مع سورية أم مع روسيا..!
قبل أن «يتفصحن» أحد علينا بالقول، بأن روسيا ليست الاتحاد السوفييتي، وأن روسيا رأسمالية، وإن روسيا تدافع عن مصالحها، وما إلى ذلك من كلام ممجوج، نقول:
نعرف ذلك كله، وبالتأكيد نعرفه أكثر من غيرنا، ولأننا كذلك، نستطيع أيضاً أن نقرأ بشكل صحيح، دور روسيا الراهن، وموقعها في شبكة العلاقات الدولية، واتجاه تطور الأحداث أيضاً، ونعرف لماذا يشترك اللصوص الدوليين كلهم، والفطريات كلها على مزبلة الإعلام البرجوازي: العالمي، والمحلي، والاقليمي، المعارض، والموالي، الديني، الطائفي، القومي، والليبرالي، في الهجوم على روسيا؟
لمن يريد أن يفهم..
سورية في مأزق تاريخي، يهددها في وجودها، وروسيا منذ بداية الأزمة وحتى الآن، تحمل مشروعاً متكاملاً للحل، عملت عليه بالطرق الدبلوماسية، والسياسية، ومن خلال المؤسسات الدولية، صحيح أن تكتيكات الروس تغيرت، ولكن الموقف من الحل السياسي كان دائماً في رأس الأولويات، فعندما حاول الآخرون الاشتغال على الوقت، وتسجيل النقاط، وتمكين قوى الفاشية من تمرير مشروعها بإثارة الفوضى، وخلق تراكم كمقدمة لتقسيم مفترض، كان السوخوي بجبروته كله حاضراً، دخول السوخوي لم يكن تراجعاً عن مشروع الحل السياسي بل جاء تخديماً له، فالمستهدف بالسوخوي هي تلك القوى التي تجاهر بالقول أنها لا تريد هذا الحل، وتحديداً قوى الفاشية، «حرب في خدمة الحل السياسي» المسألة باختصار، أن روسيا تحاول إيقاف هذه الحرب المسخرة، ودفن الإرهاب، وخروج سورية من المأزق، ولأن الأمر كذلك فأن الدفاع عن الموقف الروسي هو دفاع عن وجود سورية، وبالتالي فإن الدفاع عن روسيا هو ليس حباً بروسيا، بقدر ما هو دفاع عن سورية. أما لماذا تفعل روسيا ذلك، فلأن روسيا تعرف بأنها مستهدفة أمريكياً، بالفوضى ومحاولات التفتيت، وإن إشعال محيطها الجيوسياسي هو مقدمة لإشعال البيت الروسي، أما لماذا هي مستهدفة، فلأن مستوى الأزمة الاقتصادية الرأسمالية، يفرض على النخبة الأمريكية الحاكمة الاستفراد بالهيمنة، وهي بذلك تضع الولايات المتحدة في مواجهة الكل، ولأن الأمر كذلك فإنه لا يمكن أن يمر ذلك دون ردود أفعال، ولأن روسيا اقتصادياً تمتلك أربعين بالمئة من الثروة العالمية، ولأنها تمتلك عسكرياً ترسانة توازي القوة الامريكية، وربما تتفوق عليها، ولأنها جغرافياً جسر تواصل أوربي أسيوي،«أوراسيا» وما أدراك ما أوراسيا، ولأنها ثقافياً لم تتفسخ، وتتعفن بعد، بالنزعة الرأسمالية الغربية الأنانية، الجشعة، التي ترتكب الحماقات والفظائع كلها، فمن الطبيعي أن تكون مستهدفة قبل الجميع، ومن الطبيعي أيضاً أن ردّ فعلها أقوى، ردّ الفعل الروسي هذا يتطابق مع الحفاظ على وحدة سورية وحق شعبها في تقرير مصيره.
لمن يفهم ولا يريد
الولايات المتحدة تتراجع، هذه الحقيقة لم تعد مجرد موقف أيديولوجي، و لا هو تنبؤ علمي فقط، بل هو بالإضافة إلى ذلك بات واقعاً ملموساً، يعترف به حتى الأمريكان العقلاء، بما فيهم الكثير من النخبة الإعلامية والسياسية، وبالتالي، لا يوجد مبرر بأن تكونوا ملكيين أكثر من الملك، ومن يرسم سياساته، ويضع برامجه، ويضع خططه، على أساس أن الولايات المتحدة قادرة كالسابق في التحكم باتجاه تطور الأمور، واهم، واهم، وكمن يحفر قبره بيده.
انتبهوا! التاريخ لا يسخر فقط، بل أحياناً يصفع، و«يبهدل» من يستمر في المكابرة والعناد الأجوف، موتوا بغيظكم يا أيتام امريكا..