نائب رئيس هيئة أركان الجيش الروسي 1996 - 2002 المدير الحالي لمعهد الدراسات الجيوسياسية في موسكو الجنرال «ليونيد إيفاشوف» لـ«قاسيون»: يمكن للقوة العسكرية أن تحتلّ العالم.. ولكن لا يمكنها احتلال المثل العليا وإرادة الشعوب
اغتنمت «قاسيون» فرصة وجود نائب رئيس الأركان الروسي السابق الجنرال «ليونيد إيفاشوف» في سورية، فأجرت لقاء مطولاً معه، وكان الحوار التالي..
■ كيف تقرؤون الوضع على الساحة الدولية في ظروف الإدعاء بهيمنة القطب الواحد، وفي ظل الدور الوظيفي للرأسمال المالي المعولم؟ وماذا عن دور الأقطاب الأخرى؟
أعتقد أن العالم وصل إلى وضع خطر جداً، وفيما لو استمر واقع الحال هكذا ستكون هناك نتائج كارثية معولمة، وهنا علينا إدراك ماذا يعني مفهوم عالم «القطب الأوحد».
البعض يتصور أنه دولة هائلة القوة تدعي أنها موكلة بقيادة العالم وتفرض عليه هيمنتها، ولكن مفهوم عالم «القطب الأوحد» هو أخطر من ذلك بكثير، إنه عالم الإيديولوجيا الواحدة والدين الواحد، عالم المعايير الواحدة المفروضة على الدول الخاضعة للهيمنة. والجانب الأخطر لما يسمى بعالم «القطب الواحد» ـ من وجهة نظري ـ هو ما أسميه محاولات تغيير الجوهر الروحي للإنسان وللإنسانية بوجه عام، وكذلك تسميم القيم المعنوية والروحية للإنسان، وإخضاعه لمعايير غريبة عنه. بكلام آخر انتزاع الوجود الروحي للإنسان وتحويله إلى «ربوت بيولوجي» لا يفكر إلا بملذاته وغذائه دون السماح له بامتلاك أية قيم عليا، كالثقافة والموسيقى والجمال والعلوم، وهذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه الإنسانية المعاصر.
يمكن للغرب تحقيق انتصارات في المجال الاقتصادي من أجل إيديولوجيا النفاق والرياء. ويمكن للقوة العسكرية أن تحتل العالم، ولكن من المستحيل منع البشر من امتلاك المعتقدات الروحية والنزوع نحو القيم والمثل العليا والطموح الثقافي الرفيع، أي مقاومة كل المعايير التي تحاول فرضها قوة العولمة على البشرية.
نلاحظ اليوم أن مجال الصراع في العالم من أجل الاستقلال والمحافظة على الثروات الوطنية، والتراب الوطني، يشمل الصراع من أجل المحافظة على منظومة القيم الروحية والمعنوية والهوية الوطنية لدى كل شعب من شعوب العالم.
■ في ظل هذا الصراع المحتدم ماذا عن قطب الشعوب في مواجهة قطب الامبريالية العالمية؟
إن جوهر القطب الأمريكي يكمن في الربح والمكاسب، وإذا ذهبنا أبعد من ذلك نقول إن ما يسمى بالحضارة الأطلسية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لايهمها إلا نهب الشعوب مالياً ومادياً وروحياً، في حين أن جوهر الحضارات التي تتعرض للتهديد هو الضمير والقيم، وهنا لا يمكن الجمع بين منظومة القيم ومفاهيم الربح والمكاسب، والعالم اليوم ينقسم إلى قسمين: قطب الولايات المتحدة والدول الامبريالية الأخرى بما في ذلك الطغمة المالية في روسيا، وكل هؤلاء يتمسكون بمبدأ النهب والربح والمكاسب، وعلى الضفة الأخرى قطب الشعوب، التي بدأت تعي ضرورة إعلان المقاومة بوجه القطب الأول، ولذلك يمكن القول إن قطب الشعوب آخذ في التشكل الحثيث، وهذا يثبت مقولة لينين إنه: «من الملاحظة البسيطة، إلى الوعي التجريدي، ثم الانتقال إلى التطبيق العملي..». وهذا يعني أن قطب الشعوب يتكون اليوم في أدمغة ووعي البشر، وغداً سيتحول إلى أطر تنظيمية محددة، ثم يتجسد هذا بأعمال ملموسة على الأرض.
