ضد كلينتون.. وليس مع ترامب!

ضد كلينتون.. وليس مع ترامب!

تتعدد الآراء بشأن نتائج الانتخابات الأمريكية، ولكن ثمة ما يشبه الإجماع بأن التصويت لترامب، هو رفض لكلنتون أكثر ما هو إعجاب بترامب، فالناخب الأمريكي في العمق صوّت ضد ذلك البرنامج الذي تعبر عنه كلينتون، أي ضد الطبقة السياسية التقليدية وسياساتها على مدى عقود بغض النظر عن لونها «الديمقراطي» أم «الجمهوري»، لصالح ظاهرة تبدو جديدة، ولو من الناحية الشكلية.

 

في الظروف العادية التقليدية، ومن حيث المبدأ، لا وزن لدافع الضرائب الأمريكي على خشبة المسرح الانتخابي، ولكن في ظروف الانقسام بين النخبة صاحبة القرار، وفي ظل التراجع العام للمنظومة، فمن الطبيعي أن تظهر أوزان وأدوار للناخبين ولقوى أخرى جديدة، طالما أن البنية كلها تشهد ملامح تصدّع خطير، ولم يعد بالإمكان التستر عليها، لدرجة فاجأت ممثل أحد بيوتات النخبة السياسية الأمريكية هيلاري كلينتون ذاتها، التي قالت بالحرف «الانتخابات أظهرت انقساماً في الولايات المتحدة أكثر مما كنا نتوقع»..!

ومن هنا، يمكن القول: بأن المؤسسة الرسمية الأمريكية، والمجتمع الأمريكي عموماً، سيشهدان تفاعلات عديدة، ومستوى أعلى من التناقضات في المرحلة القريبة القادمة، وليس فوز ترامب في جانب ما، إلا انعكاساً لهذه التناقضات، ورأس جبل الجليد، لا أكثر.

ما تجهله، أو تتجاهله، القراءات المواكبة للانتخابات الأمريكية ونتائجها، هو: أن  هذه التناقضات تعكس في الجوهر، التناقض بين العمل ورأس المال، وفي الحالة الملموسة، بين الطغمة المالية بأذرعها السياسية والعسكرية، والإعلامية، وبين القوى المتضررة من السياسات النيوليبرالية في الداخل الأمريكي، وعلى المستوى الدولي. 

من المفارقات التاريخية الكبرى التي يجب الوقوف عندها، أن قوى العمل في الداخل الأمريكي، لم تجد تعبيراتها السياسية والأيديولوجية ذات البرنامج النقيض، الأمر الذي يجعل من ظاهرة كظاهرة ترامب تطفو على السطح بشكل كاريكاتوري، ولكن في الوقت نفسه، فإن هذا التصدّع بين قوى النخبة من شأنه أن يؤدي إلى تبلور قوى جديدة، تحمل برامج بديلة عما هو سائد.