هل هكذا يكون تغليب مصلحة الوطن على مصلحة النظام..؟!

تصريحات عبد الحليم خدام لقناة "العربية" هي بمثابة الرصاصة الأولى في إطار حرب مفتوحة يعلنها نائب الرئيس السوري السابق على نظام الحكم في سورية. فهي تصريحات يفترض أن لها ما بعدها من اقوال وأفعال.

لا يعقل أن يكون رجل في مثل خبرة ودهاء خدام قرر فقط أن يحرق سفنه مع نظام الحكم في بلاده، ثم يعاود التزام الصمت والسكوت..!

قبل أيام من اطلاقه هذه التصريحات التفجيرية، التي مثلت انشقاقا فعليا معلنا عن نظام الحكم الذي كان أحد اقطابه، استدعى كل عائلته من دمشق إلى باريس. ومن السذاجة بمكان تصديق أن أبناءه سيعودون إلى سورية. وخدام يدرك أن اعادة فتح ملف فساد ابنه جمال يمثل مدخلا مناسبا لنظام الحكم في دمشق، للإنتقام منه، ومعاقبته على تصريحاته.

بالقطع أن خدام يدرك أيضا قدرة النظام على معاقبته هو ومعاقبة ابنائه، حتى وهو في باريس، من خلال مصادرة اموالهم غير المنقولة، إذ لا أحد يعتقد أن اموالهم المنقولة لا تزال في سورية.

هل يفرط خدام بكل هذا، فقط من قبيل «فشّة الخلق»..؟!

إنه يعلن في ذات التصريحات أنه هو أيضا سيعود إلى سورية، وليس فقط أبناؤه، وبالقطع، فإنه لا يقصد العودة إلى خلف القضبان، ولمواجهة محكمة عرفية تحاكمه بتهمة الخيانة العظمى، كما قرر مجلس الشعب السوري.

خدام يخطط لعودة من طراز آخر، تنسجم مع اعلانه أنه قرر تفضيل الوطن على نظام الحكم.. أي أنه يعتزم العودة في إطار عملية تغيير لنظام الحكم في بلاده، ليصبح هو رأس النظام البديل.

ما هي القوة التي يمكن أن يعتمد عليها خدام لإحداث مثل هذه التغييرات..؟

الحزب الحاكم يشك (بضم الياء) كثيرا في امكانية انشقاق تيار عنه يعمل مع خدام لإسقاط نظام الحكم. وإن حدث مثل هذا الإنشقاق، فإن من يمكن أن ينشقوا لا يستطيعون انجاز هذه المهمة.

وقوى المعارضة خارج سورية لا يمكن أن تثق بخدام، فضلا عن أنها لا تملك القدرة على التحرك.

والفريق حكمت الشهابي حليف خدام القديم لم يعد رئيسا لأركان الجيش، ولا يعتقد أنه قادر على تحريك قوات عسكرية، في زمن لم تعد فيه مكانة للإنقلابات في سورية، وفي غيرها من دول المنطقة..فضلا عن أن أحدا لا يعرف موقفه من خطوة خدام.

وعناصر القاعدة التي تنشط في محاربتها لنظام الحكم، تستهدف خدام، وغيره، ما دامت تكفر الجميع.

لم يبق أمام خدام غير خيارين آخرين:

الأول: التماهي سياسيا مع عمل عسكري اميركي. أي أن يوفر خدام غطاء سياسيا من الخارج لعدوان عسكري اميركي على سورية..!

الثاني: العمل على اثارة فتنة طائفية داخل سورية، بالتزامن مع عمل عسكري اميركي يرفع هذه المرة شعار انصاف السنة في سورية، على غرار شعار انصاف الشيعة في العراق..! لتصبح سورية ضحية جديدة للتآمر الأميركي كما هو حال العراق..!!

هل هكذا يكون تغليب مصلحة الوطن على مصلحة النظام..؟!

 

■ شاكر الجوهري