الَعود أحمد..

من تابع قصة بيت الحزب، بيت الرفيق خالد، هذا البيت الوطني الشعبي العريق، شده الوفاء لتاريخ نابض بالنضال والعمل المشرف سطرته جهود وتضحيات وكفاح الآلاف من الرفاق الذين شقوا الطريق وعبدوه بالعرق والدم من خلال مسيرة الحزب المجيدة وفي هذا المجال كانت لنا لقاءات مع عدد من الرفاق الذين كلفوا بحراسة البيت وفيهم الشاب والكهل.. وبعضهم الآن أصبحوا أجداداً يحكون لأبنائهم وأحفادهم الكثير من ذكريات غالية انطبعت في ذاكرتهم وعلى قلوبهم:

* الرفيق بشار الكردي (أبو أنيس) نحييك ونرغب أن تحدثنا عن عملك في الحراسة وبعض ذكرياتك..

** شكراً لكم على اهتمامكم بعمل الرفاق، وحرصكم على أن يبقى تاريخ بيت الحزب حياً في أذهان الرفاق والأصدقاء. قبل أكثر من خمسة عشر عاماً وبينما كنت في اجتماع حزبي أذكر أن مسؤول الفرقة الحزبية قال لي لا تذهب بعد انتهاء الاجتماع فلي معك حديث خاص. لقد جعلني هذا الكلام أستعيد الكثير الكثير من الأعمال والأمور لأعرف الدافع إلى هذا الحديث الخاص.. هل ارتكبت خطأ أو قصرت في عمل أو مهمة، هل من ملاحظة حولي .. لقد شغلني الأمر كثيراً، وصدقوني انتهى الاجتماع وأنا ما زلت مشغولاً عنه بخواطري المتداخلة. المهم بقيت مع مسؤول الفرقة وحدنا أتحرق لمعرفة الأمر. وكم كان لكلماته وقع مؤثر علي عندما قال لي: يا رفيق بشار ارتأت منظمة الحزب في دمشق أن تكلفك بالمشاركة في حراسة بيت الرفيق خالد. وهذا الاختيار جاء نتيجة معرفتنا لجرأتك وإخلاصك للحزب. وهذه المهمة تتطلب منك أن تكون على مستوى المسؤولية فبيت الرفيق خالد هو بيت الحزب. لقد شعرت بأهمية هذا العمل وأحسست أعصابي تتحفز وقلبي يخفق سأكون في عداد الرفاق المكلفين بالحراسة. صدقوني. ما زالت الليلة الأولى من مناوبة الحراسة حية في ذاكرتي... لقد أمضيت تلك الليلة برفقة اثنين من الرفاق الرجال وأنا شاب صغير.. ولا تسألوني أن أفصل في ذلك لقد كان شيئاً عظيماً.

* كم سنة بقيت في حراسة بيت الحزب؟

** حوالي عشرين عاماً كاملة حافلة. واليوم كلما مررت قرب البيت يملأ قلبي شعور الاعتزاز بأيام لا تنسى أمضيتها مع الرفاق نتولى فيها حماية هذا البيت.. بيت الحزب... بيتنا.

* الرفيق محمد علي طه (أبو فهد) بودنا أن نسمع بعض ذكرياتك في حراسة بيت الرفيق خالد. ولا سيما وأنت أمضيت عقوداً من الزمن تشارك في هذه المهمة.

** أهلاً بكم... قصة مشاركتي في حماية بيت الرفيق خالد هي جزء من قصة بقية الرفاق البواسل الطيبين الذين كلفوا بهذا العمل الهام. الذكريات كثيرة فيها الحلو وفيها المر فيها الدروس والعبر، هي شريط ممتد لا يفارق الذهن إلا ليعود من جديد يؤكد مقولة الرفيق خالد المعروفة: لا يصح إلا الصحيح وسأكتفي بذكر حادثة مؤثرة ارتبطت بحياتي ففي مقتبل العمر وأنا شاب، سعى أهلي بشتى الوسائل لإبعادي عن العمل السياسي حتى أغروني بالزواج وأنا لازلت في مرحلة الدراسة وبالفعل قاموا بخطبة فتاة من أقربائي وأقاموا حفلة (تلبيس الخاتم) وما هي إلا أيام قليلة وأنا أقوم بالحراسة أمام بيت الرفيق خالد إذ بوالد الخطيبة وهو رجل طيب وبسيط يمر ويراني. وفي مساء اليوم التالي وقد أوغر صدره بعض المتزمتين دعاني إلى لقائه وحدثني بحقيقة مشاعره: أنت تمارس العمل السياسي وحتماً سيكون مصيرك الملاحقة والسجن، وأنا لا أفرط بابنتي ولا أرضى لها أن تعيش خائفة قلقة. وأمامك أحد أمرين إما أن تبتعد عن العمل السياسي وتكون ابنتي زوجتك، أو نفسخ الخطبة... وكان الأمر الثاني.. ومضى ثلاثون عاماً وبينما أنا في الحراسة مر هذا الرجل الطيب ووقف معي دقائق جميلة استفسر فيها عن وضعي وكم سرني قوله:أما زلت تحرس يا عمي. قلت: هو الثبات على المبدأ المشرف.. ضحك من قلبه وقال: أحييكم فالرجال عند أقوالهم.

إنني أعتز كل الاعتزاز بانتمائي لحزب الكادحين.. الحزب الشيوعي المجيد.. وسأبقى في صفوفه حتى الرمق الأخير.

* ما قولك يا رفيق بادعاء البعض «أنك وعشرات الرفاق الآخرين وضعتم أنفسكم بأيديكم خارج الحزب!!؟»..

** جوابي معروف.. إنني أرفض وأدين ادعاءات العقلية التكتلية الانتهازية المريضة التي يرددها «من فرض على التنظيم فرضاً».

وكنت أقبل لو قيل «أن لا علاقة لنا بهم... لأنه لاشيء يشرف بأي علاقة معهم»...

 

* ستتابع قاسيون نشر هذه اللقاءات الحميمة مع الرفاق الثابتين على المبدأ.. في أعداد قادمة.