أعتقد أن العالم الطبيعي لا يمكن أن يكون بقطب واحد، مثل الإنسان لا يمكن أن يسير بقدم واحدة. عندما كان الاتحاد السوفييتي موجوداً لأول مرة في تاريخ البشرية كان هناك توازن في العالم. أي أن الخلل الموجود في العالم اليوم لن يستمر طويلاً.
■ انطلاقاً من هذا التحليل ما مصير المشروع الامبراطوري الأمريكي سواء على مستوى ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير، أو على المستوى الكوني؟
تجب الإشارة أن الأمريكيين كشعب ليسوا مسؤولين عن مخاطر عالم القطب الواحد والنتائج الخطيرة الناتجة عنه والتي تتعلق بمصير البشرية ككل، وكذلك يجب التنويه أن رؤساء أمريكا والكونغرس يتولون فقط إدارة الدولة بكل تفرعاتها، أما أصحاب المسؤولية الحقيقية تحت السطح الظاهر هم رؤوس الطغمة المالية العالمية، الذي ينتهجون نظام النفاق والخداع في إدارة العالم. وجوهر هذا النظام يتميز بخلق وضع يمكن معه قيادة العالم بالأسلوب المالي، بحيث يمكن توظيف الرساميل في المشاريع الكبرى المربحة، وشراء الأنظمة هناك، أو إسقاط الأنظمة في أي مكان، أي خلق ذلك النظام العالمي المتحكم به مالياً وإجبار البشر على تنفيذ ما تقرره لهم رؤوس الطغمة المالية العالمية والهدف الأول والأخير هو الربح والذي من خلاله يجري التحكم بالسلطة، واليوم تجري محاولة بناء وإقامة عالم تتحكم المضاربات المالية وبالتالي قيادة هذا العالم وكل التحولات الجارية فيه عبر من يملك المال.
■ دون أي اعتبار لمصير البشرية والطبيعة؟
بالطبع لا، لأن الولايات المتحدة تنفذ دوراً إيديولوجياً هو تنفيذ إرادة الطغمة المالية العالمية في تزوير وانتهاك حقوق الإنسان والديمقراطية ورسم معايير حقوق الإنسان والديمقراطية انطلاقاً من مفهوم الربح والسيطرة. إنهم في الغرب يخدعون البشرية ويزورون الحقائق، لأن حق الشعب هو الأساس، والشعب نفسه هو من يحدد شكل حقوق الإنسان، بينما نلاحظ أنهم يقلبون الحقيقة رأساً على عقب، ينكرون حقوق الشعوب في الحرية والاستقلال وتقرير المصير ويتشدقون بـ«حقوق الإنسان» التي يستلبونها هم أنفسهم.
من جانب آخر نلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بدور الإدارة السياسية للطغمة المالية العالمية، وتلعب دور الدركي العالمي الذي يحاول أن يبيح لنفسه القضاء على دول، والتنكيل بمختلف الحضارات.
أما فيما يخص الشرق الأوسط فنلاحظ استخدام الأدوات والأساليب نفسها التي تتبعها الامبريالية العالمية في مختلف بقاع العالم: أولاً نهب العالم العربي، ثانياً إقامة أضخم قوة عسكرية غربية في المنطقة، ثالثاً تقسيم وشرذمة العالم العربي. وفي حال ظهور أية دولة عربية قادرة على لعب دور القائد الفعلي للعرب يجري العمل على تدميرها إما بالانقلاب أو بوسائل أخرى. هكذا جرى التعامل مع الرئيس جمال عبد الناصر.
لا شك أن الولايات المتحدة موجودة بقوة في الشرق الأوسط وغيره من مناطق العالم، وحيث تتواجد تعمل على أن يكون لها دول حليفة منفذة لسياستها، وهنا في الشرق الأوسط يوكل لإسرائيل لعب هذا الدور بقوة.
