ندوة في دمشق: «المسألة الوطنية أمام التحديات» ضرورة الحوار لتعزيز الوحدة الوطنية، والتصدي للعدوان…

تسعى لجنة التنسيق لوحدة الشيوعيين السوريين بدمشق للاستمرار في عملية الحوار الوطني الواسع بين مختلف القوى الوطنية وفي أوساط الجماهير، انطلاقاً من حرصها على متابعة مابدأته «ندوة الوطن» الأولى في نيسان الماضي، والتي عقدت بدعوة من اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، وبرز فيها إصرار كبير ورغبة حقيقية لدى الجميع، لتفعيل الحوار الوطني من أجل تعزيز الوحدة الوطنية،ومجابهة التحديات والمخاطر التي تتهدد أمن الوطن واستقلاله.

وفي هذا الإطار، دعت لجنة التنسيق لوحدة الشيوعيين السوريين في حي ركن الدين إلى ندوة بعنوان «المسألة الوطنية في سورية أمام التحديات المحدقة بها»، حضرها العشرات من وجوه الحي، وممثلو بعض القوى السياسية وعدد من الشيوعيين.

وقد استهلت الندوة بالنشيد الوطني، رددته حناجر المشاركين،

■ ثم ألقى الرفيق محمد علي طه «أبو فهد» كلمة افتتاحية باسم اللجنة، رحب في مستهلها بالأخوة والأصدقاء والرفاق الذين لبوا الدعوة، وأكد أن الوطن لجميع أبنائه، وهذا ماأثبته النضال ضد الاستعمار، بدءاً من مأثرة ميسلون واستشهاد يوسف العظمة، مروراً بالثورة السورية الكبرى، وصولاً إلى الاستقلال، وهذا ما يجب أن يتم الآن، في ظل الاستهداف الأمريكي الصهيوني لسورية، وارتفاع وتائر التهديدات العدوانية المتسارعة في زمن متناقص، حيث بات من الضروري أن تتكاتف جهود جميع القوى الوطنية لتشكيل جبهة شعبية للمواجهة، تعتمد على الشعب، وتتمسك بخيار المقاومة، فتتعزز بذلك الوحدة الوطنية، ويصبح بالإمكان التصدي للعدوان الخارجي من جهة، وللخطر الداخلي المتمثل بقوى السوق والسوء وبرامجها الرامية إلى الخصخصة والنهب من جهة أخرى.

■ ثم تتالت المداخلات والكلمات، فتحدث د. عدنان أبو عمشة (الحزب السوري القومي الاجتماعي) عن خصوصية المرحلة، وأكد أن جميع القوى السياسية اليوم، تلتقي حول الانتماء والولاء للوطن، وأننا جميعاً نشكل مزيجاً هو المزيج السوري، بغض النظر عن لغاتنا وعروقنا، وهذا يجعلنا شركاء في مواجهة الأعداء، وإنجاز عمليات التحرير في فلسطين والعراق، والتصدي لكل محاولات تمزيق الوطن وبعثرته إلى إثنيات.

وقد عرّف مفهوم الوطنية باحترام مشترك للذات وإحساس بتضامن جماعي من أجل تحقيق الهيبة، وهي التي تخلق سمواً في الروح من شأنه أن يرفع الأفراد فوق مستوى الأناس العاديين... وهي شعور عميق بالمتحد قادر على الإلهام بأعظم الخدمات التي تتصف بالتكريس والبعد عن المنفعة... وقال: ليس من المعقول القول عن إحدى الجماعات أو إحدى وجهات النظر إنها بالضرورة أكثر وطنية من غيرها.

