله، إنها مهمة تشمل الجميع، ويجب أن يساهم الجميع بها. وهناك نقاش يؤدي إلى حالة استعصاء، وكأن ذلك مقصود به عدم الحل.

هناك العديد من القضايا الهامة يجب حلها: المهمشون، التعليم، وغيرها وغيرها من المسائل الهامة وعدم حلها شيء خطير يجب مواجهته. دون ديمقراطية لكل القضايا، لايمكن النهوض في مواجهة المخاطر الداخلية والخارجية.

مواطنة غير منقوصة

عبد الحفيظ الحافظ:

تحدث بداية عن حق المواطن السوري في العيش بأمان ضمن دولة القانون والدستور الذي يصون حقوقهم وحرياتهم وخياراتهم الفكرية والسياسية وعقائدهم الدينية، وحقهم في تشكيل الجمعيات والمنتديات والأحزاب والنقابات.

وأكد أنه في وجه المخاطر التي تحيق بسورية، تصبح حقوق المواطنين السوريين أكثر إلحاحاً من أجل تحصين الجبهة الداخلية، سيراً إلى أن الاستحقاقات الخارجية والتهديدات لم تمنع الناهبين من النهب، وتوصل إلى أن سورية تعيش حالة أزمة تشمل كافة مناحي الحياة، نتيجة للفساد المستشري الذي لابد من وضع حد له كي لا تصل إلى الانفجار بفعلها الذاتي أو بفعل خارجي، إضافة إلى شكل النظام الشمولي الذي لم يعد مقبولاً وأدى لهيمنة السلطة على المجتمع. وتوصل إلى أننا غير قادرين على المواجهة إلا إذا اعتبرنا أن سورية لجميع المواطنين، مواطنة غير منقوصة، عندها نكون قادرين على إنجاز المهام الوطنية.

اقتسام التفاحة!

خالد الصالح:

اعتبر أن مايطرح محكوم بالاستحالة على صعيد العمل السياسي، كذلك هناك استحالة نتيجة الممارسات الداخلية، ومايبرر ذلك هو المشاركة في اقتسام التفاحة مع السلطة! وهذه اللحظة المأزومة هي نتيجة ماضي وأيديولوجيا، والسلطات الأيديولوجية بمختلف تياراتها عملت على استراتيجية إقصاء الآخر.

وتساءل: هل نستطيع أن نعطي شرعية لمثل هذا اللقاء دون حساب الآخر؟ واستنتج أن اللحظة الراهنة تتطلب أوسع من هذه اللقاءات وأن لا نخبئ ماهو انفجاري في لحظة قادمة كاقتسام التفاحة...

النوافذ المفتوحة

محمود نقشو:

اعتبر أن تفعيل الحوار عبر النوافذ المفتوحة وغير المفتوحة هو سبيل اللقاء، وذلك بعد أن اعتدنا على إلغاء الآخر وتخوينه، فنوافذ الحوار مقدمة لعمل وطني حقيقي.

وحول تطوير الأحزاب هناك مقترحات عند الجميع بما فيهم حزب البعث، وهنا للقواعد رؤية، ولكن لايتاح لها الجرأة الكافية لتقول كلمتها، ولابد من الوحدة واللقاء والحرية والديمقراطية، فالجماهير بدأت تقول كلمتها، وأتمنى ذلك على الأحزاب.

القطاع العام يموت بالتدريج نتيجة الفساد، جميعنا نشترك بالمسؤولية في هذا الحوار، ويجب أن نفتح صفحة جديدة، وهي مقدمة فعالة.

المافيات تتحكم بالداخل

جورج سارة:

هناك مشروع عولمي له نقاط عديدة، وهذا المشروع على الأبواب وهناك مشاكل عديدة في سورية، ليست البطالة فقط، بل هي مشاكل بنيوية عامة، فهناك فساد اقتصادي واجتماعي وسياسي..

نحن الآن أمام أسباب ونتائج، والنتائج ستتحول إلى أسباب مقبلة. الأموال المنهوبة بيضت في الخارج لتعود إلى الداخل.

خطاب القسم كان عنوان نوايا، وكاد أن يكون برنامج عمل، ولكن الصراع في مراكز القوى السياسية هو الذي أدى إلى إيقافه..

وبذلك لن يكون هناك لاربيع دمشق ولاغيره إن لم يكن من الناس. المافيات تتحكم بالداخل، وهي أدوات الخارج، ولا أرى الكثير من الفصل بين الخارج والداخل، وهناك ترابط بين الوطني والاقتصادي الاجتماعي. في جولة أحزاب الجبهة على المحافظات قال أحد الوزراء: لايوجد شيء بيننا وبين أمريكا، ورد عليه أحد الحضور بأنه يوجد الكثير من دم أبناء العراق وفلسطين، والكثير من معاناتنا.