وكان الهدف من إقامتها، لعب دور المنفذ لأهداف وسياسات الطغمة المالية العالمية التي تتجسد في شرذمة دول المنطقة وتهديدها. إسرائيل هي الفصيل العسكري المتقدم للامبريالية في الشرق الأوسط حيث جرى تسليحها بأحدث التكنولوجيا العسكرية، وجعلها الغرب دولة نووية من أجل جعل الشرق والعرب تحت خطر تهديد السلاح، وهي لا تريد السلام مطلقاً، وترفض التخلي عن الأراضي الفلسطينية والانسحاب من الجولان المحتل. إذا وافقت إسرائيل على السلام يسقط دورها الوظيفي في خدمة الطغمة المالية العالمية. إنها دولة ذات دور وظيفي عدواني في المنطقة، وهذا ما يفسر حروبها واعتداءاتها المتكررة على الدول العربية. ولا ننسى أن قيام إسرائيل كان مرتبطاً بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، لكن أصحاب فكرة قيام إسرائيل والصهيونية العالمية قاوموا ومنعوا للآن قيام الدولة الفلسطينية. ومن جهة أخرى إسرائيل دولة نووية دون إعلان رسمي ويقوم الغرب بتغطية جرائمها ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى.
■ بماذا تتميز روسيا اليوم عن روسيا الأمس، وماذا ينتظر روسيا غداً؟
إذا كان القصد حول الفرق بين روسيا في عهد يلتسين وروسيا اليوم يمكن القول إن روسيا في عهد يلتسين دخلت مرحلة الكارثة بالنسبة للشعب الروسي والشعوب الأخرى في داخلها. فكل ما كان موجوداً عبر قرون من حيث القوى المنتجة، الاقتصاد، الثقافة، العلوم جرى تهديمها. فكل إمكانات الدولة الاقتصادية أعطيت لأيدي القطاع الخاص بأبخس الأثمان، واليوم نقيم تلك المرحلة بأننا كنا في حالة احتلال من الصهيونية. وحصلت لدينا تجربة فريدة، بحيث توحدت الطغم المالية ـ وخصوصاً اليهودية ـ مع الأقليات العرقية في البلاد، وليس مصادفة أن يجري عندنا الآن تحليل طبيعة نشاط الطغمة المالية في الموجة الأولى خلال عهد يلتسين، حيث يتبين أن رؤوس الطغمة المالية اليهود من أمثال بيريزوفسكي، غوسينسكي، فاداركومسكي، توحدوا مع المتطرفين في الشيشان، وهذا ما يحدث اليوم في البلقان وغيرهما من بقاع العالم، وقد أشرنا أن الرأسمال العالمي تحالف في الشرق الأوسط مع إسرائيل بالدرجة الأولى.
إن الذي غير روسيا اليوم عما كانت عليه في عهد يلتسين هو في حقل القيادة، ففي عهد يلتسين كانت القيادة موكلة ليس للصفوة بل للعشيرة، وكانت عناصر هذه العشيرة من الرأسمال اليهودي والشيشاني المتطرف وبعض الرأسمال الروسي، لكن الرأسمال اليهودي والشيشاني شكل آنذاك 80 % من مجمل الطغمة المالية التي سيطرت في عهد يلتسين.
■ هل يمكن القول إن الصهيونية كانت القوة السياسية الضاربة في عهد يلتسين؟
بالتأكيد. وهنا يجب التوضيح أن بعض الصهاينة في روسيا كانوا في مواقع وظيفية عادية لا يملكون أية ملاءة مالية (أمثال خادار كوفسكي)، ولكن مع بداية عهد يلتسين تلقوا أموالاً هائلة عبر سفارتي بريطانيا والولايات المتحدة، وتمكنوا من تكوين امبراطوريات اقتصادية بثمن بخس، وتحققت لهم السيطرة على مشاريع مربحة جداً في اقتصاد الدولة، وساعدهم على ذلك انتشار الفساد الذي لم يمكّن رؤوس الطغمة من السيطرة على الاقتصاد فقط، بل من شراء المناصب الرفيعة في جهاز الدولة، وسأضرب مثالاً: عندما تم اعتقال خادار كوفسكي وجدوا بحوزته «وصيته» التي يقول فيها: إنه في حال الوفاة أو عدم القدرة على إدارة مشاريعه، تعود المشاريع والأموال ليس للدولة الروسية ولا حتى إلى يلتسين، بل إلى يعقوب روتشيلد المصرفي اليهودي المعروف. أي الأموال ستعود لمن أعطاها له بالأساس، وهذا يعني أن الطغمة اليهودية الروسية كانت واجهة لنشاط الرأسمال اليهودي والامبريالي العالمي في روسيا خلال مرحلة يلتسين.
