انتخابات «حيص بيص»!
ـ قضيت الأسبوع الفائت أجمل أيامي بعد أن قررت أن أكون ضيفاً على بعض مضافات المرشحين بشخصية ملائكية و(مسبحة) لا ينطق حاملها سوى كلمات الرحمة والحمد.. قصدت المضافات لأتعرف على هذا العرس الديمقراطي الذي لا مثيل له في العالم أجمع، وعلى الهامش الديمقراطي الذي كنا نأمل اتساعه.. وليته لم يتسع على هذه الشاكلة: فهو وإن بدا بحالة جيدة و(عال العال)، فإنه مضموناً لا يشكو (والحمد لله) من أي شيء سوى أنه هامش كاذب بجدارة... فقط لا غير!!
لم تسلم أية مضافة من شرّي، وجربت كل أنواع القهوة بالنخوة العربية وصحرائها المنكهة بالهيل.. لزيادة أريحية ضيافتها تماشياً مع روح الديمقراطية الكريمة الرصينة.. وللحقيقة والأمانة أنني بشخصيتي الجديدة المحايدة، لم أضطر للتصفيق لأي من المرشحين كما فعل بعض الزملاء الصحفيين في الصحف (الصديقة) والحديثة، حيث قاموا بتقديم التهاني والتبريكات وإعلانها على مكبرات الصوت وإذاعات المرشحين دون خجل أو حياء، لأخذ بعض ابتسامات هذا المرشح أو تلك القائمة أو شيئاً من (كرمهم) الحاتمي.. متناسين كل ما قيل ويقال عبر الصحافة والفضاء الاليكتروني عما يفعله هؤلاء، وخاصة أصحاب الطغم المالية المعروفة للجميع.
· ـ ما بين القانون الإنفاقي والمرشح.
من المعروف أن رئاسة الجمهورية قد أصدرت قبل الانتخابات بفترة وجيزة مرسوماً عدلت بموجبه إحدى مواد قانون الانتخابات العام، ليتحدد سقف الإنفاق المالي على الدعاية الانتخابية لكل مرشح بـ /3/ ملايين ليرة سورية، مع إلزام كل مرشح بتعيين وكيل مالي يشرف على الصرف، والكلام هنا موجه لوزارة الداخلية.. فأين الإجراءات الرادعة لتجاوز البعض لهذا القانون وخاصة أصحاب النفوذ والمعالي الذين تعاملوا مع القانون وكأنه شيء لم يكن؟؟ وبحساب بسيط فإن معظم تلك المضافات تصل المصاريف فيها يومياً إلى مئات الآلاف ...كيف؟.
اكتشفت أن إحدى المضافات المعروفة والقائمة في وسط دمشق يأتيها يومياً 500 عضو من جماعة العراضة والسيف والترس، وتضم أكثر من 150 عامل خدمة على مدار 24 ساعة.. ورشة عمل كاملة لتقديم الاركيلة والمعسل.. فرسان يقدم أجمل العروض بالفروسية يعودون بالذاكرة إلى أيام المتنبي وامرئ القيس، ليقول من وضعهم في خدمته لهذا الشعب المغلوب على أمره: الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم.
و«يا ويلوا يلي ما يعطينا صوتو ... فنحن قوم لا نُغلب.. ولا نشبع!!
جفت حلوقكم أليس كذلك؟ حسناً لاتجزعوا.. فهناك السكاكر والكرميلا المصنعة خصيصاً لهذا المصاب الجلل (موت الديمقراطية) الله لا يفجعكم بعزيز، يتم تقديمها للوجهاء وأصحاب السعادة ولكم إن أردتم؟؟ وهناك إذاعة ذات تقنيات عالية جداً، وشاشة عرض كبيرة لمشاهدة ما ينسيكم الغم والهم ، كاميرات تصوير من جميع الزوايا بإمكانات هائلة تفوق قدرات الفريق الإذاعي والتلفزيوني حين تغطيتها للاحتفالات الوطنية.
فكم تكلف هذه الإبداعات يومياً (بربكم) ألا تصل لحدودترمي خلفها بعيداً الملايين الثلاثة القانونية؟.
أين المحاسبة حسب القانون المعدل، تمنينا لو أن الزميل صاحب زاوية (تعا نحسبها) يتناول هذه الحسابات بدقة ويعطينا الأرقام الحقيقية والخيالية لأصحاب الشأن.
· ـ وكلاء عند الطلب.
يقال إن بعض المرشحين وصل عدد وكلائه حتى الآن إلى 9100 وكيلاً بأجر وصل رقمه النهائي حتى كتابة هذه السطور إلى 3500 ليرة، أي أن كلفة الوكلاء وحدهم وصل إلى حدود /3/ ملايين، وما زال معظم المرشحين يتابعون هجومهم المكثف على الوسط الطلابي بتقديم العينات المادية لهم وإقامة الرحلات الترفيهية المنشطة قبل البدء بالعملية الانتخابية، ليصبح أكثر قدرة على إغراء فريسته، وقد وصل سعر الصوت الواحد مبدئياً إلى 500 ليرة، وما زال البعض يعمل على طريقة (خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود) وليصبح (خبي صوتك الأبيض ليومك الأخير) الذي سيصل إلى 5000 ليرة كما حدث في الدورة الماضية بلحظاتها الأخيرة.
· ـ الجبهة مع ثائر العلي.
آخر صرعات الحملات الانتخابية، وفي إطار المنافسة الشريفة، أقامت الجبهة الوطنية التقدمية حفلاً فنياً ساهراً بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية للظفر بالبقية الباقية من الطلاب الذين لم يبيعوا أنفسهم للمرشح، فتعالت الحناجر وهزت الخصور على أنغام سلمى بنت الجيرانة...... مو بالوحدة الأولى التانــة.. بكرى ترشح فلانة.. وتحب يلي بالوحدة التامنة. وهكذا تحول الحفل إلى مهرجان ديمقراطي خاطب فيه الفنان ثائر العلي الجمهور ببرنامجه الغنائي الهادف دعماً لسلمى ولقضاياها الكبرى ولمرشحي الجبهة الذين أكلهم الدهر وشرب، ولسان حالهم يقول: لن نرضى إلا بأنفسنا أعضاء في هذا البرلمان العتيد مناضلين أشاوس من أجل نجاحنا ونجاح من لف لفنا.
· ـ ما بين الجبهة وقوائم الظل.
المرض الذي تعانيه سورية على مدار الدورات التشريعية السابقة، هي قوائم الظل التي يقال إنها الشغل الشاغل لبعض المتنفذين والأقوياء في البيع والشراء، وذلك لتثبيت أسمائهم في تلك القوائم التي اتفق عليها الشعب السوري على أنها نفسها التي تتكرر في كل دورة، وهي مطبقة في جميع المحافظات السورية ومصانة ضد كل تهديد ووعيد.. وممنوع الاقتراب منها.. وتوتر عال.. خطر الموت، وهي ناجحة سلفاً بحكم العادة.
وهنا ننوه بأن قوائم الظل وأبطالها مقربون جدا من بعض مراكز القرار في البلد، ولهذا نبشر الأخوة الناخبين بأن القوائم كلها مغلقة، وفتحها يحتاج إلى أحجية في مكان ما! وفهمكم كفاية؟؟
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.