سوق النفط يقترب من الانهيار

أصبح يوم الخامس من آب يوماً أسود في عالم سوق النفط، فالأسعار الآجلة على المدى المنظور لنفط برنت في بورصة لندن، هبطت إلى ما دون «الحد النفسي المهم» لـ120دولاراً للبرميل، إذ تدهورت حتى 118.36دولاراً، وهذا الانخفاض استمر في التبادلات الكبرى العالمية لكل أنواع الذهب الأسود.

لا الحريق في مصفاة شركة فاليرو للطاقة في هيوستن، ولا التهديدات بقطع إمدادات النفط من إيران استطاعت أن تمنع انهيار الأسعار، ففجأة تخلّص السوق من كل مضارباته، وأولى اهتمامه لعلاقات العرض والطلب فقط، وربما يدل ذلك على بداية مسار منحدر طويل الأمد.

بالنسبة إلى إمداد السوق, فقد تسرب مؤخرا أن دول أوبك قد قامت بالفعل بزيادة إنتاجها من النفط لثلاثة أشهر سلفاً، وهو الشيء الذي كانت ملاحظته صعبة على خلفية دوي المضاربة في الأشهر الأخيرة، ولكن مع مغادرة المضاربين للسوق تدريجياًَ بدا ازدياد الإمداد أكثر وضوحاً.

إن الوضع الراهن أكثر فزعاً في مجال الطلب، فقد انخفض استهلاك المنتجات النفطية في أوروبا والولايات المتحدة على خلفية التراجع الاقتصادي، فقد ترسّخ لدى الأوربيين تفضيل وسائل النقل العام على سياراتهم الشخصية، لأن قيادة السيارة يومياً تصبح باهظة الثمن أكثر فأكثر للعديد من العائلات الأوربية، أما في الولايات المتحدة فقد حدث تغير جدي، وبات العديد من الأمريكيين يرفضون شراء السيارات ذات المحرك الكبير والتي كانت حتى الأمس القريب تتمتع بشعبية كبيرة هناك.

لهذا السبب يتوقع أن ينخفض استهلاك الوقود، ولا يتوقع أن يستعيد المستهلكون الأمريكيون نشاطهم السابق، آخذين في الحسبان حقيقة أن الاقتصاد الأمريكي لايزال يواجه خطر التراجع، الذي إذا ما حدث سوف يعاني استهلاك النفط من صدمة كبيرة أخرى.

الوضع في سوق النفط الصيني والهندي يترك المجال للكثير من الرغبات، فتنامي الطلب على النفط في هذين البلدين يحدد بشكل كبير الوضع في سوق الوقود، انطلاقاً من الازدياد المستمر في عدد السيارات.

ولكن الملايين من العائلات الصينية والهندية تعيش على مداخيل هشة للغاية، ويعتمدون على النمو الاقتصادي غير المعقول لدولهم، والعدد الأكبر من هذه المداخيل لا يجسد بمدخرات حقيقية، وحتى أصغر انخفاض في النمو الاقتصادي سيؤدي إلى إلغاء فرص العمل، وسيعني مداخيل أقل للسكان. وإذا ما حدث هذا، فالملايين من مالكي السيارات الجديدة سيتوجب عليهم المشي أو قيادة الدراجات الهوائية مرة أخرى، وعندها ستقوم شركات النفط الكبرى بهدم السوق!!

■ ترجمة قاسيون

آخر تعديل على الأربعاء, 14 كانون1/ديسمبر 2016 14:33