في مرحلة بوتين، حاول الرجل تغيير طبيعة العشيرة في إدارة الدولة، وهذا ليس بالأمر السهل فعله خلال ثماني سنوات، لأن الرأسمال الروسي هو أيضاً شديد الارتباط، ومنخرط في الرأسمال المالي العالمي، لكن تحقق إنجاز لابأس به على هذا الصعيد، والعملية مستمرة. ويبرز اليوم دور المتعهد الروسي، ويتبوأ الروس مواقع سياسية مهمة في تركيبة جهاز الدولة، ولكن السؤال: هل سيتمكن بوتين وميدفيدف من متابعة هذا الاتجاه والمحافظة عليه.
لقد استمعت اليوم باحترام لمقولة على غاية من الأهمية طرحها الدكتور قدري جميل في محاضرته «إن الغرب ليس فقط لا يريد روسيا اشتراكية، بل لا يقبل بها دولة رأسمالية ذات سيادة...». اليوم، نحن نلاحظ هذا في سلوك الغرب تجاه روسيا. إن خطيئة يلتسين الاستراتيجية، ومن قبله غورباتشوف تكمن في أنهما انطلقا من فكرة أن «التناقضات التي كانت قائمة بين الاتحاد السوفييتي وبين الغرب تنحصر في الحقل الإيديولوجي».. الأمر ليس كذلك «حيث أن روسيا بالنسبة للغرب وخصوصاً الأنغلوساكسوني هي الحيز رقم واحد، الذي بدون السيطرة عليه أو تدميره لا يمكن السيطرة على العالم». وهناك نظريات ومقولات بهذا الصدد جرى ويجري العمل عليها سياسياً وعملياً.
■ لا شك أنكم مطّلعون على ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت حول ثروات سيبيريا وضرورة حرمان روسيا منها؟
بالتأكيد نحن مطلعون على ذلك، ولكنها ليست أول من يقول ذلك بين القيادة الأمريكية والغربية، إذ سبق لرئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر أن قالت هذا بكل وقاحة، واليوم كوندليسا رايس تصرح بذلك وهي مازالت على رأس عملها الرسمي. وكذلك غير هؤلاء من الشخصيات غير الرسمية في الأوساط الأوليغارشية المالية الغربية.
■ هل مثل هذه الطروحات يمكن أن تقود إلى صدامات لاحقة بهذا الصدد؟
أنا أعمل منذ فترة طويلة في حقل الجيوبولوتيكا، وأسمع كثيراً حول نهاية الحرب الباردة أو عودتها مجدداً. إنني أفكر بشكل مختلف، إنني أنطلق من فكرة الصراع الجيوبوليتيكي الذي لم يتوقف. صراع الضمير والقيم مع الربح والمكاسب، صراع العقل الجماعي في الإنسانية مع الأنانية، صراع الحياة الروحية والشعور الإنساني، مع القبح والشر.
الإنسان لم يولد من أجل إملاء معدته، إنه يعيش كقيمة روحية في انسجام تام مع جمال الطبيعة... منذ فترة كنت في حوار تلفزيوني يشارك فيه من خلف المحيط باحث أمريكي اسمه ران كوهين، وبمعرض محاولته تشويه العالم الإسلامي وقيم الشرق قال: نحن نشترك معكم حضارياً في كل شيء. فأجبته: لا أتفق معك.. نحن لدينا القيم الروحية والتعاون والروح الجماعية، وهذا ما ليس عندكم. إننا أقرب إلى العالم الإسلامي وقيمه الروحية والمعنوية، وليس إلى قيمكم.
■ كيف تقيمون المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان؟
إنه الموقف ذاته من فدائيينا الأبطال الذين دافعوا عن وطنهم أثناء الحرب العالمية الثانية ضد الفاشية والنازية، وإذا كان موقفنا سلبياً من المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق عند ذاك يصبح مطلوباً ليس إقامة النصب لأبطال الحرب ضد المحتلين، بل تحطيم تلك النصب كما يجري الآن للأسف في غرب أوكرانيا.
