تقرير لجنة ميتشل: مؤامرة أمريكية جديدة

إن المطالبة الأمريكية بوقف فوري للعنف كما يريد كولن باول، تحمل معنى واحداً هو وقف الانتفاضة وهدر دماء أكثر من 500 شهيد وآلاف الجرحى وثمانية أشهر من النضال من أجل الاستقلال مقابل ادعاء واشنطن أنها قررت العودة للعب دورها راعياً وحيداً لعملية السلام» بعد أن تخلت عنه في الشهور الماضية.

ولأن هذه الشهور كانت حرب إبادة بكل المقاييس، فالمعنى الآخر للمطالبة بوقف العنف هو السعي لإنقاذ شارون من الفشل الذريع، وعجزه عن سحق الانتفاضة الفلسطينية.

ومن هنا فإن الضجة الإعلامية المثارة حول تقرير لجنة ميتشل» هدفها العميق هو الالتفاف على المنجزات الكبرى التي حققتها الانتفاضة الفلسطينية الباسلة على طريق الاستقلال وحق تقرير المصير وإزالة المستوطنات وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

إن القراءة المعمقة لتقرير السناتور الأمريكي السابق جورج ميتشل ـ المعرف بحماسته وتأييده لإسرائيل، تتطلب منا أشد الحذر إزاء المؤامرة الأمريكية الجديدة. والتي من أبرز أهدافها:

1.وضع القاتل والضحية على قدم المساواة عندما يطالب التقرير بـ «عدم تصعيد الموقف إلى مستويات أعلى» دون النظر إلى حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال بقيادة مجرمي الحرب على الشعب الفلسطيني الأعزل.

2.إظهار إسرائيل بمظهر المعتدى عليه وهذا يعطي شرعية للاحتلال ويدفع حرب الإبادة الإسرائيلية على الفلسطينيين خطوات أكثر اتساعاً نحو الأمام.

3.إن التأخير المتعمَدَّ طوال ثمانية أشهر بين بدء عمل «لجنة ميتشل» وصدور التقرير، كان هدفه إعطاء الفرصة لمجرم الحرب شارون لتنفيذ تهديده بتدمير الانتفاضة خلال مئة يوم بعد تسلمه رئاسة الحكومة ومن هنا تصبح المطالبة بوضع توصيات التقرير الذي يفتقر للحد الأدنى من العدالة والنزاهة ـ موضع البحث بين إسرائيل والقيادة الفلسطينية، لإيجاد مخرج لواشنطن من أزمتها وإعطاء شارون فرصة لالتقاط الأنفاس والتفكير في وسائل جديدة بمساعدة واشنطن للسيطرة على ساحة الصراع في المنطقة، وخصوصاً بعد تزايد الكراهية والعداء لأمريكا في الشارع العربي.

 4.إن الفقرة الوحيدة الواردة في التقرير حول تجميد الاستيطان في الأراضي المحتلة غير ملزمة لإسرائيل وقد رفضتها رسميا،ً رغم أنها لا تطالب بإزالة المستوطنات وهو أحد الشعارات الرئيسية للانتفاضة الفلسطينية خاصة بعد أن ابتلع الاستيطان أكثر من 40% من أراضي الضفة الغربية و30% من أراضي قطاع غزة.!

وعندما يخلو تقرير لجنة ميتشل من أي ذكر أن الصراع يجري بين قوات احتلال وبين وطنيين يطالبون باستقلالهم فإن ذلك يجنب إسرائيل مسؤولية الجرائم البربرية التي تقترفها ضد الشعب الفلسطيني وينفي عنها صفة القوة المحتلة وهذا يرفع عنها مسؤولية الالتزام باتفاقات جنيف وبذلك يكون التقرير قد أعطى الأراضي المحتلة صفة الأرض المتنازع عليها.

 

وبغض النظر عما سيكون عليه موقف بعض الحكام العرب من تقرير لجنة ميتشل «فإن الجماهير العربية وقواها الوطنية لن تخدع بالمؤامرة الأمريكية الصهيونية الجديدة. وإذا كان الحديث عن تقرير ميتشل سيرفع بعض الحرج عن أصدقاء أمريكا في المنطقة، فإن المطلوب من كل القوى الوطنية والتقدمية تعزيز تعاونها وتشديد نضالها لدعم الانتفاضة الفلسطينية، والمقاومة الوطنية اللبنانية، والموقف الوطني السوري الرافض للمشاريع الصهيونية التوسعية المدعومة كلياً من عدوة الشعوب ـ أمريكا.