■ وقدم السيد إبراهيم كيكي مداخلة حمل فيها الأحزاب اليسارية جزءاً من مسؤولية تعطيل حركة الجماهير وضياعها وإحباطها، لعدم وضوح الرؤية عندها، وبسبب غياب الديمقراطية الحزبية فيها، مما أضعف برامجها وأبعدها عن الجماهير، وأوقعها في صراعات داخلية لا طائل منها، ورأى أن التصدي للمشاريع الاستعمارية يبدأ بالتسلح بالوعي الديمقراطي وإعادة اكتشاف الواقع، والعمل على إنشاء تحالفات وطنية محلية وعربية وعالمية.

■ وألقى الأستاذ شيخ داوود خليل مداخلة بالنيابة عن ممثلي الأحزاب الكردية المشاركة في الندوة أكد فيها أن الوجود الكردي في سورية حقيقة تاريخية وأن التنظيمات الكردية السورية تعمل على الدفاع عن حقوق الأكراد في إطار وحدة البلاد، ولا سبيل لتعزيز هذه الوحدة إلا بالديمقراطية، واحترام الآخر (السياسي ـ الإثني ـ المذهبي) وانفتاح القوى الوطنية على بعضها.

وأنهى كلمته بقوله: إن التطورات التي تشهدها منطقتنا، تفرض علينا جميعاً العمل الجاد من أجل توفير أرضية لحوار وطني ديمقراطي شامل يعزز وحدتنا الوطنية ويُشعر المواطن بكرامته وبانتمائه لموطنه، لنكون جميعاً جبهة قوية أمام كل التحديات التي تهدد وطننا سورية.

أي إصلاح نريد؟

■ ثم تحدث السيد محمد خير كريم عن الإصلاح في سورية وعن المنطلقات والأشكال التي يتخذها ومدى فعاليته في ظل تفاقم الفساد، وأكد أن الإصلاح الحقيقي يجب أن يكون شاملاً ومتكاملاً على أن يبدأ بالإصلاح السياسي أولاً لأن عبره تتم الإصلاحات الأخرى، وهذا هو الضامن الوحيد لخلق توازن مع العدو المتغطرس، فرفع الضغوط عن الجماهير وفك قيودها لتستطيع الصمود والمقاومة، هو الذي يضمن سلامة الوطن.

■ وقدم السيد جهاد الشريف مداخلة خصصها لتوصيف الطبيعة العدوانية للإمبريالية الأمريكية التي تنهب وتضطهد وتستغل وتدعم إسرائيل وتتجاوز الشرعية الدولية ليخلص بعدها إلى نتيجة مفادها، أن مصير العالم بأسره يتوقف على ما يجري في منطقتنا، وأن مقاومة مخططات العدوان وإفشالها، سيحدث تغييراً جذرياً على المستوى الدولي.

■ وفي كلمة شفهية قال الأستاذ عدنان شيخو إن الحوار الصادق بين جميع أبناء الوطن، هو السبيل الأنجح للوصول إلى النتائج السليمة ونحن في هذا الوطن، عرباً وأكراداً، في خندق واحد، كما أن كل أصحاب المبادئ والأخلاق الحميدة، على اختلاف رؤاهم، يمكنهم التعاون لخدمة الوطن.

■ وألقى الرفيق أيمن بيازيد كلمة أكد فيها أنه على جميع القوى الوطنية أن تقف صفاً واحداً لمواجهة الأخطار المحدقة بالوطن، خاصة في ظل تصاعد التهديدات الأمريكية والبدء بتنفيذ العقوبات الاقتصادية، والتي تهدف إلى تركيعنا، كما نبه إلى أن هناك دعوتين للإصلاح الأولى مشبوهة ومدانة لأنها تستقوي بالخارج والثانية مشروعة، لأنها ترمي إلى محاربة النهب والفساد وإعادة النظر بالسياسات المالية والاقتصادية، من دون أن تتخلى عن مواقفها المناهضة للإمبريالية والصهيونية، وذكر الرفيق بيازيد بالبرنامج الديمقراطي للشيوعيين، والذي جاء شاملاً ومتطوراً. 

