د. قدري جميل في ندوة «الماركسية والماركسيون في عصرنا»... يجب أن نعرف حدود الثابت والمتغير في الماركسية
احتلت الماركسية منذ أواسط القرن التاسع عشر حتى الآن موقعاً مؤثراً بامتياز على مسار تطور البشرية، فقد ملكت أفكارها عقول ملايين الناس وقلوبهم، في القارات كلها، حين حللت نظام الاستغلال الرأسمالي، وأوضحت الآفاق لتجاوزه، وإمكانية انتقال البشرية إلى نظام أرقى وأكثر عدالة وديمقراطية، يحد من الاستغلال، أي النظام الاشتراكي، وبتأثيرها تشكلت وعملت أحزاب، وجرت معارك وطنية واجتماعية واسعة، وتحققت انتصارات تحررية لأوطان وشعوب، وجرى صراع وتفاعل بين العقول والأفكار، أديا إلى إثراء المعارف الفلسفية وعلم الاجتماع إثراء كبيراً).
بهذا المدخل افتتح الرفيق علم الدين أبو عاصي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري (فصيل النور)، النقاش في الطاولة المستديرة التي دعا إليها ونظمها مكتب العمل الفكري والتثقيف الحزبي المركزي بعنوان: (الماركسية والماركسيون في عصرنا)، بعد أن رحب بالمشاركين والحاضرين.
شارك في الندوة عدد من المفكرين والباحثين هم: د. نبيل مرزوق، د. قدري جميل، د. أحمد برقاوي، د. ماهر الشريف، أ. صريح البني، د. ابراهيم قندور، أ. عطية مسوح، د. طالب غريبة، م. أمين الحافظ.
الرفيق أبو عاصي أكد على ضرورة قراءة الماركسية وفق مقتضيات العصر وتطبيق منهجها النقدي على نصوصها.
ورأى د. برقاوي أن تقدم المعرفة ومناهج التفكير يجعل من الصعب أن نعطي منهجاً واحداً فضل الصحة المطلقة على الفكر.
أما د. الشريف فرأى أن الأزمة طالت المنهج كما طالت النظرية، ولا فصل بين المنهج والنظرية.
أ. صريح البني قال: إن فاعلية الماركسية التاريخية وجدواها تستمران من خلال الخبرة المستفادة من نجاحاتها وعثراتها.
ورأى د. قندور أن ما وصلنا عن دار التقدم ليس النصوص الأصلية، بل حذف منها وأضيف إليها الكثير لأغراض أيديولوجية.
وشدد د. مرزوق على أن تناول القضايا الجديدة يحتاج إلى إعادة استخدام المنهج استخداماً دقيقاً.
فيما رأى الأستاذ عطية مسوح أن تجديد الماركسية لا يخرجها من منطقها، فهي فلسفة نقدية تعتمد النفي طريقاً للتجدد.
د. طالب غريبة ذكّر بأن الاشتراكية تشكيلة أرقى من الرأسمالية، وهي تنشأ وتنمو في أحشائها وتأتي بعدها.
وبيّن الأستاذ أمين الحافظ أن صيغة حزب العمال والفلاحين لم تعد معبّرة عن واقع الحال في الحزب الشيوعي.
د. قدري جميل أكد أن الماركسية علم، والمنهج هو مكوّنها الأول، ولها قوانين تنتفي بانتفاء الظاهرة التي تدرسها. ومادامت الماركسية علماً ولها هذه المكونات، فأين هي المشكلة؟ أرى أنها عدم فهم الماركسيين للماركسية بوصفها علماً، وبالتالي عدم قدرتهم على إيجاد الحدود بين الثابت والمتغير فيها، وعملياً هذه الحدود متحركة وغير ثابتة، لذلك عندما نريد أن نجدد، وحتى لا نطرح المولود مع الماء الوسخ، فيجب أن نعرف حدود الثابت والمتغير، وأن نشتغل في مخبر العلم والحياة على هذه المسألة، وإلا فسنكون إما مبسّطين ونرمي كل شيء، أو نكون كالأصوليين ونعمل مثلهم، نحافظ على كل شيء حتى نحمي أنفسنا من صعوبة التفكير في القضايا الجديدة.