المركزية الديمقراطية كمفهوم

 كلمة الرفيق غانم الأتاسي:

●  ماهي التصورات لعمل الفرقة والهيئة القيادية؟

المركزية الديمقراطية كمفهوم يبحث في شكل بناء الحزب وآلية عمله، والمفهوم من سماته أنه قابل للتطور حسب تغير المهام والوعي في الحزب منسجم مع المقولة (بعد إقرار السياسة التنظيم يقرر كل شيء).

لنلق نظرة على سياسات الحزب السابقة، وكيف بنى الحزب هيكليته وآليات عمله لتنفيذ هذه السياسة؟

تمحورت سياسة الحزب في العقود الخمسة الأخيرة حول التحالفات مع البرجوازية الوطنية الكبيرة والصغيرة، ولنتذكر الحديث حول المليونير الأحمر إلى التحالف الحالي، حتى أننا كنا نتحدث في الستينات عن التطرف اليساري لدى قسم من البرجوازية الصغيرة، أي أنها على يسارنا!!

بالمقابل ماهي شعاراتنا التنظيمية (القيادة هي عقل الحزب ـ المركزية اختصرت إلى خضوع الهيئات ـ الحلقات الصغيرة القاعدية ـ التنظيم على أساس السكن…إلخ) أي أن شكل التنظيم وآلياته مبنية على أساس مهام تغيير ثورية، وكأننا نعمل لقيام الثورة.

إذا كان الحزب بدون أي مهمة جدية، بل اختصر نضاله في العقود الثلاثة الأخيرة على رفع المذكرات، وتقديم بعض الرفاق إلى بعض المسؤوليات في الدولة. وسادت هذه الفترة ماعدا مابين المؤتمر الخامس (حيث بدأ بالتنظيم على أساس مكان العمل، وقاد الحزب عدد من المطالب الجدية، وقد أوقفت هذه النضالات بقرار).

كيف عالجت قيادة الحزب خلال تلك الفترة عملنا التنظيمي؟

رفعت الشعار المخادع (رفع سوية العمل التنظيمي إلى سوية العمل السياسي). ببساطة أعلنت القيادة أنها رسمت السياسة الصحيحة بينما التنظيم هو المقصر، أي أنها رمت الكرة في ملعب قواعد الحزب وبرأت نفسها. في ذات الفترة، بدأ تراجع الحركة الثورية في العالم، وبدأت بالتالي أزمة في الحركة الثورية العالمية، وانعكس ذلك بانقسام العديد من الأحزاب الشيوعية العالمية، ومنها حزبنا. مما أدى إلى حلول قانون الصراع في الحزب محل المركزية الديمقراطية، وكما في المجتمع حلت قوانين الطوارئ في الحزب محل الديمقراطية وتجلى ذلك بـ:

i. الاستيلاء على المؤتمرات قبل انعقادها عن طريق التدخل بتشكيلها.

ii. حولت المكاتب محل الهيئات المنتخبة (المكتب السياسي.)

iii. حولت الحاكم العرفي أحياناً محل المكاتب (الأمين العام).

من كل ذلك نخلص إلى أن:

1( عدم وجود مهام حقيقية سياسية ذات طبيعة طبقية في الحزب.

2) انتشار الانتهازية في الحزب وخصوصاً بعد سياسة التحالفات.

3( انعكاس الأزمة العامة في الحركة الشبوعية على الحزب.

أدت إلى:

1) غياب المركزية الديمقراطية وحلول حالة الطوارئ في الحزب.

2) حلول الفردية، وعبادة الفرد، والدكتاتورية محل عمل هيئات الحزب.

3) حلول الكادر التابع والمشوه اجتماعياً محل الكادر الحقيقي مما أدى إلى هروب الكادر الحقيقي من الحزب.

4) نتيجة للسياسات الانتهازية وسياسة الامتيازات، حلت البيروقراطية في الحزب محل الهيئات.

5) والأهم ابتعاد الحزب عن الجماهير، وعن الشارع، وعن دوره كمعبر عن فكر الطبقة العاملة.

ويصبح مشروعاً السؤال: هل المركزية الديمقراطية كمفهوم هي التي أدت إلى وصول الحزب إلى ماوصل إليه؟

لنعد مرة أخرى إلى مفهوم المركزية الديمقراطية:

(كحرية للرأي ووعي الالتزام).ماذا يعني ذلك؟ بناء هيكلية الحزب بما ينسجم مع تنفيذ المهام وفسح المجال لمشاركة كل الرفاق في نقاش وإقرار سياسة الحزب. وعدم وجود وكيل أو وكلاء لإقرار سياسة الحزب وخصوصاً بعد تطور الحالة المعرفية في أفراد الحزب والمجتمع، وعبر تطور وسائل الاتصال الحديث مما يسمح بإمكانية إقرار السياسة من كافة أفراد الحزب. هنا يمكن الحديث عن وعي الالتزام، مع حق الأقلية في التعبير عن رأيها.

