بيان من حزب الإرادة الشعبية

بيان من حزب الإرادة الشعبية

تتعدد أشكال العرقلة المختلفة التي تضعها الولايات المتحدة في وجه تبلور حل الأزمة السورية بملفاتها المختلفة، على أساس مختلف البيانات والقرارات الدولية الخاصة بذلك، حيث تبدت أسوأ تجليات ذاك السلوك الأمريكي في محاولات واشنطن التنصل من اتفاقها الأخير مع موسكو في جنيف مؤخراً حول تثبيت «نظام وقف الأعمال القتالية» وتوسيعه، وما نجم عن ذلك من زيادة منسوب التوتر الميداني في مختلف أرجاء البلاد، ولاسيما في حلب، وتردي الوضع الإنساني أكثر فأكثر.

 

 

وانطلاقاً من حقيقة أن وجود عوامل التداخل الإقليمي والدولي لا يلغي الجذر السوري الأساسي للأزمة فلقد بات ضرورياً اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن يتوجه السوريون نحو تحويل حالة عدم قدرة المجتمع الدولي حالياً، في ظل التسويف الأمريكي بالدرجة الأولى، على تنفيذ جملة القرارات والاتفاقات الدولية المقرة سابقاً والكفيلة بحل الأزمة، بما فيها الاتفاق الروسي- الأمريكي الأخير لتثبيت الهدنة، إلى هامش جدي لبناء تفاهمات حقيقية فيما بينهم تستفيد من الدروس المستقاة من تفاعلات سنوات الأزمة وتداعياتها، وحقائق الأمر الواقع فيها، لتشكيل عنصر ضغط فاعل على المجتمع الدولي وتحميله مسؤولياته تجاه إنهاء الكارثة الإنسانية العاصفة بسورية.

لا تحتاج النخب السياسية السورية لإعادة اكتشاف البارود، ولن يجديهم نفعاً مناقشة شعارات وبرامج «الحسم» و«الإسقاط»، وثبوت عقمها، مثلما هي الحال مع ثبوت انعدام الجدوى من «الاستقواء على الداخل» و«الاستقواء بالخارج»، وكذلك واقعية التوازي والتساوق والتلازم بين مهمتي مكافحة الإرهاب وإطلاق الحل السياسي على قاعدة التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والعميق والشامل، سياسياً واقتصادياً اجتماعياً الذي يعيد توحيد السوريين وبنادقهم، في وجه الأدوات الفاشية، الغريبة عن المجتمع السوري وبنيته ونسيجه التاريخي.

وبالملموس أكثر، ينبغي وقف المراهنات على الخارج، وتوهم أطراف سورية عديدة في الصراع داخل سورية وعليها، أن «هذا» الخارج أو «ذاك» يعمل لديها، دون رؤية تعقد المشهد العالمي الذي يشهد مخاض تثبيت ميزان القوى الدولي أكثر فأكثر، بتداعياته كافة، بما فيها الإقليمية والمحلية. فلا الأمريكيين ولا الأوربيين ولا بلدان الخليج وتركيا يعملون لدى المعارضات التي تستقوي بهم، ولا الروس ولا الإيرانيين يعملون لدى النظام ويأتمرون بأمرته.

ينبغي ألا تنزلق مجموعة الرياض للمعارضة السورية والقوى المنضوية معها إلى موقع الذراع السياسي لجبهة النصرة الإرهابية على أمل مساعدتها في ضمان تنفيذ «شروطها المسبقة» المعرقلة للحل، وينبغي على النظام العمل بشكل حقيقي على تطبيق القرارات الدولية من جنيف1-2012 إلى 2254 لعام 2015، دون «خط أحمر»، مثلما هو المطلوب من القوى جميعها الضغط لتنفيذ الاتفاق الروسي- الأمريكي الأخير بهدف حقن الدماء السورية والدفع باتجاه استئناف مفاوضات جنيف بوصفها رافعة  أساسية للوصول إلى الحل عبر الحوار السوري- السوري.

إن الحروب والصراعات كلها تجد حلولاً لها على الطاولة في نهاية المطاف، وعلى النخب السياسية السورية من الأطراف جميعها أن تجد بنفسها مجدداً الإرادة والشجاعة الكافيين للوصول إلى الحل السياسي بوصفه الخيار الوحيد في حل الأزمة نهائياً، والذي سيشكل الوصول إليه فرصة تاريخية وانتصاراً للشعب السوري كله.

إن الشعب السوري محكوم بهذا الانتصار، فلا خيار آخر فعلي غيره.

 

حزب الإرادة الشعبية

دمشق 26 أيلول 2016