خالد نعمة خالد نعمة

تغيير الواقع الانتخابي واجب وضرورة

تميزت انتخابات مجلس الشعب في دوراته السابقة بظاهرة ضعف الإقبال على الاقتراع في جميع المحافظات السورية. ورغم زيادة حصة المستقلين لتصل إلى أربعين بالمئة من مجموع مقاعد المجلس، ودخول مجموعة كبيرة من كبار المتمولين إلى حلبة السباق الانتخابي، وضخهم لكميات هائلة من الأموال للدعاية وشراء الأصوات في السوق الانتخابية، إلا أن كل ذلك لم يحدث تغييراً جوهرياً وملحوظاً في معدلات الإقبال الجماهيري.

وكان العزوف عن الانتخاب واضحاً لدى كثير من الحزبيين الجبهويين، وبضمنهم بعثيون قبل غيرهم، بسبب الاستياء من القوائم الجبهوية المشكلة ومن نوعية بعض المرشحين الداخلين في عدادها، ناهيك عن عزوف غير الحزبيين والحياديين بسبب القناعة المسبقة بعدم إمكان تغيير الواقع، ولعدِّهم أن قوائم الجبهة ناجحة سلفاً وأن نتائج التصويت مسبقة الصنع ومحسومة.

ولعبت مركزة العملية الانتخابية في يد البعثيين، ابتداءً من لجان الترشيح، مروراً باللجان الانتخابية ولجان الصناديق ولجان الفرز، وصولاً إلى طريقة إصدار قوائم الجبهة وشكلها دوراً أساسياً في تكريس القطيعة بين شريحة واسعة من الناخبين وصناديق الاقتراع.

وكان للتسلسل المتبع في اعتماد القوائم الجبهوية أسوأ أثر، فهو التسلسل الذي يبدأ مضموناً باقتراحات يقدمها كل حزب من أحزاب الجبهة بأسماء مرشحيه، الذين يزيد عددهم مرتين على الأقل عن الحصة المقررة له، وينتهي بأن تكون لقيادة حزب البعث القطرية الكلمة الأخيرة في اختيار مرشحي البعث ومرشحي بقية أحزاب الجبهة، وهو الأمر الذي لم يعكس في كل الأحوال أية روح تحالفية حقيقية، وإنما أظهر نوعاً من أنواع الوصاية غير الصحية. وضاعف من شدة الأثر السلبي ذلك شكل القائمة، الذي يبدأ بمرشحي البعث حسب تراتبيتهم الحزبية، تاركاً أسفل القائمة لباقي المرشحين الجبهويين مهما كان علو درجتهم بروتوكولياً مقارنة بأقرانهم وحلفائهم البعثيين.

ولم تعكس حصة الجبهة المقررة سلفاً بنسبة 60% وزن الجبهة الفعلي على نطاق البلاد، مثلما أن حصص أحزاب الجبهة دون البعث والمحددة بـ36 مقعداً لم تتغير منذ تأسيس الجبهة، ولم تأخذ هذه الحصص تغير أوزان الأحزاب الجماهيرية صعوداً أو هبوطاً على مدى الأيام، تماماً مثلما أنها لم تعكس إطلاقاً نسب التمثيل في أعلى هيئة قيادية جبهوية، ونعني بها القيادة المركزية للجبهة، وهي إضافة إلى ذلك لم تراع ازدياد عدد الأحزاب المكونة للجبهة مرتين عما كان عليه عددها لحظة التأسيس والإعلان.

ولأن الحليف الحقيقي هو من صَدَقَ حليفه لا من سايره، فإننا نقول إن استعادة قوائم الجبهة الوطنية التقدمية لهيبتها وناخبيها تتطلب قبل كل شيء تشاوراً حقيقياً بين كل أحزاب الجبهة مجتمعة حول كل المرشحين، الذين يُفترض أن يُعتمدوا ضمن القوائم الجبهوية على أساس الكفاءة والنزاهة وبياض ذات اليد، بعيداً عن كل محاصصة مهما كانت الذرائع التي تقبع خلفها، فالمرشح الجبهوي هو مرشح عن كل الأحزاب المكونة للجبهة، وليس مرشحاً عن حزبه فقط. وإذا كان هذا المرشح سيئاً، فإنه سيسيء إلى سمعة كل هذه الأحزاب.

لقد حان وقت التغيير الحقيقي، لذا على الجبهة وأحزابها ومناصريها أن يحسنوا اختيار ممثليهم إلى الدور التشريعي القادم، كي يمكنهم أن يضعوا الأسس القانونية اللازمة لإحداث نقلة سياسية نوعية في حياة البلاد، هذه النقلة التي يمكن أن تجد التعبير الأفضل عنها بإقرار قانون جديد للانتخابات على أساس النسبية والدائرة الواحدة مع التفكير بآلية لصيانة مبدأ التحالف القائم وتعزيزه.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الإثنين, 14 تشرين2/نوفمبر 2016 10:56