مشروع موضوعات حول وحدة الشيوعيين السوريين المقدمة إلى: الاجتماع الوطني السادس لوحدة الشيوعيين السوريين
■ وحدة الشيوعيين هي عملية إعادة بناء وتأسيس لحزبهم الشيوعي الذي عبر استعادته لدوره الوظيفي سينجز عملية وحدة الشيوعيين، وسيقلب صفحة التراجع والانقسامات.
■ الواضح أنه كلما تقدمت وحدة الشيوعيين السوريين في مسارها الأساسي، كلما كان حل الإشكالات الناشئة أكثر سهولة.
1 - كان لورقة «موضوعات حول أزمة الحزب» التي فتحت النقاش المعمق حول وحدة الشيوعيين السوريين 25/4/2003 أهمية مبدئية كبرى، لأنها وللمرة الأولى اقترحت تغييراً في زاوية وطريقة معالجة مفهوم الأزمة لدى الشيوعيين السوريين.
فحتى ذلك الحين كانت المعالجة تتم على أساس أن الأزمة هي التي سببت تراجعاً وضعفاً في الحركة، فكان الجديد الذي طرحته الورقة هو أن التراجع العام على مستوى الحركة هو الذي كوّن الأساس الموضوعي للأزمة، وبما أن ذلك ترافق مع عدم وعي هذه الحقيقة بحد ذاتها في حينه، فقد أدى إلى تخبط وابتعاد عن رؤية الأسباب الحقيقية للأزمة، مما عقد معالجتها، بل وساهم في تعميقها.
■ لقد سمحت طريقة المعالجة التي استندت إلى المفهوم المادي للتاريخ، بالكشف عن جذور الأزمة مما سمح برؤية أوضح لطريقة المعالجة، ولايمكن تفسير الخطوات الهامة التي خطتها اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين دون تقدير أهمية هذه الرؤية المستجدة التي تحولت إلى عامل هام في التحليل والاستنتاج.
■ لقد كانت هذه المعالجة نقلة نوعية هامة معرفياً، سمحت بتفعيل المعالجة العملية للموضوع، وإذا استطعنا تطويرها لاحقاً، سيبقى على الأجيال اللاحقة تقييم أهميتها التاريخية من زاوية فعاليتها في معالجة انقسام الشيوعيين السوريين وتجاوزه.
2 - لقد حققت فكرة وحدة الشيوعيين السوريين تقدماً خلال السنوات القليلة الماضية، فقد انتقلت الرغبة الدائمة لدى الشيوعيين في تحقيق الوحدة التي لم تتحقق، إلى أمل حقيقي قابل للتحقيق.
إننا لاندعي أن محاولتنا هي الأولى من نوعها، ولكن من المؤكد أنها الأولى التي عاشت طويلاً ولم تنهر، بل وأخذت بتحقيق النجاح تلو النجاح وراح الأفق الواعد ينفتح أمامها باستمرار.
■ لقد اصطدمت رغبة الشيوعيين السوريين بالوحدة في المحاولات السابقة، بحاجز الإمكانية التي تعيق هذه الرغبة.
ولأول مرة منذ بدء مسلسل الانقسامات، نشأ وضع جديد، خلق تطابق الإمكانية مع الرغبة الصادقة في الوحدة.
ويتمثل الوضع الجديد ببداية صعود الحركة الثورية العالمية، بعد موجة التراجع التي شهدتها خلال النصف الثاني من القرن العشرين.
■ لقد أدى انقسام الشيوعيين وتراجع دورهم الوظيفي إلى نشوء فصائل شيوعية جديدة خارج الحركة الشيوعية التاريخية، وهذا أمر طبيعي حين لايكون بمقدور الشيوعيين القيام بدورهم الوظيفي، الأمر الذي يخلق حالة فراغ تقوم قوى أخرى بتعبئتها.
إن هذا الأمر يزيد مصاعب وحدة الشيوعيين السوريين، ولابد من معالجته، والواضح أنه كلما تقدمت وحدة الشيوعيين السوريين في مسارها الأساسي، كلما كان حل إشكالات من هذا النوع أكثر سهولة.
■ ولايغيب عن الذهن أن بعض القوى تراهن على فشل تجربة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، بل يصل الأمر ببعضهم للإعلان أن الفشل هو أمر واقع.
