مداخلة «الإرادة الشعبية» في منتدى الحوار بالرميلان
انعقد في بلدة «رميلان» السورية يومي الجمعة والسبت الفائتين (30/9-1/10) منتدى حواري ناقش جملة قضايا تتعلق بالوضع السوري، ومن ضمنها قضية الفدرالية، وبناء على دعوة من اللجنة التحضيرية للمنتدى، إلى حزب الإرادة الشعبية، حضر الرفيق «مجدل دوكو» عضو المجلس المركزي للحزب المنتدى، وألقى المداخلة التالية:
أيها الأخوة والأخوات
في البداية أحييكم باسم حزب الإرادة الشعبية، متمنياً لهذا المنتدى الوصول إلى خلاصات واستنتاجات تصب في مصلحة الشعب السوري، وعموم شعوب المنطقة.
يجب ألا ننسى ولو للحظة، ونحن نناقش قضية ذات طابع محلي، أننا جزء من وضع عام في بلد يمر بأزمة كبرى، وفي ظل وضع إقليمي مضطرب، وظرف عالمي يشهد استقطاباً حاداً حول جملة من القضايا، ومنها القضية السورية.
ضمن رؤيتنا الشاملة للوضع نقدم جملة ملاحظات عامة حول أوراق العمل المقدمة لهذا المنتدى:
- إن الوضع الحالي في الشمال السوري، هو امتداد وانعكاس للوضع العام في البلاد، وإحدى نتائجه، ولا يمكن حله حلاً حقيقياً دون حل الأزمة السورية بشكل عام.
- إن أي مشروع فدرالي، يفترض من الناحية المنطقية وجود طرفين أما مشروع «فدرالية الشمال» قيد النقاش هو طرح منفرد، ويرتبط بجكم الأمر الواقع مع القضية الكردية، ولاسيما وأن العديد من الممارسات على الأرض ذات الشكل الانعزالي القومي، تركت ردود أفعال سلبية بما يخالف حتى فلسفة «الأمة الديمقراطية»، وبالتالي هو ليس مجرد أمر غير واقعي فحسب، بل من الممكن أن يزيد من تعقيد الوضع في الشمال، وفي عموم سورية.
- إن أية قضية من هذا المستوى حتى يكتب لها النجاح، تتطلب توافقاً داخلياً، ودولياً واقليمياً. وإذا كان الداخل منهمكاً ومنهكاً بالأزمة، وإذا كان الجوار الإقليمي واضحاً في موقفه الرافض، فإن التجربة المرة مع الولايات المتحدة كما تعلمون جميعاً، تقول: أن الرهان عليها في نيل الحقوق، مثل السعي إلى شفاعة إبليس لدخول الجنة، وبالتالي فإن تجربة كهذه ستولد ميته، ويمكن أن تشكل ارتداداً عكسياً بالمعنى السلبي.
- إن تركيز الجهود على الحل السياسي للأزمة السورية هو اليوم المهمة الأولى على جدول أعمال القوى الوطنية والديمقراطية الجدية في البلاد، هذا الحل الذي يفتح الأبواب أمام التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والعميق والشامل، سياسياً واقتصادياً اجتماعياً، وصولاً إلى نظام سياسي جديد، وفق دستور جديد ونظام انتخابي جديد، يعتمد مبدأ النسبية على مستوى البلاد، من شأنه أن يعزز دور القوى الوطنية الديمقراطية، ويؤمن وحدة وطنية حقيقية، بعيداً عن سياسات التمييز القومي.
- إن تثبيت مبدأ «اللامركزية الإدارية الموسعة» أو فكرة «الإدارة الذاتية»، وتضمينها في دستور سورية الجديدة، يعتبر حلاً واقعياً، فهي من جهة تؤمن منع استمرار سياسات الإقصاء وإنكار الوجود، والتنمية المتفاوتة، ومن جهة أخرى تقطع الطريق على القوى الإقليمية والدولية كلها، التي تريد توسيع الفالق القومي، والاشتغال عليه للإبقاء على التوتر في عموم المنطقة، وإنهاك الجميع في حساسيات مفتعلة وصراعات عبثية.
- إن التضحيات الكبرى التي قدمتها قوات الحماية الشعبية في مواجهة داعش، يمكن أن تصبح من حيث المبدأ نموذجاً عاماً لمقاومة شعبية ضد الإرهاب، ويصبح الشعب السوري صاحب قرار فعلي في تقرير مصيره، ونقولها للتاريخ، إن أية سياسات خاطئة، وشعارات غير واقعية– بغض النظر عن النوايا– يمكن أن تكرر التجربة التاريخية المرة: الانتصار عسكرياً على المدى القصير– والفشل سياسياً على المدى البعيد.
- إن الشعب الكردي الذي كان عبر القرن الماضي ضحية المشاريع الاستعمارية الغربية، وسياسات الأنظمة في نموذج الدولة الوطنية، من جهة، ومن جهة أخرى ضحية الأخطاء الاستراتيجية التي وقعت فيها أحياناً بعض القيادات القومية الكردية، يمكن أن يستفيد من الظرف التاريخي الراهن، وميزان القوى الدولي الذي يتشكل، وتصاعد دور قطب الشعوب، ويحوله إلى فرصة تاريخية كي ينال حقوقه القومية، وذلك على قاعدة وحدة نضال شعوب الشرق، والاعتراف المتبادل بالحقوق، والديمقراطية والتقدم الاجتماعي.