الإصلاح عملية متكاملة

محمود عيسى:

إن المخاطر التي تهدد الوطن داخلية وخارجية، قد تختلف الأولويات لكننا ربما نتفق أن المسألة في علاقة متممة ومترابطة. إن مفتاح أي حل هو بالعودة إلى الوطن في الداخل والاعتراف به وقيام المواطنة لايكفيها حمل هوية يكتب عليها (ع.س)، وجرى على مدى العقود الماضية عملية إنهاك المواطن وحشره في الزاوية الضيقة ودفعه للركض وراء لقمة العيش وتفريغه واستنزاف طاقاته الروحية، ولم يعد للكرامة الشخصية أي حضور أو معنى في ظل استلابها في كل مكان.

الإصلاح عملية متكاملة تحتاج إلى إصلاحيين بالحد الأدنى وإلى أصحاب مصلحة حقيقية بها.

دور المرأة

صباح ضميراوي:

لفتت النظر إلى واقع المرأة المتخلف جداً، وضرورة زج طاقات نصف المجتمع لمجابهة المخاطر.. وطالبت بعقد ندوة خاصة عن المرأة.

بين الإنسان والقرود

محمد الأقرع:

روى أن أحد الأصدقاء الذي كان حتى الأمس القريب من عداد المعارضة العراقية الذين احتضنتهم سورية، اتصل به ليقول: أبشرك أن بوش سيكون قريباً في دمشق!! وذكره ذلك بالمفارقة بين الإنسان والقرود، ففي مشهد تعرض أحد القرود لمحاولة ابتلاع من التمساح، فما كان من القرود الآخرين إلا أن اجتمعوا وتعاونوا على تخليص زميلهم... مستنتجاً: الاستفادة من هذا المثل!!.

نحو مؤتمر وطني عريض

محمد محفوض:

المواطن، هو المواطن الذي يعيش بكرامته على الأرض. وعندما نتحدث عن المخاطر التي تهدد سورية، نجد أنه عنوان كبير، لذلك يمكن أن نتحدث عن المخاطر حسب أولوياتها:

-1 خطر الاستبداد السياسي.

-2 مخاطر التأخر التي نرزح تحتها.

-3المخاطر الأمريكية، وتأتي في المرتبة الثالثة.

ففي البلدان التي يسود بها الاستبداد تموت الوطنية. فما العمل؟ العمل نحو مؤتمر وطني عريض دون قيود أو رقابة أو إقصاء لأحد، وبذلك تكون البداية، لتتلوه ورشات عمل.

الأسس للوحدة الوطنية

محمد طباطب :

بداية أشكر اللجنة الوطنية التي كانت أكثر ديمقراطية من الفصائل الأخرى في فتح باب الحوار..

والحوار لايمكن أن يتم إلا من خلال المواطنة، وحق الأحزاب في التعبير عن الرأي، ومن هنا لابد من إصدار قانون عصري للأحزاب ورفع الأحكام العرفية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسيادة القضاء وإلغاء احتكار الحزب الواحد للسلطة.

وأحد مهام المؤتمر الوطني، وضع الأسس للوحدة الوطنية.

الخارج يخيفني.. والداخل يرعبني

حسن الصفدي:

عداء الشعب يحاسبون عندما تكون هناك سلطة للقانون، ولن أحصل على طعام إذا كان المتسلط لايريد ذلك.

مادامت الوحدة ليست على الأبواب، فالحلول منفردة والصلح منفرد.

نتحدث أن هناك حزب في الجبهة له وظيفة أكبر، هل نريد بالتالي تفعيل توسيع الوظائف؟!.

مايطرحه الخارج يخيفني، وماأراه في الداخل يرعبني.

السلطة والأحزاب الحاكمة تتحدث عن الخطر الخارجي، ولاأستغرب موقفها.

قبل أن نطالب الآخرين يجب أن نفهم أنفسنا. ماذا نريد نحن، وكيف نعيش ونتفاهم مع بعضنا.

مشكلتنا اجتماعية قبل أن تكون سياسية

ناجح حمود:

أريد أن أتحدث بمنطق الحلول، وأقول: قد يكون هناك من هو أقوى منك، ولكن لن يستطيع أن يمنعك بأن تكون أفضل منه.

اللص لايستطيع أن يسرق وحده، من يعينه على السرقة هو صاحب المنزل لأنه يدع له ثغرة يدخل منها. مشكلتنا اجتماعية قبل أن تكون سياسية، والمشكلة الاجتماعية هي معطى أول للسياسة.

