الاستحقاق الانتخابي: «لا» لحيتان المال..!

السؤال الأكثر بروزاً الذي واجهنا خلال الحملة الانتخابية كان يتعلق بالنزعة الواسعة لدى المواطنين للعزوف عن المشاركة في الانتخابات بسبب إحباطهم واستيائهم من نتائج الانتخابات السابقة وما تمخضت عنه من أجيال من النواب النوّم الذين يجيد معظمهم «الخطابة»، ولا تجيد غالبيتهم المطلقة «الفعل» لصالح قواعدهم الانتخابية المفترضة.

وكان من التقينا بهم وسمعنا منهم يحاججون بحق: «ومين بدي أنتخب؟ فلان صاحب الابتسامة الصفراء؟ ولا فلان صاحب الملايين يللي ما رح يسلم علي بعد ما يسكر مضافتو؟ ولا فلانة يللي عم تتطلع بنظرة والعياذ بالله؟» وتعليقات من هذه الشاكلة...

كان ردنا يتلخص ببساطة بنقاط عدة أبرزها: إن هذا المنطق ينطلق من رد الفعل وليس من الفعل وهو بالتالي انفعالي لا يؤسس لأي تغيير تراكمي منشود، لا ببنية القانون الانتخابي الحالي ولا بتركيبة المجلس النيابي الناتجة عنه، وأن هذا الموقف السلبي إنما يصب الماء في طواحين استمرار الوضع على حاله، لجهة الثنائية الكابحة: تدخل الدولة وتدخل رؤوس الأموال الكبرى في تحديد التركيبة/ المحصلة، ودائماً على خلفية غياب البرامج الانتخابية الحقيقية من جانب المرشحين أحزاباً وأفراداً، أي أن إخلاء الساحة أمام حيتان المال لا يوقفهم بل يعطيهم مداً ولاسيما إن عرفنا أن بعض المقاطعين (بعض طلاب الجامعة وسكان الأحياء الفقيرة مثلاً وتحت ضغط الحاجة) يقاطعون ذهنياً ولا يقاطعون عملياً بل يشتغلون لصالح هؤلاء الحيتان لقاء حفنة تقل أو تكثر من الأموال في بورصة الوكلاء والصناديق، أي أنه لو كانت البرامج الانتخابية أكثر عدداً لتحولت إلى شيء من نمط وثقافة تستقطب تلك الشرائح ذاتها التي لن تقع في مطب تناقضاتها هي بالذات.

إن المعركة الانتخابية الجارية حالياً هي بالدرجة الأولى معركة وعي تتعلق بالتأكيد على خيارات الوطن في هذه المرحلة من اشتداد الضغوط عليه من الخارج بالعدوان ومن الداخل باستشراء النهب والفساد والإفساد، أي أنها بالأحرى معركة اختيار أولئك الذين يفترض بهم التعبير عن الإرادة الشعبية في مختلف الملفات وطنياً، واقتصادياً-اجتماعياً وديمقراطياً، وذلك من خلال مراقبة الأداء الحكومي وكشف مكامن الخلل فيه، (وهي مستفحلة) وليس السماح بوصول أناس يغيب عن قاموسهم كلياً مفردة «لا»، ولماذا تحضر هذه المفردة إذا كانت كل مصالحهم محققة على حساب مصالح الشعب الذي ينبغي أن يشارك في العملية الانتخابية ولو باستخدام تلك المفردة في وجه هؤلاء عل ذلك يصيب النواب النيام بالعدوى...! وإلا كيف يمكن أن يجري التغيير؟ 

آخر تعديل على الإثنين, 14 تشرين2/نوفمبر 2016 11:10