■ وتحدث الأستاذ نضال خوري عن المخاطر التي تجابه سورية وقال: لابد من الإسراع بعقد مؤتمر وطني يضم كل القوى الوطنية داخل الجبهة وخارجها، الغرض منه تحقيق المشروع الوطني الديمقراطي الذي يرتكز على تلازم القضايا الكبرى الثلاث: القضية الوطنية والقضية الديمقراطية والقضية الاقتصادية الاجتماعية.

■ كما قدم السيد محمد كيكي أبو حازم مداخلة تناول فيها الواقع بعد احتلال العراق وازدياد شراسة المحتل الأمريكي الذي يتوعد بالعدوان على سورية... وأكد على ضرورة الاستناد إلى ما تختزنه بلادنا من تراث وطني وتاريخ في مقاومة المحتل... وأهمية تفعيل الحوار الوطني.

■ كما شارك د. بسام قره جولي بمداخلة شفهية ركز فيها على ضرورة مجابهة التحديات بتعزيز الوحدة الوطنية، وطالب بإعادة النظر بواقع الجبهة الوطنية الذي لم يعد يلائم الواقع والذي يتطلب إيجاد صيغة جديدة جديرة بضم جميع الوطنيين.

■ وتحدث الأستاذ أحمد مصلح عن دور القوى القومية والوطنية في التصدي لما تجابهه بلادنا من عدوان داهم وأشاد بالمقاومة الفلسطينية التي تعطي المثل الساطع في قدرة الشعوب المناضلة على الصمود والتصدي، إذا وحدت قواها وهيأت كل وسائل المقاومة.

■ كما شارك الشيخ د. محي الدين ميقري بمداخلة شفهية شدد فيها على ضرورة التعاون بين مختلف الفئات الوطنية لمجابهة المخاطر التي تهدد بلادنا.

وفي مداخلة مكتوبة تحدث السيد حسن ظاظا عن ضرورة تحصين وتصليب وطننا سورية فهذه مهمة ملحة لا تعلو عليها أي مهمة أخرى، وهذا يتطلب أن نعالج كل مشكلاتنا الداخلية بروح الحوار المتكافئ. 

■ كما قدم السيد بدر برازي مداخلة شفهية عبر من خلالها عن أهمية التواصل بين مختلف القوى الوطنية، ورأى في الندوة أحد ميادين الحوار الجدي والمفيد وضرورة متابعة هذه الحوارات للوصول إلى فهم مشترك يوحد الصفوف.

■ ثم ألقى الرفيق صالح نمر مداخلة، تحدث فيها عن أبعاد المسألة الوطنية، وأكد أنه لم يعد مقبولاً الفصل بين الوطني والديمقراطي والاقتصادي ـ الاجتماعي، ودعا كل القوى إلى مراجعة نقدية لتصحيح الرؤى، من أجل ردم الهوة بينها وبين الجماهير، كما بين للمشاركين أن الحزب الشيوعي السوري، كان أول من دعا منذ عدة عقود لحل المسألة الكردية.

وفي العموم، فقد أجمعت كل الكلمات والمداخلات على ضرورة استمرار الحوار للوصول إلى خلق جبهة داخلية متينة، والعمل على إيجاد آليات لتنفيذ المقترحات والتوصيات، والانتقال من القول إلى الفعل، والسعي الجاد لعقد مؤتمر وطني، تكون مهمته الأساسية، تعزيز الوحدة الوطنية، والانتقال إلى واقع أفضل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

لقطات من الندوة:

■■ ساد الندوة جو من الموضوعية والجدية، وابتعدت معظم الكلمات عن الخطابية والتزمت، وبدا فيها استعداد الجميع للحوار وقبول الآخر.

■■ حضر الندوة بعض الشيوعيين القدماء، في مقدمتهم الرفيق سعيد خلو «أبو فؤاد».

 

■■ شارك في الندوة رفيقان من الفرقة الحزبية لحزب البعث العربي الاشتراكي في الحي.