الشعارات السياسية هي مجرد شعارات وهي محاولات للانفعال وردود الفعل، ويرى الآخرون ضمن ظروف معينة بأنهم غير قادرين على اللحاق بهذا الشعار. فنهزم ويهزم الوطن وتهزم الإنسانية أمام هذا الموضوع.

علاقة الداخل بالخارج ليست علاقة قطيعة، فهي تحتاج للهواء والماء والغذاء من الخارج، وأركز على الناحية الاجتماعية، لنعمل ونتآخى بها، لأننا بالمعنى السياسي نختلف، وبالاجتماعي يجب أن نكون أكثر إيجابية وفعالية تجاه الآخر.

لاأحد يمتلك الحقيقة كاملة!

شفيق درويش:

المسؤولية تقتضي أن لانشتم الآخر وأن لانطالب الآخر، وإن كان معادياً، أن يفعل ما نريد، لأنه لن يفعل مانريد، والشيطان يكمن في التفاصيل، والتفاصيل هي كيف نخرج من الواقع إلى المطلوب؟! المأزق هو في تحول التحليل إلى تنظير، قد نختلف في تحليل الواقع وعندما نطالب الآخر بأن يفعل مانريد سنكون منظرين.

الجماهير ابتعدت عن أحزاب الجبهة، ولكن هناك أحزاب غير جبهوية، لماذا ابتعدت الجماهير عنها، هل المشكلة في الأحزاب أم في الجماهير؟! بعض المطالب تحتاج إلى الزمن، الديمقراطية مطلب مهم وجذري وحقيقي، ولكن لنتفكر قليلاً إلى الأمام: لو أطلقنا الديمقراطية، من سيضمن النتائج..

إنها ستكون نتائج كارثية! يجب إعداد الجو لوجود ديمقراطية أفضل، علينا أن لانبدأ باشتراط قبول الآخر، ولاأحد يمتلك الحقيقة كاملة، فالتجربة الشيوعية يعترفون بأنها بحاجة إلى إعادة دراسة وتعميق نقاش.

المواجهة على قدر التحديات

د. قدري جميل:

سأحاول أن أناقش بعض القضايا الإشكالية من أجل السير قدماً بقضية الحوار الوطني.

اليوم يجب اعتبار الحوار الوطني شيء ضروري، والوصول للميثاق الوطني ضروري، ومن الحوار إلى الميثاق هناك تفاصيل يمكن الاتفاق عليها، وفي التفاصيل اعتبرنا لايوجد إشكال بنيّة، إن هناك إشكال، ودون إساءة ظن، البعض لايريد الحوار الوطني.

وهناك نقطة إشكالية ثانية: عند دخولنا للحوار الوطني، هل المقصود تقسيم التفاحة؟ لا أبداً.

لقد وضعنا جانباً المكاسب والمغانم. وليس المقصود الوصول لصيغة سلطة جديدة، بالنسبة لنا على الأقل، ونحن ضمن درجة الخطر التي تحيق بوطننا، إننا بصدد المواجهة على قدر التحديات. عنوان الندوة: المخاطر التي تجابه سورية.. هل هناك مبالغة بالمخاطر؟ هل فعلاً هناك مخاطر خارجية، أم أننا نبالغ بالموضوع؟ التصنيف بين الداخلي والخارجي شيء شرطي، ولكن يجب أن لانبعد أهداف الأمريكان: إعادة ترتيب المنطقة. البعض يظن أنه بالشطارة يتفادى الضربة، وإذا لم نعطهم ذرائع وحجج لايضربوننا!!.. العائلة المالكة في السعودية التي خدمت الإمبريالية الأمريكية على مدى خمسين سنة يريدون تغييرهم.

القضية أنهم يريدون تغيير بنية ومجتمعات، وهذا يجب أن يكون مفهوماً. بعض المسؤولين في الأحزاب الموالية والمعارضة يقولون يجب أن لانعطيهم حجة، وكأنهم يبحثون عن حجة. في مقال صحيفة «قاسيون» الأخير قلنا أن التدخل العسكري في السودان بات قاب قوسين أو أدنى، والولايات المتحدة ترسم محاور جديدة وتغلق الدائرة. ودارفور هي بالنتيجة مصر كي لاتستمر بدورها، لخلق الظرف الاستراتيجي الذي يلهيها جنوباً. وفي مصر هناك شيء جدي يتعلق بمصير ومستقبل النظام ككل.