لقد أكدنا دائماً أن الوحدة هي عملية استراتيجية وتاريخية، وإذا قسنا الطريق التي قطعناها في السنين القليلة الماضية لوجدنا دون أن نترك لمشاعر الرضى عن النفس أن تتغلب علينا، أنه قد تحققت خطوات هامة يجب تعزيزها وتطويرها.
3 - لقد أدى التراجع العام للحركة الثورية العالمية إلى تغير ميزان القوى التدريجي لصالح عدوها الطبقي، مما أدى إلى الإخلال بالدور الوظيفي ـ التاريخي للحزب وتراجع إمكانية تحقيق الأهداف المعلنة في الأفق التاريخي المنظور كما كان متوقعاً.
■ إن عدم وعي أسباب هذا التراجع، والخلل الذي حصل في أداء الدور الوظيفي، أدى إلى تكون قصور ذاتي تدريجي في المجالات التالية:
- المعرفي: فعدم التقاط حركة الواقع الحقيقية، جعل جميع الأدوات المعرفية الماركسية اللينينية المتوفرة لدى الشيوعيين عاجزة عن تحقيق نفسها في تفسير الواقع وتغييره، مما أدى بدوره وبشكل تدريجي، وكنتيجة للانقطاع عن الواقع، أدى إلى عدم تطوير هذه الأدوات وبقائها عند مستواها التي تحققت الانتصارات السابقة بمعونتها.
- الفكري: أدى القصور المعرفي إلى تراجع في العمل الفكري وابتعاده عن الواقع، وبقي في أحسن الأحوال ضمن الصيغ المجردة الصالحة لكل زمان ومكان دون قدرة على إعادة إنتاج الأفكار الضرورية لمعالجة الواقع الملموس.
- السياسي: أدى القصور المعرفي والفكري إلى تخلف الرؤية السياسية وعدم قدرتها على إنتاج الخطاب والممارسة الضروريتين للتغيير، وبالتالي لم تستطع الرؤية السياسية أن ترافق الواقع مع تغييراته المعقدة فتخلفت ضمن صيغ سابقة بمصطلحاتها ومفاهيمها وأدواتها.
- الجماهيري: أدى القصور في كل هذه المجالات إلى زيادة الهوة بين الحزب وجماهيره وقدرته على التعبير عنها، مما أضعف نفوذه بالتدريج وأدى إلى القضاء على دوره الوظيفي.
- التنظيمي: انعكس كل ذلك على البنى الحزبية، فأصبح التنظيم شيئاً فشيئاً هدفاً بحد ذاته، وتكلست مفاصله، وأصبح مع الوقت غير قادر على التفاعل مع ضرورات الممارسة ومطالب الشارع بسبب انقطاعه عنه.
4 - نتيجة لما تقدم نشأ وضع جديد، لم يكن له مثيل، يتلخص بتراجع حقيقي في كل المجالات، أخذ يمثل في الواقع الأزمة الحقيقية لدى الشيوعيين، وبالتالي لم تكن الأزمات المتتابعة إلا التعبير الخارجي عنها، ومع تحول التراجع إلى حالة مزمنة والأزمة إلى حالة مستمرة كنتاج واشتقاق للتراجع أنتجت الأزمة في صفوف الشيوعيين السوريين مظاهر وظواهر لابد من حصرها لمعالجتها والقضاء عليها.
■ إعادة إنتاج الأزمة: لم يدخل طرف من أطراف الحركة الشيوعية السورية الأزمة إلا وكان يظن أنه سيخرج منها أقوى مما كان، والحقيقة أن كل طرف كان يخرج من أزمته ليدخل أزمة أخرى أكثر استعصاءً وتعقيداً. إن جذر إعادة إنتاج الأزمة يكمن في قصور فهم الأسباب الجذرية الجوهرية للأزمة أساساً، مما سمح بمواجهة تجلياتها دون معالجة جوهرها، مما حافظ على استمراريتها واستفحالها مع مرور الوقت دون معالجة حقيقية لأسبابها.
■ الانقطاع عن الجماهير: نتيجة الأزمة، أصبح الانقطاع عن الجماهير ظاهرة دائمة، مما أضعف لياقة الحزب وكادره وأعضاءه في التعامل مع الشارع والجماهير، كما أن استمرار هذه العملية لعشرات السنين، شوه البنية الحزبية، وفقد الحزب نتيجة لذلك الكثير من مظاهره وأخلاقه الثورية.
