الافتتاحية عاصفة أم مخطط لاستبدال المناخ؟

يروج البعض، وبخاصة في الفترة الأخيرة لموضوعة جد خطيرة وهي: ضرورة إحناء الرأس أمام العاصفة، غاضَين البصر  جهلاً أو تجاهلاً عن أن ما يجري في منطقتنا اليوم وحول بلادنا، هو ليس عاصفة بل هو مخطط مدروس بعيد المدى، يعكس تبدل المناخ الدولي بعد اختلال ميزان القوى، ولو مؤقتاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، هذا التبدل الذي له برنامجه وجدوله الزمني وصولاً لهدفه النهائي ألا وهو الشرق الأوسط الكبير بما يعنيه من تفتيت المفتت في بنى المنطقة، بنى المجتمعات والدول.

وهؤلاء في تضليلهم هذا، الواعي أو اللاواعي، يريدون وضعنا أمام خيار واحد لا ثاني له، وهو إحناء الرأس أمام العاصفة الذي يرونه ضرورة مؤقتة لحين انجلائها، غير مصرحين أن تبدل المناخ يجري بشكل اصطناعي، وأنه حتى ولو حمل هذه العاصفة فإن مقاومتها تتم بإحباط هذا الاستبدال، وليس بالانحناء أو طأطأة الرؤوس أمامها.

إن الواقع والضرورة، يقولان غير ما يقولون تماماً، يقولان: إن هذا التبدل في المناخ يمكن مجابهته بسلاح مواجهة شامل ألا وهو الشعب، الشعب الكلي القدرة إذا أطلقت طاقاته، وإذا تمت ملاقاة طموحاته ومطالبه المشروعة، فليس هنالك قوة على الأرض قادرة على هزيمته.

أما مواجهة التبديل الاصطناعي في المناخ، بتكتيك مواجهة العاصفة الالتفافي، فسيؤدي خدمة مجانية للمخطط الإمبريالي الأمريكي - الصهيوني وسيسمح لعملية استبدال المناخ أن تمر دون مقاومة و بأقل الخسائر، وهذا ما يريده العدو فعلاً.

ومن غير المفهوم رد فعل النظام حتى الآن، على التطورات الجارية، فهو  لا يتناسب مع مستوى خطورة الوضع، على الأقل من الناحية الإعلامية والاقتصادية، فالإعلام حتى هذه اللحظة غير قادر على تحريك الإرادة الشعبية، بل إنه يلعب دوراً محبطاً بتردده وتأخره وعدم وضوح رؤيته.

أما الأداء الاقتصادي فإنه يحاكي أداء بلد مرتاح لديه المتسع من الوقت ليفرط به بقيامه بتجارب اقتصادية ليبرالية معروفة النتائج سلفاً، وخاصة تأثيراتها السلبية على قدرة الصمود والتصدي، وتسوق على أنها العلاج الشافي لكل المشاكل، وكأن لا أخطار حولنا  ولا تهديدات تواجهنا، ولا أراضي محتلة لدينا. والتساؤل المشروع إذا دقت ساعة المواجهة وبأي شكل كانت: هل يمكن للدولة التي بدأت بالتخلي عن الكثير من دورها في المجال الاقتصادي والاجتماعي أن تؤدي الدور المطلوب منها كما أدته خلال حرب تشرين التحرّرية /1973/ في دعم خطوط المواجهة الأولى وفي تأمين الخبز والنقل والطاقة والخدمات والدواء،.

إن الوضع الحالي يستوجب وبسرعة إعادة النظر جذرياً، بأداء الإعلام وبالتوجه الاقتصادي، لأنهما لن يكونا وبالشكل الذي يجريان فيه الآن أدوات صمود، بل أدوات إضعاف لبنية المواجهة القادمة لا محالة.

 

إننا نقول للذين يروجون لفلسفة العاصفة: إن ما تقومون به هو وهم وتضليل، وإن الحس الشعبي يعرف جيداً أن يفرق بين الصح والغلط مستلهماً مثال البطل يوسف العظمة في الموت وقوفاً على العيش ركوعاً، حفاظاً على كرامة الوطن والمواطن.