إذن اتفقنا أن أهم مهمة تقع على عاتق الحزب في المرحلة الحالية هي المصاغة بالشعار الذي أطلقته اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين (عودة الحزب إلى الجماهير وعودة الجماهير إلى الشارع، وعودة الحزب إلى وظيفته).

وأخذاً بعين الاعتبار العقود السابقة التي سحبت السياسة من المجتمع والمهمة كما طرحت هي عودة السياسة إلى المجتمع. تلك المهمة التي يجب أن تنفذ تدريجياً عبر العمل على القضايا المطلبية، الاقتصادية ـ الاجتماعية ـ الطبقية وصولاً للسياسية الديمقراطية، كما يجب أن نأخذ بعين الاعتبار مهمة لا تقل إلحاحاً هي مهمة مقاومة الغزو المحتمل للبلاد فالمقاومة هي (قمة القمم وذمة الذمم).

فبالتالي ماهي هيكلية بناء الحزب؟

أقول أولاً بأني لا أملك رؤية واضحة في هذا المجال، لذلك سأقتصر على الفرقة والهيئة القيادية مع توجيه سؤال لابد من الإجابة عليه لاحقاً (أمازالت الحلقات الوسيطة في التنظيم ضرورية الآن مثل الفرعية؟).

ومع الأخذ بعين الاعتبار التوازن في التنظيم بين العلنية والسرية وخصوصاً بسبب مهمة المقاومة، أقترح أن نأخذ بعين الاعتبار عند تشكيل الفرق الاختصاص. من ناحية إما العمل ـ أو المهنة الواحدة ـ أو ا لاهتمام ـ أو الفرق الاختصاصية. على أن تكون الفرقة هي اللبنة الأساسية حقاً، ولايمكن أن تكون كذلك إلا إذا كانت سيدة من حيث أخذ القرارات اللازمة لشكل عملها من سياسة الحزب المقرة، دون الرجوع إلى مركز أعلى يدعي المعرفة بكل شيء، مثلاً من يعرف ماهي المهام التي يجب أن تنفذها فرقة في معمل أكثر من هذه الفرقة؟

ومن الممكن الانتقال التدريجي إلى هذا الشكل (بسبب ضعف العدد التنظيمي) عبر وجود الرفيق بأكثر من فرقة، مثال الفرقة التنظيمية العادية، وفرقة نوعية (في محل أو مجموعة معامل أو شركة أو مجموعة شركات، أو نقابات، أو مهنية، أو ذات اختصاص أو اهتمام مشترك….إلخ)، حتى إذا تطلب الأمر تشكيل فرقة مؤقتة من محافظة أو من مجموع البلاد (لمؤتمر عام مثلاً لهيئة أو نقابة…إلخ).

في الهيئة القيادة:

طرحت مقولة سيادة المؤتمرات ( لاتدخل في المؤتمرات قبل انعقادها ولا وصاية عليها أثناء انعقادها، والتزام الجميع بنتائج المؤتمر).

كما كانت هناك أمنية لينين باجتماع أفراد الحزب على صعيد واحد عند اتخاذ القرارات المصيرية.

من خلال هاتين المقولتين سأناقش بعض القضايا:

هل يمكن توسيع دائرة المشاركة في انتخاب الهيئات القيادية والمؤتمرات.

في انتخاب المؤتمر العام:

من الممكن انتخاب مندوبي المؤتمر مباشرة من الفرق القاعدية أو من هيئة المؤتمر الفرعي في المرحلة الأولى.

كذلك الأمر في عند انتخاب اللجنة المركزية، من الممكن أن تنتخب من المؤتمر العام كمرحلة أولى، ومن ثم يجري الانتخاب بالتصويت العام من قبل جميع الرفاق وكي يجري تمثيل الأقلية بشكل حقيقي، من الممكن أن تجري انتخابات نسبية حسب القوائم أو أن يجري انتخاب هيئة مركزية صغيرة من 10 رفاق مثلاً، وأن ترسل كل لجنة منطقية، رفيقاً أو اثنين حسب حجم المنظمة للجنة المنطقية، ويمكن استبدالهم عندما تريد اللجنة المنطقية بالانتخاب.

في هيئات المؤتمرات:

هيئة المؤتمر المنطقي: ألا يمكن أن تكون قائمة بين مؤتمرين انتخابيين لمراقبة عمل اللجنة المنطقية حسب برنامجها.

وكذلك هيئة المؤتمر العام ولنفس السبب على أن تجتمع كل عام كحد أدنى وهذا يتطلب أن تبقى هيئة رئاسة المؤتمر المنطقي والمؤتمر العام قائمة، وأن لا يجري الجمع بين رئاسة هيئة المؤتمر، وعضوية اللجنة المنطقية للأولى والمركزية للثانية.

قضية أخيرة لابد من إثارتها:

عند نشوء أي قضية مصيرية أو انعطافية في الحزب أو البلاد وعبر وسائل الاتصال الحالية ألا يمكن أن نلجأ للتصويت العام، وخصوصاً بعد توسع قاعدة المعلومات.

 

ومن خلال ماذكر سابقاً هل يبقى ضرورة لوجود منصب الأمين العام ـ أو المكتب السياسي بمهامه الحالية.