■ قصور القيادات: أدى استمرار الأزمة وتحول الحزب إلى هدف بحد ذاته، إلى تكون عقلية لدى بعض القيادات المتنفذة، همها الحفاظ على ذاتها ومواقعها ومكاسبها بعيداً عن مصلحة الحزب الجذرية المرتبطة بالنضال من أجل مصالح الجماهير القريبة والبعيدة المدى، واستخدمت هذه القيادات في الصراعات الحزبية أشكالاً لاتمت للأخلاق الرفاقية والإنسانية بصلة.
■ تكلس البنية: نتيجة للأوضاع المستجدة، تحجرت البنية الحزبية ولم تعد قادرة على التجاوب مع ضرورات الواقع، فتخلفت الأشكال والأدوات التنظيمية عن الحاجات التي يفرضها التطور.
■ الدور الوظيفي: كل ذلك انعكس بالمحصلة على الدور الوظيفي التاريخي للشيوعيين السوريين، وأصيبت معظم قيادات فصائلهم بحالة موت سريري شلت تنظيماتها عن الفعل، وتزداد خطورة هذه العملية باستمرار بقائها دون أن يجري عملية قطع لها، إذ يمكن أن تؤدي إلى فقدان الدور العضوي للشيوعيين بلحظات تاريخية هامة يكون المجتمع فيها بأمس الحاجة إليهم.
5 - لم تكن مهمة وحدة الشيوعيين السوريين ضرورية أكثر من اليوم من أجل استعادة دورهم الوظيفي.
وهذه الوحدة ليس المقصود منها توحيد الفصائل أو القيادات، فالتجربة العملية أثبتت فشل هذا الطريق.
إن عملية وحدة الشيوعيين هي عملية فكرية سياسية تنظيمية، ولابد أن تجري انطلاقاً من جماهير الشيوعيين وقواعدهم (من تحت لفوق).
هذه العملية سيحدد آجالها الزمنية عاملان:
- تطور الوضع السياسي.
- نشاط الشيوعيين الواعي نفسه وعودتهم إلى الجماهير بالدرجة الأولى.
فتطور الوضع السياسي هو شرط ضروري ولكنه غير كاف لتحقيق الهدف المنشود، كما أن نشاط الشيوعيين الوحدوي والجماهيري، إذا لم تتوفر له الإحداثيات السياسية المناسبة فسيكون من المستحيل عليه أن يؤدي إلى نتيجة.
إن تطور الوضع في المنطقة والبلاد يشير إلى احتدام المعركة الوطنية والطبقية التي قد تصل في المستقبل المنظور إلى مواجهات كبرى مع المخطط الأمريكي الصهيوني وحوامله الاجتماعية والسياسية داخلياً.
إن وجود الشيوعيين كقوة مُنظِمة ومنُظَمة سيكون الضمانة كي يأخذ الصراع المنحى الضروري والسليم، لذلك لابد من تكثيف الجهود في هذا الاتجاه.
إن وحدة الشيوعيين هي عملية إعادة بناء وتأسيس لحزبهم الشيوعي الذي عبر استعادته لدوره الوظيفي سينجز عملية وحدة الشيوعيين السوريين وسيقلب صفحة التراجع والانقسامات.
6 - لقد قامت اللجنة الوطنية بإنجاز عمل فكري وسياسي وجماهيري هام جداً، وتحولت إلى قوة سياسية معترف فيها في البلاد خلال فترة زمنية قصيرة، وإذا كانت مهمة التوحيد، قضية استراتيجية، فهذا لايعني بتاتاً أن آجالها الزمنية مجهولة المدى، فالواقع الملموس هو الذي سيفرض آجال هذه العملية، وكل المؤشرات تشير اليوم إلى تسارع هائل في الأحداث سيسمح لنا على الأرجح بتحقيق مهمتنا بأسرع مما يتوقع الكثيرون.
ولكن إلى جانب ذلك بقي الكثير الذي يجب إنجازه، وأهمه بناء التنظيم الجدي الموحد الذي سيحمل ماأنجزناه فكرياً وسياسياً وجماهيرياً. إن التحضير للاجتماع الوطني الخامس، وكذلك السادس، بالطريقة التي اعتمدت، شكل ويشكل رافعة حقيقية في إنجاز وحدة الشيوعيين السوريين.
دمشق 7/4/2006
■ وافقت اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في 7/4/2006 على إطلاق مشروع الوثيقة التي أعدتها لجنة الصياغة المكلفة، إلى النقاش العام تحضيراً للاجتماع الوطني السادس.