هناك تغيير بنية، إلى ماذا يستند هذا التغيير؟ هناك نقاط استناد لتغيير البنية، مثال البطالة كمفهوم سياسي واقتصادي واجتماعي. البطالة بين الشباب تتراوح من 50-80%. كيف يمكن حل هذا الموضوع، لابد من استثمارات، جرى الحديث مطولاً عن قانون الاستثمار، ولم يأت بشيء. لماذا؟ 90% من الاستثمارات الخارجية تبقى بالخارج بين بلدان الشمال، وتوجه 10% بقرار سياسي من الشمال إلى الجنوب.

أن نأمل بالاستثمارات هذا لن يتم. وضمن منطق الأمور، دون العامل الدولي، أي مغفل يقبل أن يأتي بنقوده ليدفع عليها خوّة لأوساط البرجوازية البيروقراطية والبرجوازية الطفيلية. هذا غير وارد. ولكن هل هناك إمكانية للنمو في البلاد. نعم. هناك 20% من الدخل الوطني يُنهب، والدخل الوطني هو نحو تريليون ليرة، ينهب منه 200 مليار، والخبراء يقولون أنه يمكن إيقاف النهب من خلال الإقلاع بالنمو، وهذه قضية وطنية تدخل ضمن مفهوم الأمن الوطني. والبطالة لها علاقة بهذا المفهوم الوطني بالمعنى الواسع، وهي اجتماعية لاتًحل اقتصادياً أو اجتماعياً، بل تحل بقرار سياسي، والذي يوقف ذلك هم المتضررين من النهب.

هل هناك وصفة جامعة مانعة للديمقراطية؟! يعلمنا أنجلز أن الديمقراطية معطى موضوعي، وهي مرتبطة بعاملين اثنين:

مستوى تطور القوى المنتجة.

مستوى التطور الحضاري الثقافي.

وهذه القضية مرتبطة بواقعنا وظروفنا الملموسة، وتراثنا وحاجاتنا الموضوعية. وهي، أي الديمقراطية، هل هي أولاً أم أخيراً، وهل يمكن حلها، دون حل القضايا المرتبطة بالقضايا الديمقراطية الاقتصادية الاجتماعية؟ يجب أن تسير كل هذه القضايا أولاً.

الليبرالية الاقتصادية لم تأت إلا بالعكس للديمقراطية، واقتصاد السوق جاء بالكثير من القمع. أي أن اتجاه نمو اقتصاد السوق هو قمع للحريات الديمقراطية، ولتنمية الحريات يجب حل القضايا الاقتصادية الاجتماعية.

حول المخاطر: كيف نتصور في الظروف الحالية اتجاه الضربة القادمة للولايات المتحدة الأمريكية؟ وفي سلسلة من المحاضرات لبعض الباحثين الأمريكيين من أصل سوري، وخلافاً للكثير من آراء المحللين، تحدثوا عن الأزمة الاقتصادية الأمريكية وعمقها، والتي تدفع بالولايات المتحدة الأمريكية نحو الحرب.. وعلى سبيل المثال هناك أكثر من (240) ألف مؤسسة أمريكية يشغلها البنتاغون، وفي كل مؤسسة هناك آلاف العاملين. وكان إيزنهاور قد سبق له وتحدث عن ذلك لأول مرة في خطبة وداعه وتسلم كينيدي، حيث حذّر من خطر المجمع الصناعي العسكري على القرار السياسي.

السؤال الآن: بعد الوضع العراقي الحالي، وبعد العرقلة للمخطط الأمريكي عسكرياً، ماذا سيحدث؟ المنطق الميكانيكي يقول: (نفدنا). والمحللين الموضوعيين يقولون: لاتخطئوا بذلك، وذكروا مثال التناذر الكمبودي، ونحن اليوم أمام خطر التناذر العراقي. وهو ما يؤكد احتمال اشتعال المنطقة وهذا هو الأخطر. المطلوب منا تأمين الظروف الداخلية من اجل المواجهة وتصليب الوحدة الوطنية، ويتم ذلك عبر لقمة الناس وكرامتها، ولقمة الناس لاتتحقق إلا عبر محاربة النهب الكبير، وهذه القضية لايمكن حلها إلا بمستوى عال من الديمقراطية، وهذا هو الأساس السليم للوحدة الوطنية.

المشكلة الأساسية أنه لايوجد أحزاب سياسية، هم أسماء بلا مضمون، المشكلة ليست أن الناس لاتفهم على الأحزاب، بل هناك هوة كبيرة، والجماهير تسبق الأحزاب، وحركة الجماهير العفوية سباقة للحركة السياسية الحالية كلها، وهذا يعني أن الأحزاب السياسية متخلفة عن الناس...

■ حمص بعثة «قاسيون»

 

كمال مراد

معلومات إضافية

العدد رقم:
227
آخر تعديل على الإثنين, 28 تشرين2/نوفمبر 2016 14:32