إن من أهم وأقدس حقوق الشعوب هو الدفاع المشروع عن أوطانها، وهذا ما تنص عليه القوانين الدولية وخاصة ميثاق الأمم المتحدة.
■ تعلمون أن «إسرائيل» تحضر بعد فشل عدوانها على لبنان في تموز 2006، لحرب عدوانية جديدة، هل هذا متوقع؟
إسرائيل نفذت وتنفذ مهمة معطاة لها. لماذا هاجموا لبنان؟ لأن لبنان أصبح دولة تتطور وتتحول إلى ما يقال إنه بنك العرب، لذلك يجب ضرب استقرار هذا البلد وتحطيمه، ومن جهة ثانية كان هدف العدوان ضد المقاومة فيه وحرف الانتباه عن الخسائر الأمريكية الكبيرة في العراق. كذلك خلق حالة صدام سنية ـ شيعية في لبنان، وتعميم الصدام على مستوى الوطن العربي، ولحسن الحظ أن حزب الله أظهر صموداً أدهشنا نحن العسكريين، وحقق معادلة هامة وهي أن روح البطولة اليوم حققت انتصاراً ملموساً على القوة العسكرية المتفوقة. ونحن الآن نلتفت لما يفعله رئيس روسيا البيضاء لوكاشينكو حيث أقام إلى جانب الجيش النظامي فصائل مقاومة على طريقة حزب الله تحسباً لأي عدوان على بلاده، لأن لوكاشينكو يعتقد عن حق أن الجيش النظامي يمكن أن يتحطم في ظل الخلل بميزان القوى العسكري، ولكن المجموعات الفدائية المدربة جيداً والمسلحة جيداً والجاهزة للتضحية من أجل الوطن لا يمكن هزيمتها.
■ ما قراءتكم لأهداف الضغوطات والتهديدات الامبريالية ـ الإسرائيلية ضد سورية؟
من الواضح أن سورية تريد أن تعيش حسب عاداتها وتقاليدها ونمط العيش الذي ارتضته لنفسها. ولا ترضى العيش حسب المواصفات الخارجية، ليس سورية فقط، بل جميع الشعوب تقاوم محاولات السيطرة والهيمنة الخارجية، ولهذا تتحول هذه الشعوب إلى هدف للعدوان. ومثال ذلك ما حصل في يوغوسلافيا والعراق، وقد يأتي الدور على إيران. وللأسف تتعرض سورية كذلك لضغوط من جانب بعض الدول العربية التي تخضع للغرب.. وهنا نجدد الاهتمام بظاهرة الرئيس لوكاشينكو، فهو ينفذ ما يريده الشعب، فالشعب لا يريد الخضوع للغرب، الشعب يريد أن يكون مستقلاً يطور حياته الاقتصادية والاجتماعية، وهذا هو جوهر السياسة التي تتبعها روسيا البيضاء والنابعة من الشعب.
الرئيس بشار الأسد يتابع نهج والده المحترم الرئيس حافظ الأسد، ومن الطبيعي ألا تقبل بذلك إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، إنهم لا يقبلون باستقلالية سورية. نحن نحترم الشعوب والدول التي تكافح من أجل وجودها واستقلالها، كما نحترم القادة الذين لا يباعون ويشترون بالمال، ولا يخضعون للتهديدات والضغوطات.
نحن نرى في أصدقائنا السوريين حلفاء موثوقين ليس من أجل الثروة، بل من أجل تغيير العالم نحو الأفضل. عندما أتواجد في المنطقة ألاحظ حب الناس للاتحاد السوفييتي، وأذكر عندما التقيت الرئيس حافظ الأسد مدة أربع ساعات قال بالحرف: «كل الشعوب تأسف لانهيار الاتحاد السوفييتي، وأكثر هؤلاء الشعوب العربية، وأكثرهم أسفاً لما حدث هو الشعب السوري».. وهنا تدخلت قائلاً: إن أكثر الشعوب أسفاً لانهيار الاتحاد السوفييتي هو الشعب الروسي.