عبدي يوسف عابد عبدي يوسف عابد

دردشات واخجلتاه من عرب أمريكا

تشكل الانتخابات التشريعية الفلسطينية، أنزه انتخابات وأكثرها ديمقراطية في العالم العربي، لسبب بسيط جداً، هو أن حركة التحرر الفلسطينية فتح، التي كانت في الحكم، وجرت الانتخابات تحت إشرافها، احترمت إرادة الشعب الفلسطيني، وأقرت بخسارتها للأغلبية التي كانت تتمتع بها، لحماس التي فازت بها.

إنها ظاهرة جديدة في العالم العربي، لأن أي حزب في السلطة، وفي أي بلد عربي كان، تجري الانتخابات التشريعية تحت إشرافه، يلجأ عادة إلى التزوير على اختلاف أنواعه، واستخدام المال السياسي، وحتى القمع العلني، ليكرس استمرار سيطرته على مقدرات الأمور في البلد.

لكن احترام إرادة الشعب، ليس مقياساً حقيقياً لديمقراطية الانتخابات ونزاهتها، لدى الإمبرياليين، الأمريكان، والأوروبيين الذين يتبجحون بها، إلى الحد الذي تتخذه أمريكا ذريعة لاحتلال بلدان أخرى ذات سيادة، كأفغانستان والعراق، بل ديمقراطيتهم هي في نتائج الانتخابات، فمهما جرى التزوير  والقمع فيها، هي ديمقراطية ونزيهة، إذا نتجت عنها حكومة موالية لهم، وإلا فهي متهمة بأنها غير نزيهة وتحتاج إلى العقاب.

وبسبب فوز حماس بانتخابات ديمقراطية نزيهة، تعرضت لعقوبة منع المساعدات عنها من أمريكا والاتحاد الأوروبي على حد سواء، لهدف تطويع المقاومة الفلسطينية الباسلة بالتجويع.

هذه هي الديمقراطية الأمريكية التي تعلق بعض القوى في العالم العربي الآمال على تحقيقها في المنطقة.

ورد في الأخبار ـ قبل شهور عديدة ـ أن الحكومة الكويتية ستتبرع بمواد نفطية بقيمة خمسمائة مليون دولار، وكل من السعودية والإمارات العربية، بمبلغ مائة مليون دولار لأمريكا كمساعدات لضحايا إعصار كاترينا، بينما المساعدات التي أقرتها بعض الدول العربية للشعب الفلسطيني الذين يعاني الأمرين في صراعه مع المحتلين الصهاينة الذين تدعمهم أمريكا، بعد قطع المساعدات عنه، لاتساوي جزءاً يسيراً من المبالغ التي تبرعوا بها لأمريكا، واخجلتاه من نخوة عرب أمريكا تجاه محنة الشعب العربي الفلسطيني المناضل.

إن حكومات عرب أمريكا، التي تسير في طريق التطبيع  مع العدو الصهيوني، وتخضع مواقفها وتصرفاتها لرأي أمريكا وموافقتها، من أجل كسب رضاها، وحماية أنظمتها القمعية من غضب شعوبها الناقمة لاتعرف بأن رشاويها وتنازلاتها عن الثوابت الوطنية والقومية وتخاذلاتها، لاتغيرها في شيء لأن الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، التي لاتتنازل عنها قيد شعرة، تقضي ـ كما صرح قادتها مراراً ـ بإجراء تغييرات سياسية واقتصادية وجغرافية في بنية كل دول المنطقة، تمهيداً لمشروع الشرق الأوسط الكبير، وإن الأنظمة القروسطية، وحتى المتخاذلة والمتنازلة عن مواقفها الوطنية، هي في عدادها، وإن حكامها لن يربحوا إلا في تسجيل أسمائهم في صفحات التاريخ الخيانية.